صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

  تبني الاستراتيجيات الاقتصادية للدول على الاستغلال الامثل للموارد المتاحة بانواعها كالز راعية وحيوانية وبشرية او حتى ميزات تتعلق بالموقع الجغرافي او المناخي او التاريخي وعلى ما يمكن إضافته لهذه الموارد ضروري حتى تتحقق الميزات النسبية بما يعود على الدول وشعوبها بالخير والنماء والرفاهية.

ويتمتع السودان بالعديد من الموارد زراعية كانت ام حيوانية او مائية، حيث يظل التحدي الاكبر دوما في كيفية استغلال هذه الموارد المتنوعة وتطويعها لتحقيق النهضة الاقتصادية والتنموية.

وتظل صناعة الزيوت وزراعة المساحات الممتدة بالحبوب الزيتية هي التحدي الاكبر في البلاد، إذ تعد الحبوب الزيتية من الموارد الاقتصادية المهمة للبلاد لتوفير العملة الصعبة لتحريك عجلة الاقتصاد في المجالات المختلفة.

وتتمتع البلاد وفقا لما جاء في ورقة المهندس صلاح بشير الخبير في مجال الزيوت ورئيس مجموعة صافولا للزيوت والتي قدمها في ورشة صناعة الزيوت التي نظمتها مؤسسة (سودان فاونديشن) مؤخرا بعنوان (واقع صناعة الزيوت النباتية فى السودان)، تتمتع البلاد بزراعة العديد من الحبوب الزيتية في مساحات كبيرة، حيث تعتبر الحبوب الزيتية من اهم الموارد الزراعية التي يمكن للسودان ان يحقق منها إنتاجا زراعيا عاليا خاصة  الفول السوداني والسمسم وزهرة عباد الشمس وبذرة القطن.

كما ان هنالك فرصاً متاحة للبلاد للتطور والتوسع في انتاج محاصيل زيتية اخرى مثل الصويا وزيت النخيل لما تتمتع به من مناخ مؤهل لإنتاج هذه المحاصيل الزيتية. ورغم ان السودان يمتلك اكبر المساحات المزروعة بالحبوب الزيتية في العالم العربي وفقا لتقارير الهيئة العربية للإنتاج الزراعي، الا ان السودان لم يستغل كل مساحاته وفرصه حتى الان للنهوض بذلك الانتاج زراعيا وتصنيعيا، حيث ينتج السودان في افضل مواسمه اقل من مليون طن الامر الذي يجعل هذه الكميات دون احتياجات البلاد من زيوت الطعام.

الوضع الراهن:

وبإلقاء نظرة على الوضع الراهن للانتاج الزراعي للحبوب الزيتية واستخلاص الزيوت بدءاً بالفول السوداني، ذكرت الورقة أن معظم انتاج الفول السوداني يتم في المناطق المطرية بولايات دارفور وكردفان وبنسب اقل في المناطق المروية في مشاريع الرهد، الجزيرة، حلفا والسوكي وهذه المساحات غير ثابتة فهي متغيرة من موسم لاخر حسب الاسعار والعائد  للمزارع وبعد أن كان انتاج الفول السوداني يتعدى المليون ألف طن في العام انخفض الانتاج في السنوات الاخيرة ليتراوح ما بين 500- 700 الف طن، فيما يقدر الانتاج المتوقع للعام 2018-2019 حوالى مليون طن خام.

أما بذرة القطن فقد تدنت انتاجيتها أيضاً نتيجة لتناقص مساحات القطن في الزراعة المروية وعليه تدنت الكميات المنتجة من البذرة الى اقل من 30 الف طن، علماً بأن معدلات انتاج البذرة كانت تتراوح بين 300 الف طن الى 500 الف طن في العام. فيما شهدت البلاد فى الاعوام الاخيرة انتاج القطن المحور وراثيا وبدأ التوسع في زراعته في المناطق المطرية والمروية، حيث يبلغ الانتاج المتوقع للموسم 2018-2019 حوالى 250 الف طن من المحور.

اما انتاج السمسم كما ذكرت الورقة فيتم في المناطق المروية وهنالك تجارب ناجحة لزراعة السمسم في المناطق المروية بنهر النيل والشمالية باستخدام المحاور، حيث يبلغ انتاج السمسم بنوعيه الابيض والاحمر في حدود 300- الـ 400 الف طن في العام وأن معظم انتاج زيت السمسم يتم في معاصر بلدية او معاصر ذات طاقات صغيرة. ويبلغ الانتاج المتوقع للموسم الحالي 2018-2019م حوالى 550 الف طن.

فيما ارتفعت المساحات المزروعة بزهرة عباد الشمس في المناطق المروية الى ان وصلت في الموسم 2008-2009 الى 800 الف فدان، بينما يبلغ الانتاج المتوقع للموسم 2018-2019 في حدود 100 الف طن. اما هجن زهرة الشمس المجازة بواسطة ادارة التقاوى والاكثر استخداما الان صنفين فقط تتم زراعتهما منذ بدايات زراعة زهرة الشمس في السودان، علما بأن النتائج المحققة من هذين الصنفين لم تتعد متوسط انتاجيتهما 220 كيلو للفدان في المطري و600 كيلو في المروي وبنسبة زيت تتراوح بين 33% الى 40% كأعلى نسبة في حين أن الانتاج العالمي يتراوح بين واحد الى واحد ونصف طن للفدان ونسبة الزيت 44 -47%.

تصنيع الحبوب:

وفي مجال الانتاج الصناعي للحبوب الزيتية كما جاء في الورقة فإن صناعة الزيوت في السودان في غضون العشر سنوات الاخيرة شهدت طفرة كبيرة بانشاء عشر وحدات تكرير ذات كفاءة عالية نسبيا وبطاقة تصميمية تصل الى 390 الف طن في العام. كما تم ادخال نظم التعبئة الحديثة باستخدام العبوات الصغيرة في العام 2005م كما يجري العمل في انشاء ثلاث وحدات للتكرير المستمر بطاقة انتاجية 300 طن في اليوم لكل وحدة بطاقة سنوية تعادل 300 الف طن من الزيوت المختلفة.

كما يوجد في البلاد اكثر من 50 وحدة لتكرير زيوت الطعام تعمل بطريقة الـ(Batch Refining )، حيث يبلغ عدد الوحدات العاملة منها عشرون وحدة بطاقة اجمالية سنوية تقدر بـ 100 الف طن من زيوت الطعام ما عدا زيت زهرة عباد الشمس الذي يحتاج لبعض التجهيزات الاضافية، بالاضافة الى وجود حوالي 225 معصرة منتشرة في كل ولايات السودان بالتركيز على ولايات الخرطوم ودارفور والجزيرة وكردفان بطاقة اجمالية لتلك المعاصر تقدر بحوالى 2.100 مليون طن في العام، و تعمل هذه المعاصر بطاقات انتاجية صغيرة تتراوح ما بين 25-50 طناً من الحبوب الزيتية في اليوم ما عدا القليل منها يعمل بطاقات في حدود 100-150 طن في اليوم، كما أن غالبية المعاصر العاملة الان تعمل بطريقة العصر الميكانيكي مما يعني ارتفاع نسبة الفاقد  من الزيوت المستخلصة، حيث تصل نسبة الزيت في امباز الفول السوداني الى 8% و13% في امباز زهرة الشمس وتم مؤخرا انشاء مصنع لاستخلاص الزيوت بالمذيب العضوي بطاقة انتاجية 100 الف طن في العام بولاية الخرطوم، بالاضافة الى ثلاثة مصانع اخرى تحت الانشاء بالولاية بنفس الطاقة لكل منها ومتوقع دخولها للانتاج منتصف العام 2019م، علما بان المصانع التي تستخدم المذيب العضوي ترفع من كفاءة الاستخلاص وتقلل من كمية الزيت في الامباز الى 1%.

وأبانت الورقة أن الاستهلاك السنوي للزيوت للبلاد يقدر بحوالى 250-280 الف طن من زيوت الطعام يتم توفير حوالي 180 ألف طن من الانتاج المحلي وتستورد سنويا في حدود 70-100 الف طن من الزيوت الخام.

وطرحت الورقة العديد من المشاكل والحلول لصناعة الزيوت في البلاد منها ضعف الانتاجية وارتفاع تكلفة الانتاج وضعف معالجات مشكلة الافلاتوكسن وعدم وجود الاسواق للمحاصيل مما يتسبب في تدني المواصفات مع ضعف التقانات الحديثة وعدم تطبيق مواصفات التصنيع الجيد  والمضاربات في تداول الحبوب الزيتية. كما طرح عدد من الحلول لدعم جهود هيئة البحوث الزراعية ومراكز البحوث لاستنباط الاصناف وخلق شراكات استراتيجية مع الشركات العالمية ونقل التقانات الحديثة للعمليات الزراعية والتصنيع وانشاء وتفعيل الاسواق والزامية تطبيق المواصفات السودانية مع إلزامية تعبئة الزيوت وحظر بيعها في شكل سائب للمستهلك وحظر تمويل المضاربين وتوفير التمويل للمصنعين.

وانتاج الحبوب الزيوتية وتصنيعها يعد من الاهداف الاستراتيجية للدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي بتحقيق انتاج 3 ملايين طن فول سوداني ومليوني طن زهرة الشمس في العام والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال وحظر تصدير الفول الخام لتعظيم القيمة المضافة مع تشجيع التصنيع وتطوير آلياته عن طريق تجميع الوحدات الميكانيكية الصغيرة وتطوير وتحديث اساليب الاستخلاص، تشجيع الاستثمار في المنتجات الصناعية للسمسم واتباع اساليب حديثة في التعبئة وتشجيع صادرات منتجات الحبوب الزيتية المصنعة.

تعليقات

  1. اين اجد.زيت النخيل

    ردحذف
  2. اين اماكن يباع فيها زيت النخيل في الخرطوم انا محتاج ضروري وده رقمي ٠٩٩٠٢٨٨٠١٥٧

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة