المشكلة ليست في زيادة حصة السكر وإنما المشكلة في طرق التوزيع


جاء في الأنباء أمس ... أن ولاية الخرطوم قررت زيادة حصة السكر لأهل الولاية لمواجهة احتياجات شهر رمضان المعظم .

طبعاً الخبر سر الكثيرين ، ولكن في تقديري أن القضية ليست في زيادة الكمية فقط ... وإنما القضية في طرق التوزيع التي أثبتت فشلها في العام الماضي .

لقد أدخلت الولايات مؤسسات كثيرة في التوزيع ، وآخر تلك المؤسسات هي اللجان الشعبية والتي لا تملك القدرة والمعرفة الكاملة بتوزيع السكر ... ويكفيها فقط استخراج شهادات السكن التي لم تكسبها أية خبرة ، والدليل العام الماضي جاء السكر متأخراً للأحياء مما أضاع للبعض حصة واحدة وآخرين حصتين ... والسبب عدم الخبرة في مثل هذا العمل .

نأمل أن تكون الولاية قد استفادت من التجربة السابقة وأن تكتفي بقنوات قليلة لتوزيع السكر ... لأنه السلعة الأساسية في هذا الشهر العظيم .

ولماذا لا تجرب الولاية إطلاق سلعة السكر في كل المحلات التجارية في العاصمة ... فقط عليها تحديد سعره بحيث لا يستطيع التجار اللعب فيه .

والتلاعب في سلعة السكر لا يأتي من البقالات والحوانيت الصغيرة وإنما من جهات أخرى تسعى للسيطرة على حصص الأحياء ... خاصة إذا جاءت الولاية بتجربة العام الماضي ... وهي تعبئة السكر في عبوات صغيرة وبالرغم من أن التعبئة الصغيرة ناجحة في إيقاف التهريب ، خاصة أن الجوالات الكبيرة لا يستطيع أحد شراءها .

قبل سنوات مضت شهدت الخرطوم أزمة خانقة في السكر ... وغادرت الخرطوم إلى اليمن السعيد الذي يصفه أهله بأن الإيمان يماني والحكمة يمانية ... وبعد يومين نزلت إلى بقالة بالقرب من الفندق الذي نزلت فيه وهو فندق (أحد) ... وبينما أنا أتفحص السلع الموضوعة بعناية فائقة خطفت بصري أكياس سكر كنانة الأنيقة والناصعة البياض ... وسألت عن الكيس الذي أعتقد أن عبوته أكبر من 2 كيلو ... سألت البقال اليماني عن سعره ... وفوجئت بأن سعره أقل بكثير وبكثير جداً عن أسعاره في الخرطوم ... وهنا هتفت من أعماقي لشركة سكر كنانة العظيمة .

وظلت حيرتي محتارة ... كيف يكون منتوج سوداني وبتلك التعبئة الأنيقة أقل سعراً في بلد مستورد لذلك المنتج ؟

أعود وأقول يجب أن تبتكر الولاية طرقاً حديثة تمنع تسرب السكر لجهات لن تكون حريصة على توزيعه بالطرق الصحيحة .

وهنا لا أتهم أية جهة بالاستيلاء على السكر العام الماضي ، ولكن أتهم الطرق العقيمة في التوزيع ... وتعدد الجهات المسؤولة عن التوزيع ... خاصة أن معظم أهل السودان لا يتعاملون مع الفواكه لارتفاع أسعارها ، حتى الفواكه التي تأتي من مختلف أقاليم السودان مثل كسلا والشمالية ودارفور وغيرها ... لذلك يعتمدون على السكر .

والآن نجد معظم أهل السودان يضعون ثلاث ملاعق سكر في كوب الشاي ... ونجد العصائر التي تباع في محلات أنيقة لا تستطيع شربها من كثرة السكر ... لذلك فهم يعوضون نقص السكر في أجسادهم بتناول السكر مباشرة وهذا فيه ضرر بالغ لأهلنا .

نسأل الله أن يصل حكام الولاية إلى طرق حديثة لتوزيع السكر لا يتضرر منها أحد ... ولا نسمع ضجيجاً منها .

والله الموفق وهو المستعان


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة