المهدي والتحالف.. الشركاء المتشاكسون

هل مات تحالف قوي الإجماع الوطني وشبع  موتاً، فلم  يعد صيغة صالحة كشكل من أشكال التحالف بين أحزاب المعارضة؟ ذاك هو ما ذهب  إليه د. كمال الجزولي؟ وقبل أن ينقطع صدي كلمات الجزولي التي أطلقها في تشخيص حالة (تحالف الإجماع الوطني) وقبل أن ينتصب مدافع عن التحالف لتفنيد ما ذهب إليه الجزولي، أمد الصادق المهدي تلك الكلمات وذلك الرأي بقوة وافرة وأنشأ لفكرة موت تحالف قوي الإجماع الوطني سيقان تكاد تمشي بها بين الناس.

وكان كمال الجزولي قد قال في ندوة (الحل الرشيد) التي انعقدت بقاعة طيبة برس، مطلع هذا الأسبوع: "إن (الإجماع الوطني) كشكل لتحالف أحزاب المعارضة قد مات وشبع موتاً".

بعد ساعات من إفادات الجزولي، ولما ينقضي الأسبوع علي إعلان تحالف قوي الإجماع الوطني عن خطة عمل سياسي تتصل لمدي (100) يوم وتهدف لاستنهاض الهمم والجهود الشعبية سعياً لإنجاز انتفاضة شعبية علي النظام الحاكم في الخرطوم وإسقاطه، فاجأ رئيس حزب الأمة القومي رفاقه في التحالف أمس بخطة جديدة لا تجد حاجة للاعتراف بجدوى خططهم الرامية لتعبئة الجماهير بأيامها المعدودة التي أكد أنه سمع بها أول ما سمع علي لسان د. نافع علي نافع، وذهب المهدي إلي حد وصف البرنامج الذي أعلنت عنه قيادة قوي التحالف الوطني بأنه "دعوة صريحة لأجهزة الأمن أن تجد حجة لقمعها".

وكانت الخطة التي أعلن عنها تحالف قوي المعارضة قد أزمعت تنظيم برامج سياسية وندوات جماهيرية وليالي سياسية في كافة أنحاء القطر تهيئة لأجواء التغيير السياسي في السودان، ولما ينقضي الأسبوع علي الإعلان عن تلك الخطة حتي.

إلا أن المهدي خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس  بدار حزب الأمة تنصل بالكامل عن انخراط حزبه ضمن ذلك التدبير الذي أعدته  قوي المعارضة ومضي يفصل نقاط  اختلافه معاه ويصوب انتقاداته لذات الهيكل التنظيمي للتحالف مجدداً دعوته لتطوير هيكل العمل المشترك  للمعارضة.

قائلاً: إن غياب الهيكل المحكم هو السبب في اضطراب المشاركة في مؤتمر كمبالا، وهو السبب في إصدار تصريحات تجرم المسيرية دون تحقيق في مقتل  ناظر الدينكا نقوك، وتصريحات عن تحالف استراتيجي مع الجبهة الثورية، نحن نحاور الجبهة الثورية للاتفاق علي اعتماد الحل السياسي فإن حدث  ذلك يقوم التحالف.

وتصريحات عن برنامج مائة يوم لإسقاط النظام، أول ما سمعنا عنه كان علي لسان د. نافع علي نافع، أن صح هذا البرنامج فالتصريح به دعوة صريحة لأجهزة الأمن أن تجد حجة لقمعها، وإن كان الأمر مجرد مزايدة دون أية جدية في الأمر فإنها تضر بسمعه قوي الإجماع.

ورصدت (الخرطوم) بعض ردود الأفعال من جانب ممثل حزب الأمة لدي تحالف المعارضة،  إلي جانب محاولة بعض شباب الحزب إثناء المهدي عن مسعاه للتنصل عن خطة المعارضة وبرنامجها إلا أن المهدي مضي قدماً في إنكار أيما علاقة لحزبه بتلك الخطة بمزيد من العبارات الواضحة خلال رده علي أسئلة الصحافيين.

هذا، وفي سعيها لاستجلاء موقف تحالف قوي المعارضة من تصريحات المهدي وكيف  يمكن أن يقرأ موقفه الأخير حاولت (الخرطوم) استنطاق الناطق الرسمي باسم التحالف الأستاذ كمال عمر الذي اعتذر عن التعليق علي تساؤلات (الخرطوم) بشأن تصريح المهدي متعللاً بـ:" أن انشغاله بعمله في المحاماة يحول دون تفرغه لمتابعة المستجدات علي ساحة التحالف الذي يتولي مهمة الناطق الرسمي فيه .

إلا أن مصدر خاص من داخل التحالف شهد الاجتماعات التحضيرية التي تم خلالها الاتفاق علي خطة الـ(100) أكد (للخرطوم): أن أول اجتماع تحضيري تم عنها المعارضة تم يوم السبت الثاني من يونيو الجاري واستضافة حزب الأمة بداره بأم درمان وشهد حضوراً مكثفاً من منسوبي وقيادات حزب الأمة القومي الذي شارك بممثلين اثنين في كل لجنة من اللجان السبع التي عكفت علي صياغة تلك الخطة وقد أظهر ممثلو حزب الأمة لا سيما قطاع الشباب فيهم خلال انعقاد أعمال اللجان التحضيرية حماساً شديداً لذلك المشروع.

التناقضات الحادة داخل تحالف قوي المعارضة أهدت النظام وحزبه مادة وفيرة للنقد والتقليل من خطورة خططه لإسقاط النظام بينما امتدت حالة الاستيئاس من أي فعل ناجز لتحالف قوي المعارضة إلي قطاعات لها موقف فكري وحركي  مناهض ومعارض للنظام وهو ذات الأمر الذي حدا بالدكتور كمال الجزولي للقول بموت تحالف قوي المعارضة مستشهداً بالشقاقات والشتائم والإهانات المتبادلة بين كيانات ذلك التحالف.

ويخلص الجزولي من خلال قراءاته لواقع التحالف إلي "أنه لم يعد مناسباً كمنصة توحد حركاتهم ومشروعاتهم المعارضة.."

مشيراً إلي "أن للتحالفات جدليتها الخاصة، وليس زواجاً كاثوليكياً، أم المحك فهو مدي القدرة علي التقاط اللحظة التاريخية الصائبة لقيامه، واللحظة التاريخية الصائبة لانتهائه، والخطأ  كل الخطأ في الغفلة عن أي من هاتين اللحظتين..".

واقع الحال ينبئ عن حالة التدابير الشديد إلي داخل مكونات تحالف قوي المعارضة التي لا تكاد تتفق علي رأي واحد ولا تصل لصيغة عمل مشترك تمضي به نحو غاياتها، ويظل (تحالف المعارضة) كياناً فيه شركاء متشاكسون لا يرتقي لأن يضحي منبراً سلماً لمعارضة تزعم أنها ستقتل (مربعاً) بينما ينعم (مربع) بطول سلامة وعمر.

نقلا عن صحيفة الخرطوم السودانية 13/6/2013م