يبذل السودان جهوداً عملية حثيثة لمعاونة الأشقاء في دولة جنوب السودان على ترسيخ الأمن والاستقرار في بلادهم، عقب موجة هائلة من الصراع
الدامي تجاوزت الخمس سنوات دمرت الكثير وأعاقت فرص النهوض وأقلقت المجتمع الإقليمي والدولي أيما قلق.
ولم تقف جهود السودان عند حدود دفع الفرقاء الجنوبيين لعقد اتفاق سلمي -تم التوقيع عليه بالفعل وشمل مجمل القوى المعارضة هناك- ولكن السودان يدرك ان مهمته ودوره في المرحلة المقبلة خاصة في ما يتعلق بالشق الأمني وكيفية تأمين الاتفاق؛ مهمة صعبة وتتطلب الكثير.
وزير الخارجية السوداني الدكتور الدرديري محمد أحمد، قام بعدة جولات في دول الجوار والمحيط الإقليمي لهذا الغرض، فمنذ أسابيع وتحديداً في 19 أغسطس 2018 إنخرط الوزير السوداني في مناقشات ومباحثات بشأن ما عرف بـ(قوات الحماية الدولية) وهي قوات سبق وان تم إنشاؤها بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2304) في أغسطس 2016 قوامها 4 ألف جندي، مهمتها الأساسية تأمين المرافق الاستراتيجية مثل مطار العاصمة جوبا والقصر الرئاسي.
الدكتور الدريري تباحث مع الرئيس اليوغندي يوري موسيفني في كمبالا حول مشاركة القوات السودانية واليوغندية في هذه القوات لا سيما وأن هذه القوات قد بدأت انتشارها بالفعل منذ ابريل 2017 بوتيرة بطيئة وأقيم لها مركز قيادة في منطقة جبل كجور إلى الغرب من العاصمة جوبا.
وتواجه قوات الحماية هذه اعتراضاً من جانب الحكومة الجنوبية ولم تقبل بها إلا بعد ضغط إقليمي ودولي، نظراً لما تعتقد جوبا بأن الأوضاع هناك قد تغيرت وتتماثل للإستتاب. ويقول الوزير الدرديري إن بلاده ترى ان قوات حفظ السلام الأممية المتمركزة أصلاً في دولة جنوب السودان ومنذ سنوات والمعروفة بـ(يوناميس) قوامها 13 ألف جندي بينما قوات الحماية الدولية المشكلة حديثاً قوامها 4 ألف جندي وليس من بينها قوات من السودان ويوغندا؛ ولذا يقترح السودان –بحسب الدرديري– تقليل قوات اليوناميس من 13 ألف إلى 8 ألف مع زيادة قوات الحماية إلى 8 ألف بدلاً من 4 ألف، أي بزيادة 4 ألف جندي تكون هذه الزيادة مناصفة بين السودان ويوغندا بما يضمن وجود قوات فعالة على الأرض تضطلع بدورها دون أي زيادة في التكلفة، وقد أثار هذا المقترح إعجاب الرئيس الرئيس اليوغندي موسيفيني وعبر عن ذلك بسعادة غامرة.
ومن المؤكد ان السودان بإهتمامه الشديد بهذا الجانب الأمني إنما استشعر حساسية المرحلة المقبلة والتحديات الصعبة التى تواجه اتفاقية السلام الجنوبي، خاصة وان السودان يعتبر نفسه بمثابة ضامن للاتفاقية وذلك يقتضي ان كون حاضراً دائماً لمعالجة كل ما من شأنه ان يعيق تنفذها عملياً أو يكدر صفوها بطريقة من الطرق.
ولا شك أيضاً ان مقترح السودان بزيادة قوات الحماية ومشاركته هو ويوغندا فيها إنما هو تتويج لهذه الجهود وتأكيد لدوره الفاعل المنتظر مقروناً بإدراكه العميق إن الحكومة في جوبا ترحب بالمشاركة السودانية في هذه القوات.
تعليقات
إرسال تعليق