السودان والولايات المتحدة على مشارف المرحلة الثانية من الحوار!

السودان والولايات المتحدة على مشارف المرحلة الثانية من الحوار!

 يبدو ان الجسر السياسي الرابط بين واشنطن و الخرطوم بات سالكاً، أو على الأقل لم يعد كما ان في السابق مليئاً بالأشواك و المطبات و الالغام. و ربما أدركت الولايات لمتحدة مؤخراً ان هذا البلد الذي عانى الأمرين من المشاكل و الحروب الاهلية  والأزمات

لم يكن يستهدف مصالحها بحال من الأحوال بقدر ما كان يسعى لتأكيد ذاته و استقلال قراره.
ولهذا فان ابرز عنوان لما ستكون عليه العلاقات في المرحلة المقبلة بين واشنطن و الخرطوم جسدته المحادثات المهمة التى أجراها وزير الخارجية السوداني د. الدرديري محمد أحمد مع نائب وزير الخارجية الأمريكي (جون سوليفان) على هامش اعمال الدورة رقم 73 للجمعية العامة للامم المتحدة في مقرها بنيويورك أواخر شهر سبتمبر 2018.
المتحدث باسمة الخارجية السودانية ، بابكر الصديق، اعطى وصفاً تفصلياً لطبيعة المحادثات وما شكلته من أهمية بالغة ، حيث أشار إلى ان المحادثات بحثت العلاقات الثنائية بين البلدين و ضرورة تطويرها ثم تطرقت إلى ما تم وصفه بالدور (المحوي) الذى يلعبه السودان في محيطه الاقليمي.
الوزير الأمريكي بحسب الناطق الرسمي بالخارجية السودانية أبدى تقديره الكامل و دعمه لجهود السودان في استتباب الأمن الإقليمي في أشارة على ما يبدو للدور الذي قام به السودان في حل النزاع الجنوبي الجنوبي. و توقيع اتفاق السلام بين الفرقاء الجنوبيين.
خلاصة الاجتماع الذي استمر لساعة او تزيد قليلاً ان الجابين خرجا بتفاهم كامل حول انطلاق المرحلة الثانية من الحوار الجاري بين البلدين و قدم نائب وزير الخارجية الأمريكي دعوة رسمية لوزير الخارجية السودانية لزيارة واشنطن فى اقرب فرصة. ومن المؤكد ان هذه التطورات ان المرحلة المقبلة من الحوار بين السوداني الأمريكي تبدو في طياتها عناصر ايجابية مواتية:
أولاً، و كما أشار نائب الوزير الأمريكي فان السودان بات يلعب دوراً محورياً في الأمن القومي الإقليمي بالمنطقة والمثال القوي الحاضر في هذا الصدد ما حققه السودان من نجاح باهر في وقف نزيف الدماء والصراع الدائر فى جنوب السودان.
ومن المؤكد ان إقرار واشنطن بما وصفته (الدور المحوري) للسودان في تحقيق الأمن في المنطقة فيه إشارة لا تخطئها العين ان واشنطن لم تعد تعتقد ان السودان يلعب دوراً سالباً في أمنها القومي أو يلحق أضراراً بها و مصالحها ، ومن ثم لا يمكن لبلد مثل السودان بهذه المعطيات ان يطلق عليه داعماً للإرهاب. بحال من الأحوال.
ثانياً، السودان اظهر تعاطياً إيجابياً جيدا مع مطلوبات المجتمع الدولي عامة و مطلوبات الأمم المتحدة و الولايات المتحدة بصفة خاصة فيما يتعلق بإيصال المساعدات الانسانية إلى المحتاجين و المتأثرين بالحربين في جنوب كردفان و النيل الأزرق، قد أعلنت مفوضية العون الإنساني في السودان عن موافقتها على العمليات الانسانية وتقديم كافة ما هو مطلوب منها للجهات الدولية المختصة في هذا الصدد. هذه النقطة من النقاط الجوهرية التى تجد الإشادة من جانب واشنطن.
ثالثاً، بذل السودان جهودا ملموسة وواضحة في سجل حقوق الإنسان و تحسين حالتها، اذ لا يخفى على واشنطن الإفراج عن المعتقلين السياسيين، و مشروع الحوار الوطنى و توسيع قاعدة المشاركة في الحكومة و تعديل القوانين المختلفة بحيث تستوعب عمليات الإصلاح في كافة المجالات و تمنح حرية العمل السياسي المرونة المطلوبة.
و هكذا، بإمكاننا القول ان الولايات المتحدة والسودان بات ما يجمع بينها من عناصر اتفاق و توافق اكبر مما يفرق بينها ، مما كان عليه في السابق، و لا ننسى ان نشير هنا اى بعض الأمور الجانبية التى ربما تزيد من عرى العلاقة فقد ثبت لواشنطن أولاً، ان السودان بلد ناهض يسعى للنهوض وإحراز تقدم إلى كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية وهو ما يجعله يتواءم مع مصالح القوى الدولية باعتبار ان الاقتصاد يجمع بين الدول كبيرها وصغيرها.
ثانياً، ان السودان اصبح مؤثراً اقليمياً ودولياً و بما يصعب إن لم يستحيل معه معاداته و محاولة عزله، فقد نجح السودان في خلخلة القناعة بالمحكمة الجنائية الدولية و جر معه دول القارة. ونجح السودان في احتواء نزاع سد النهضة بين مصر إثيوبيا و نجح أخيرا في وقف الصراع الدموي الجنوبي الجنوبي. وكل هذه أمور إن لم يكن لم تضعها واشنطن في حسبانها فهي ما قدرت السودان حق قدره.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة