سياسات الصادر الجديدة.. إعادة بناء الاقتصاد السوداني!

سياسات الصادر الجديدة.. إعادة بناء الاقتصاد السوداني!

 جاءت السياسات الاقتصادية الاخيرة التى اعلن عنها مجلس الوزراء السوداني في جلسة استثائية اواخر الاسبوع الماضي كنتاج طبيعي لعلمية الاصلاح و ما يشبه الثورة الاقتصادية في السودان.


وكان واضحاً منذ ان قرر الرئيس البشير اعادة تشكيل حكومة الوفاق الوطني وتكوين حكومة رشيقة، عملت على تقليص الجهاز التنفيذي إلى الحد الادنى ان الحكومة السودانية قررت ان تواجه التحديات الاقتصادية الصعبة التى ظلت تثقل كاهل البلاد والمواطن و انها لن تكتفي بمواجهة هذه التحديات فحسب؛ ولكنها قررت ايضاً ان تجعلها سانحة تاريخية تضع من خلالها الحجر الاساس لنهضة اقتصادية من المؤكد ان لها آثارها على المديين القصير والمتوسط.
تقليص الجهاز التنفيذي سواء على النطاق المركزي او على مستوى الولايات و ضغط الانفاق الحكومي، اعطى الحكومة رشاقة و مرونة للتحرك السريع السهل في الملعب الاقتصادي، لذا قررت ان تركز على سياسات الصادر باعتبار ان الصادر هو مفتاح تدفقة الموارد المالية و النقد الاجنبي و تحسين ميزان الدفوعات.
السياسات الجديدة المتعلقة بالصادر عملت على إزالة كافة اشكال العقبات الادارية، الرسوم، القيود القانونية، بحيث يستطيع المنتج ان يدفع بانتاجه كصادر بأيسر مما كان عليه فى السابق. و يأتى فى مقدمة هذه الاجراءات ان سعر العملة الاجنبية في هذا الصدد لا تتدخل الدولة كدولة أو كبنك مركزي في تحديد او الزام المصدر به، هناك آلية (صناع السوق) مكونة من عدد من الجهات هي التى تقرر تحديد سعر الصرف بين العرض و الطلب في السوق وعلى نحو شديد الواقعية و دون قيود تخص البنك المركزي.
وهذا يعني -عملياً- ما يشبه تحرير سعر الصرف كنتيجة مباشرة تقتضيها سياسات التحرير الاقتصادي التى ظل يتبناها السودان منذ اكثرة من 25 عاماً.
السياسات الجديدة أيضاً قللت من المشاكل التى كانت تصاحب الاستيراد و ما يتطلبه من حصول على نقد اجنبي في الغالب يتم من السوق الموازي ، الان بالامكان الحصول على النقد الاجنبي من المصارف المختلفة طالما أن سعر الصرف اصبح حراً تحدده ظروف العرض والطلب وحدها و ليس -كما في السابق- يتم تحديده بواسطة البنك المركزي فيما يعرف بالسعر التاشيري او سعر الصرف الرسمي.
وليس بعيداً عن هذه السياسات ما كان قد تم الاعلان عنه بالتزامن مع هذه السياسات و من تحديد سعر تركيزي لجوال القمح (1800ج) للجوال، وهو السعر السائد في السوق وهو ايضاً السعر الواقعي الذي انشرحت به صدور المنتجين بعدما كان في السابق لا يتجاوز الـ(750ج)!
خلاصة هذه الاجراءات التى صاحبت حكومة الوفاق الوطني في نسختها الثانية ان الحكومة السودانية وضعت يديها مباشرة على موضع الداء في جسد الاقتصاد السوداني حتى تنزع جذوره، وفي الوقت نفسه بدأت في تأسيس نهضة شاملة في الاقتصاد الكلي اذ لن يمضي وقت طويل حلى تحظى سلع الصادر ومنتجي سلع الصارد بعائدات وحصائل لم يسبق لها مثيل، ومن ثم تبدأ ارصدة هؤلاء في الدفق، -كنقد اجنبي- على المصارف السودانية المختلفة بما ينعش السوق السوداني العريض.
ايضاً من شأن هذه السياسات ان تعمل على تحفيز المغتربين و العاملين بالخارج –في ظل سعر الصرف الحر– لادخال مدخراتهم في المصارف السودانية و اتباع القنوات الرسمية في تحويلها الامر الذي من شأنه ايضاً ان يرفد الخزينة العامة بأرصدة جيدة من العملات النقدية الاجنبية. وهكذا بدأ السودان فعلياً في وضع قاطرته الاقتصادية وكل موارده على القبضان وهي خطوة لا شك انها تاريخية بكل ما تعنيه الكلمة!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة