على الرغم من أن قضية (سرقة أموال) من مكتب الرئيس الجنوبي سلفا كير
ميارديت لأكثر من مرة، قضية يمكن اعتبارها (جنائية داخلية) تخص الحكومة
الجنوبية التى تعج بالذين يجيدون هذه اللعبة منذ (قضية الـ60 مليون دولار)
الشهيرة والتي سُرقت فى بداية الفترة الانتقالية؛ إلا أن هنالك ظلال سياسية
ممتدة لمثل هذه القضايا (المخجلة).
بعض هذه الظلال ظلت تمتد الى
السودان، بل لا نبالغ إن قلنا إن (سرقات كبار المسئولين فى جوبا) ظلت وعلى
مدى سنوات مصدر إيذاء للسودان، ولكي نفصِّل الأمر نضعه فى عدة نقاط.
أنباء
سرقة 7 مليون دولار من مكتب الرئيس كير مؤخراً اضطرت الرئيس الجنوبي
لإيقاف رجلين من كبار المسئولين الجنوبيين يُصنّفون عادة ضمن خانة
(الصقور)، أولهما دينق ألور وثانيهما كوستا مانيبي.
إن مجرد إيقاف
مسئولين كبار (بتهمة شائنة) كهذه وهي السرقة، أي (السطو) على الخزينة
الرئاسية، عبر التسلل خلسة، أو باستخدام (أدوات) غير معتادة أو (مفتاح) جرت
طباعة نسخة منه أو (بنفس المفتاح) ولكن فى غيبة الرئيس (ومن ورائه)، مجرد
الإيقاف يعني وجود (أدلة مبدئية) تستوجب التحقيق، فالإيقاف فى حد ذاته مهم
جداً وإن كان مجرد عمل روتيني وصيغة إدارية، إلا أنه جزء وعنصر مهم جداً من
عناصر التهمة، وليس مهماً هنا بعد ذلك أن تثبت التهمة قضائياً أم لا،
المهم أن (التهمة) حامت حول الرجلين والتُهم لا تحوم جزافاً.
هذه
النقطة لها ظلالها (السياسية) على السودان، إذ أن السيد دينق ألور واحد من
غلاة وعتاة المتشددين ضد السودان، خاصة فى قضية أبيي، وللرجل وبقية رفاقه
ما يمكن أن نصفها بضغينة سياسية خاصة جدا تجاه السودان.
فإذا كان رجل
كهذا فى موقع (وزير الرئاسة) أو ما يُعرف فى علم النظم السياسية الوزير
الأول يقع ضحية إتهام شائن كهذا، فإن من المؤكد أن الرجل (سرق الكثير
والكثير جداً من قرارات الرئيس كير فى شئون متعلقة بالسودان)! ليس هنالك من
يسرق مالاً ولا يسرق (أشياء أخرى مهمة).
وليس بمستبعد أن يكون ألور
أحد سارقي قرارات الرئيس كير بشأن وقف دعم المتمردين السودانيين، ومعالجة
كافة النزاعات ما بين البلدين. ليس من المستبعد أن يكون ألور عرقل أيّ
تقارب مع السودان بما في ذلك إعادة ضخ النفط طالما أن قضية أبيي لم تُحل
بعد؛ وهو حل يريد ألور ورفيقيّه، لوكا بيونق وإدوارد لينو، أن يكون
لصالحهم!
النقطة الثانية أن السرقة ربما تكون (بدافع شريف)، رغم طرافة
التعبير! فلربما أراد السارقون –وهم فعلوها للمرة الثانية– أن يجعلوا مكتب
كير (موضعاً للشبهات) وأن يجعلوا الرئيس كير يشك فى كل شيء، ويفقد الثقة في
مساعديه والمقربين منه وهذا سيناريو يخدم (أصحاب أبيي) بحيث يجعلهم أكثر
تأثيراً أو يقود الى فقدان الرئيس كير لأعصابه ومن ثم تتحدد الاتجاهات
والبدائل! ومن المؤكد أن السودان مقصود من بين طيات هذا السيناريو لأن
البدائل -فى تفكير ألور ورفاقه- هي انتزاع أبيي بالقوة!
النقطة الثالثة
إن سرقة الأموال -فى حد ذاتها- مقصودة لدعم بعض المتمردين هنا وهناك ضد
الرئيس كير نفسه وجعله يشك فى من حوله ومن ثم يبدأ باتخاذ قرارات إحالة
للمعاش ويقع فى تخبُطات يستفيد منها ألور ورفاقه، فالسياسة فى الذهن
الإفريقي –وعلى وجه التحديد فى دولة جنوب السودان– هي أن البقاء (لصاحب
المال)، وأن بالمال يمكنك شراء (من تريد) و (ما تريد) فى أي وقت . هؤلاء
المتهمين يريدون شراء أبيي (بدون ثمن)، والسرقة في الأعراف والثقافات
المحلية هناك (ليست جريمة)!
تعليقات
إرسال تعليق