لماذا قرر السودان رفع الحظر عن المنتجات المصرية؟

لماذا قرر السودان رفع الحظر عن المنتجات المصرية؟

 يخطئ العديد من المراقبين والمحللين السياسيين في سبر غور طبيعة المواقف التى ظل السودان يقفها حيال الشقيقة مصر. ففي ثنايا القرار الأخير الذي اتخذه الرئيس السوداني عمر البشير بفك حظر دخول المنتجات المصرية إلى السودان؛

أخذ بعض هؤلاء على السودان تحقيقه لرغبات الأخوة المصريين ووقفوه موقفاً لصالحهم، دون أن يوازيه بالمقابلة موقفاً مصرياً لصالح السودان. ويدللون على ذلك وعلى سبيل الماثل فقط بالقضايا السودانية العالقة لدى الجانب المصري مثل قضية المعدنين السودانيين، وقضية تنفيذ اتفاقية الحريات الأربعة والبعض يورد مثالا أكثر إيلاماً وهو قضية حلايب!
ولا شك ان كل هذا صحيح بدرجة أو أخرى، ففي السياسة هناك تبادل للمصالح بواقعية و بأخذ وعطاء. ولكن لندع كل ذلك نتناول تفكيك قرار السودان فك حظر المنتجات المصرية. في واقع الأمر ان قرار فك الحظر هو الآن في (طوره السياسي) بمعنى انه قرار سيادي صادر من الرئيس يستلزم تطبيقه على ارض الواقع مقاربة فنية تأخذ في اعتبارها الجوانب الفنية والتى هي في الأساس التى قادت في البداية لاتخاذ قرار الحظر.
وهذه الجوانب الفنية تتفرع إلى عدة فروع: أولاً، الجهات المناط بها تنفيذ القرار ربما تضع قائمة محددة لهذه المنتجات المسموح بدخولها، وهذه نقطة ضرورية ومهمة ، فوزارة التجارة والاقتصاد ووفقاً لرؤيتها وخططها تحدد ما هي المنتجات المصرية -ذات الميزات النسبية و الميزات التنافسية في السوق السوداني- التى يسمح لها بدخول الأسواق السودان. وهذا بالضرورة يعني ان السودان سوف يقرر ويختار هذه المنتجات ومواصفاتها والكمية المراد استيرادها سنوياً.
ثانياً، من المؤكد ان السودان سوف يحرص -تنفيذاً للجوانب الفنية- على مراعاة أقصى درجات المواصفات المطلوبة، لأنك من الطبيعي حين تقرر استيراد منتجات من الخارج لتلبية احتياجات محلية لمنتجات ذات طبيعة زراعية ان تحدد أفضل مواصفة لهذه المنتجات تفادياً لأي أضرار أو إشكالات الكل في غنىً عنها، ولهذا فان الجوانب الفنية المتعلقة بالمواصفات سيكون له القدح المعلى دون أدنى شك في دخول هذه السلع.
ثالثاً، عملية الاستيراد و التصدير في حد ذاتها يراد بها – خاصة في ظل علاقة إستراتيجية بين بلدين جارين – رفع قيمة التبادل التجاري وتقوية اقتصاد الدولتين، وهذا هدف استراتيجي، في الغالب ينظر اليه من زاوية أكبر من مجرد عملية الاستيراد وحدها. وأما الدواعي الاستراتيجية الأسمى لصدور القرار فان مصادر مطلعة رفيعة في الرئاسة السودانية قالت لـ(سودان سفاري) ان الرئاسة دائماً تراهن على (إزالة كافة أشكال العقبات في العلاقة مع الشقيقة مصر لصالح أماني وتطلعات الشعبين). وتضيف المصادر (نحن ننظر إلى الشعوب وإلى المستقبل و إلى تأسيس علاقة إستراتيجية حقيقية يشعر بها الشعب المصري فعلا وقولاً) ان السودان بالفعل هو بمثابة عمق استراتيجي حقيقي لمصر!
ولعل ما يعزز تبريرات هذه المصادر ان الرئاسة السودانية لم تحاول قط ان تمس أية مصالح او مقدرات خاصة بالشقيقة مصر ولا سعت لمقايضة اية مصالح سودانية مهما بدت غالية- بأية مصالح مصرية ملحة. وهو أمر سيرسخ له السودان باستمرار حتى يتأسس أساس قوى ومتين لهذه العلاقة التى وصفها الرئيس السيسي بصدق بأنها نادرة !

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة