كيف تتعامل الحكومة مع ملف الساد ؟

التسويات في قضايا الفساد في السودان.. المغزى والمبررات!

 تواجه الحكومة السودانية إنتقادات من العديد من معارضيها بشأن الكيفية التى تتعامل بها مع ملف الفساد، أحد أبرز الملفات المهمة التى بادرت الحكومة قبل اشهر بفتحها بنفسها وقطعت فيها حتى الان شوطاً كبيراً.


الانتقادات التي توجه الى الحكومة فى هذا الصدد تنصب حول ما يعتقد البعض انها لا تقدم على إحالة المتهمين بالفساد الى المحكمة وتوقيع عقوبات قاسية عليهم! وأنها فى الغالب تكتفي باجراء تسويات لتسترد المال المال المعتدى عليه، تطلق سراح الجاني وتغلق الملف بشأنه.
وفي واقع الامر فان هذا النقد لا يقوم على أساس قوي، ليس فقط لان ما يقال فى هذا الصدد يقال بصفة العموم ودون إلمام من الناقدين بتفاصيل الوقائع، ولكن ايضاً لان الامر في النهاية يتعلق بدعوى جنائية تحت مادة معينة من القانون، و تقوم على عناصر محددة تستلزم بيِّنة كافية تؤدية الى الادانة.
و تشير مصادر مطلعة بالنيابة العمومية في السودان فى هذا الصدد ان مهمة المحققين عادة فى قضايا الفساد ليست سهلة، لان طبيعة قضايا الفساد متشعبة وخفية وفي كثير من الاحيان يصعب سبر غورها. صحيح –كما يقول المصدر– تطلق القصص والحكاوي ومعها ارقام فى وسائل الاعلام وفى وسائل التواصل، ويبدو في ظل هذا النشر ان الجاني مدان لا محالة؛ ولكن الامر يختلف كلية حين تتم مقارنة نصوص القانون وعناصر التهمة بالوقائع المنشورة، خاصة وان القوانين الجنائية بها قاعدة ذهبية تقرر تفسير الشك لصالح المتهم إذ ان أي شك، مهما صغر كفيل بهدم الجريمة.
 ولهذا فان المحققين المناط بهم (تقييم) البيانات وقراءة  الوقائع توطئة للتقرير بشأنها سواء بإحالتها الى المحاكمة او المزيد من التحقيق فى ظل بقاء الجاني بالحبس -ومراعاة حقوقه كمتهم- فان النتجية عادة ما تخلص الى إتخاذ قراراو اجراء تسوية.
والتسوية نفسها -وبعكس ما يتبادر الى الذهن- بمثابة اجراء عدلي وقضائي يمس المتهم ويستعيد المال العام، ويحول دون حدوث خسارة مزدوجة: إفلات جنائي، وضياع للمال العام.
رئيس الوزراء معتز موسى أكد في حديثه للبرلمان قبل ايام على ذات هذه الحقيقة، مؤكد ان التسوية يتم اللجوء اليها فى حالة نقص  البيانات، فهناك قرائن لا تكفي للادانة ولا يمكن ترك الجاني هكذا بلا بينة قاطعة ولا تسوية!
وليس بعيداً عن ذلك ان العديد من النظم العدلية فى العالم تعتمد مبدأ السيوبة او ما يعرف على سبيل المثال فى النظام الامريكي بالصفقات (Deals) اذن الاجهزة العدلية مناط بها تقييم الدعوى ودراسة جوانبها ومحاولة التنبوء بمآلاتها إدانة أو براءة!
وعلى ذلك فليس بدعاً إذن ان تجرية تسويات عدلية على الاقل لاسترداد المال المنهوب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة