إستراتيجية الحكمة والوساطة الفاعلة!

إستراتيجية الحكمة والوساطة الفاعلة!

بإمساكه بملف النزاع في أفريقيا الوسطى و شروعه في حلحلته بعد نجاحه المشهود في حلحلة ملف دولة جنوب السودان ؛ يمكن القول ان السودان بات حكيماً إفريقياً وافر التجربة، جيدة الخبرة في إرساء دعائم الأمن  الاستقرار في القارة الافريقية.

و تعتبر العلاقات السودانية وأفريقيا الوسطى التى إنطلقت رسمياً عام 1967 علاقات جيدة الا ما يصيبها مرة إثر مرة بسبب الجوار و الاشتراك في حدود مطولة حافلة بالنزاعات و الأزمات المسلحة حيث تبلغ الحدود بين السودان و افريقي الوسطي -عقب انفصال الجنوب في عام 2011- حوالي (380) كلم و يجد البلدان صعوبة عملية في تغطيتها و الحيلولة دون نشوب مشاكل مسلحة فيها.
صحيح هنا أن تجربة القوات المشتركة التى دخل فيها السودان وتشاد منذ أكثر من 5 أعوام تمت دعوة افريقيا الوسطى للدخول فيها، ولكن أفريقيا الوسطى – رغم إدراكها على الأرض نجاح التجربة – شاركت بقدر ضئيل من القوات لا يتعدى الكتيبة الواحدة! وهي كتيبة يسهم السودان من جانبه في مدها بالمعدات العسكرية والفنية!
ولان إفريقيا الوسطى مستعمرة فرنسية سابقة، فان فرنسا تشكل عاملاً مهماُ في سياستها الخارجية، كما أن النزاع الناشب بين المجموعات المتناحرة حالياً تقف فيه فرنسا داعمة للجانب المسيحي بقوة بحيث ظل تأثير هذا على الارض ظاهراً و مؤثر بصورة كبيرة للغاية. وقد شرع السودان بالفعل في استضافة حملة السلاح المتنازعين في الخرطوم في الفترة من 27 – 30 اغسطس بالعاصمة الخرطوم والتقى الفرقاء من دولة افريقيا الوسطى و تباحثوا وفق اجندة ووساطة روسية يدعمها السودان.
وقد صدر بالفعل اعلان الخرطوم الذي مثل خطوة اولى على طريقة حلحلة النزاع. وقد التقى الرئيس السوداني عمر البشير بالرئيس المنتخب في أفريقيا الوسطى مؤخراً و تباحث الجانبان حول كيفية دعم أمن واستقرار افريقيا الوسطى.
كما أن وزير الخارجية السوداني د. الدرديري محمد احمد قال فى تنوير قدمه لمجلس الوزراء السوداني في جلسة عقدت مؤخراً بمدينة الأبيض بشمال كردفان ان السودان يعمل على جمع الفرقاء في افريقيا الوسطى بدعم من الاتحاد الافريقي حيث يرى الاتحاد ان نجاح السودان و قدرته على حلحلة النزاع الجنوبي يمنحه القدرة على حل النزاع في أفريقيا الوسطى .
الوزير الدرديري قال ان دعم الاتحاد الافريقي ووقوفه إلى جانب السودان يشكل دفعة قوية له لإنجاح وساطته. على ذلك فان السودان بانجازه هذين الملفين – وهما في القارة الإفريقية – يمكن وصفه بأنه واحد من مرتكزات الدبلوماسية الإفريقية ودول الاقليم و من شأن أمر كهذا، وهو أمر استراتيجي بعيد المدى ، ان يدفع بهذا البلد لكي يصبح له دور اقليمي مؤثر في المنطقة ، الأمر الذي يعيد رسم صورته التى تم تشويهها عمداً دون وجه حق، حين تم جعله دول راعية للإرهاب!
لقد ثبت جلياً الآن ان السودان ألصقت به تهمة دعم الارهاب ظلماً، فلو كان كذلك لما نجح في حلحلة نزاعات القارة وإثارة إعجاب العالم والإقليم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة