الأمة القومي .. مواجهة عواصف الداخل والخارج




الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي

رغم أن حزب الأمة القومي ضمن قلة نادرة من الأحزاب الكبيرة التي تعقد مؤتمراتها العامة بانتظام، إلا أن مؤتمره العام الأخير الذي عقده في أواخر فبراير ومطلع مارس من العام 2009 ، شهد تجاذبات كبيرة لا تزال آثارها تثور بين الفينة والأخرى. فالأمين العام محمد إسماعيل صديق الذي كان يتكيء على مساندة رئيس الحزب الصادق المهدي، كان مرفوضاً من قبل التكتلات التي تدعو لإسقاط النظام، باعتبار أن إسماعيل من المؤيدين للحوار مع الحكومة، وقد كان ضمن اللجنة المفوضة للتحاور، ومن تصريحاته آنذاك أن الطرفين اتفقا على القضايا محل الحوار بأكثر من «80%»، ولما كان التيار العام الرافض لمخرجات المؤتمر يشكك في جميع الأجهزة التي قدمتها اللهيئة المركزية ، مضت أجهزة الحزب في مسارها لا تلوي علي شيء، مستندة لدستوريتها التي رفضتها جماعة«التيار» إلى أن تعقدت الأوضاع داخل الحزب على نحو دفع لعقد اجتماعات الهيئة المركزية في أبريل 2012  والتي تمخض عنها سحب الثقة عن إسماعيل وانتخاب الأمين إبراهيم كأمين عام للحزب، وما لبث إبراهيم نفسه أن واجهته العقبات في تشكيل قيادات الأمانة وتسكينها في مواقعها، فضلاً عن التجاذبات بينه وما اصطلح عليه بجموعة الأمين السابق صديق الذي عينه المهدي كنائب له في رئاسة الحزب، من بين تلك القضايا قضية طلاب الحزب واللجنة التسيرية التي أفضت لإقالة غير دستورية لرئيس المكتب السياسي للحزب سارة نقد الله، وأخيرا جاءت اختيارات إبراهيم  كمسؤول الهجرة وآدم إسماعيل كنائب له، وقد أوردت الصحف إن اختيارات الأمين لإسماعيل آدم نائبا وهاشم عوض مساعدا له لدائرة الهجرة رفضت لأنه سبق وأن للمكتب السياسي الاعتراض عليها لدى تقديمها لأول مرة، وزادت الصحف أن المهدي أمهل إبراهيم ثلاثة أيام لتعديل قراره وإلا فإن الإقالة بانتظاره. وتنبأت اخرى بأن المهدي في مؤتمره المعلن بالخميس سيصدر قرار الإقالة على الملأ، ولكن وقائع المؤتمر الذي تزاحمت الفضائيات العالمية والمحلية لتغطيته في المركز العام للحزب جاءت على نحو مغاير، فالخلافات داخل الحزب شكلت طرفا من القضايا التي تطرق لها المهدي بجانب تناوله أبرز الأحداث بالساحة السياسية، والعلاقات السودانية مع دولة الجنوب، والمفاوضات مع قطاع الشمال، أما الخلافات بحزبه والتي أسماها بالتنظيمية فقد اعترف بها موضحا أنها لا تعني الخروج عن مؤسسات الحزب، وأن دستور الحزب هو الفاصل الوحيد في تلك الخلافات، واتهم جهات خارجية بتأجيج الصراع داخل الحزب، وسمى مبارك الفاضل ومن خرجوا عن الحزب بعد الاندماج  وموسى مادبو بمحاولة «دق الطار السياسي»,وإثارة القلاقل. قائلا إن الاول كان له اتفاق معنا وضرب عرض الحائط، وأنشأ حزبه الخاص، والثاني له رأي واضح في مخرجات المؤتمر العام الأخير للحزب، مما جعله يختار الانشقاق، مردفاً بأن هؤلاء لن يجعلونا«نلعب معهم لعبة الدافوري في الحلة، فنحن ما في سنة أولى سياسة» وتحدث عن حرصه على الحفاظ على مكتسبات الحزب ومقدراته، وفي المقابل أشار بأنه لن يتسامح مع من حاول الخروج عن طوع الحزب، مضيفا أن الأحزاب التي انشقت عن الأمة واتجهت للمشاركة مع الحكومة سرعان ما اكتشفت سر الخدعة السياسية، لتصبح أحزاب «الكيري» كما تسميها أوساط الشارع السوداني .

وكان زعيم التيار العام مادبو قد صرح للزميلة «آخر لحظة» داعيا الأمين بالتمسك باختياراته التي رفضتها مؤسسات الحزب، واصفا المهدي بأنه وراء تفاقم أزمات الحزب، المهدد بشبح انشقاقات جديدة، مشيرا إلى أنه بدلا من أن يسعى لحلها أصبح جزءا منها، لأنه يساند طرفا في مواجهة الطرف الآخر، وربط استقرار الحزب بقبول المهدي بقرارات الأمين. وقال إن أية محاولة لإثنائه قد تؤجج القضية وتسبب في حدوث خلافات وانشقاقات جديدة.    وانتقد مادبو تمسك المهدي بإصلاح النظام دون إسقاطه،, لافتاً بأن للمهدي مصالح خاصة في الدعوة للإصلاح.

ويبقى ان الأمة القومي في مسيرة التدافع السياسي يتعين عليه احتمال خلافاته الداخلية والعمل على حلحلتها حفاظا على تماسك الحزب، ودفعا لاستغلال تلك الخلافات من قبل المناوئين له، وفي الوقت نفسه مجابهة المنشقين عنه في الداخل وآخرين في الخارج، فضلا عن تجاذباته مع تحالف قوى الاجماع الوطني. فهل تحتمل سفينة الأمة القومي كل تلك الأعباء وتجييرها لصالحها، أم أن كثرة الربان الذين يحاولون تولي قيادة الدفة سيجعلون مآله من مآل المثل المعروف «المركب العندها ريسين تغرق».

تقرير: ندى محمد أحمد

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة