مناوي .. مالآت يصعب التكهن بها..!!

يتذكر مواطني مدينة الفاشر، ذاك الفتى النحيل الذي ألقى التحية العسكرية بطريقة لفتتت الإنتباه على رئيس الجمهورية عمر البشير الذي شرف حفل تخريج مرابطي الشرطة الشعبية في بداية تسعينات القرن الماضي ..

كان الفتى أصغر منسوبي الشرطة الشعبية، وبعدها باشهر وفي منطقة مزبد نشب نزاع قبلي بين الزغاوة (دار قلا) وعرب (بني منصور) نتاج مشاجرة حول بعير واحد، قتل بنو منصور عدداً من (دارقلا)، وطبقاً للأعراف والتقاليد الراسخة التي تؤسس لعلاقات المساكنة والتعايش بين القبائل السودانية كان منتظراً في مثل هذه الأحداث أن تُدفع الديات ويتم العفو عن القاتلين ويتبادل الطرفان الاعتذار وتصفو سماء البادية التي تجمع الاثنين معاً.. لكن شيئاً من ذلك لم يحدث ، ليأخذ شباب المنطقة بزعامة مني أركو مناوي - وهو ذات الفتى صاحب التحية المشهورة - القانون بيدهم ويتمردون أولاً على سلطة قبيلة الزغاوة الأهلية ويعتبرونها متواطئة وغير قادرة على حفظ حقوق القبيلة، ومن وقتها ومن أجل البعير أشعل مناوي المعركة ضد الحكومة وامتد نشاطه لجبل مرة ومن ثم العودة لدار زغاوة، وجمع آلاف المقاتلين من الشباب..

وبعدها جاءت أبوجا وجاء بعدها مناوي إلي القصر الجمهوري كبيرا لمساعدي رئيس الجمهورية ولكن الرجل تململ واستعجل أشياء كثيرة وغادر مقاضبا إلى جوبا قبل نحو عام لعله يجد فيها - ما لم يجده في الخرطوم – حيث راح يطلق من هناك تصريحات عديدة، يصب معظمها في خانة إبداء استعداده لخوض أي حرب.- .وكاد أن يكون الرجل شيئا منسيا لولا الهجوم الذي شنته عصابات الجبهة  الثورية على مدينة أبو كرشولا وأم روابة في ابريل الماضي فخرج الرجل عبر المواقع الإسفيرية يبشر بثورتهم الكاذبة القادمة.

و مناوي المولود 1968 م والذي ينتمي لقبيلة الزغاوة ولد في بلدة فوراوية شمال غرب مدينة كتم، لم ير في السلام شيئا جميلا فعجل الرحيل إلى جوبا حيث جنته المزعومة التي تلبى فيها جميع رغباته المحرمة ما بين خمر ونساء وغيرهما مما يجود به عليه أشباه القادة مثله ممن أرتضوا بذات المصير الجنوبي.

لكن مناوي الآن (مطاردا)ولا يزال مكانه مجهولاً بين جوبا ويوغندا، و لم يعد ذلك القائد الميداني القوي الذي كانه في الماضي، ولم تعد حركته ذات وزن قبلي كما كانت في الماضي وأصبح مناوي يعتمد مرتزقة في هجماته ، وحتى أفراده المشاركون في قوات ما يسمى بالجبهة الثورية قد سئموا من التهميش الذي يجدوه من بقية الفصائل المكونة لتلك القوات المتمردة ، فالرجل لديه مرتزقة ولديه كذلك مقدرة مالية آتية من الجنوب . فماتم مؤخراً في أبو كرشولا، للأسف لا يعرف مناوي ولا قواته المقصود منه لأن القوات التي شنت الهجوم قتلت المواطنين واحرقت منازلهم !!

ومناوي الذي يقوم بتنفيذ أجندة غربية لايدري كنهها ، يهب المراقبون بأن الرجل يقوم بأدوار لا يعيها بفعل اللأوعيء الذي يسيطر عليه صباح مساء أو بسبب قلة حيلته السياسية التي تسعفه على التمييز بما هو صائب أو غيره مستشهين بذلك بما أقدم عليه الرجل ففي ابريل من العام الماضي حين أوفد عدد من القادة الميدانيين والأفراد من حركته إلى دورة تدريبية متقدمة بإسرائيل شملت التدريب على أحدث الأسلحة بعد أن أوفدهم في وقت سابق.وقالت تقارير صحافية وقتها أن الدورة ضمت أكثر من (15) من كبار القادة والجنود الذين ذهبوا إلى إسرائيل بتنسيق من الحركة الشعبية بعد أن أعطوا رتب وبطاقات عسكرية تتبع للجيش الشعبي وتلقت هذه المجموعة تدريباً عسكرياً وأمنياً بواسطة المخابرات الإسرائيلية.
عموماً فخيارات مناوي اضحت الآن محدودة بعد التغييرالكامل في الخارطة الميدانية العسكرية في الجبهة الثورية استنادا الى ما حدث ابان قيادة عقار للجبهة الثورية وفشله في ادارة العمل ميدانيا بعد تفشي المحسوبية مما ادى الى هزائم كبرى ، إذاً فخيارات مناوي العسكرية ضعيفة لفقده السند الشعبي الذي ظل معه طوال الفترات الماضية فالبعض آثر السير في العملية السلمية الى نهايتها، فيما وصل البعض الآخر الى مرحلة اليأس، وما ينوي مناوي فعله في المرحلة القادمة ، يصعب التكهن به لدرجة تجعل من مناوي نفسه غير قادر على تحديد خياراته.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة