السودان يتغلب على تحدياته ويبني نهضته!

السودان يتغلب على تحدياته ويبني نهضته!

حظيت الإجراءات الإصلاحية الأخيرة التى أجراها السودان على جهازه التنفيذي و الذي أفضى إلى تقليص الترهل الاداري، و ضغط و تخفيض الانفاق العام، حظيت بقبول عام، سواء على مستوى المواطنين العاديين أو القوى السياسية المختلفة

. و ذلك – ببساطة – لان هذه الإجراءات الاصلاحية وعوضاً عن انها بدأت بالفعل تضفي عافية اقتصادية عامة في السودان، فهي كانت واحدة من ابرز بنود و مخرجات مشروع الحوار الوطني (يناير 2014- 2016) .
بل ان قوى نداء السودان التى تعارض الحكومة و تضم ساسة ومسلحين أقرت مؤخراً بأن عملية الاصلاح و تخفيض الطاقم الدستوري لتقليل الانفاق العام واحدة من مطلوباتها هي كقوى معارضة. اذن فان المشروعية السياسية و القانونية لهذه الاصلاحات و التدابير التقشفية متوفرة بدرجة كافية و تحظى برضاء و قبول عام جيد.
أما من ناحية التفاصيل لهذه الإجراءات والآليات التى تتوسل بها الحكومة لإعادة ضبط حركة العمل السياسي و التنفيذي والاقتصادي؛ فقد تشكلت حكومة يمكن القول انها تمثل الحد الادنى لتقليل و تقليص هياكل الحكم ، فهي مكونة من 21 وزيراً إتحادياً و حوالي 23 وزير دولة و رئيس وزراء مستقل عن الجهاز السيادي بحيث يمكن ان يحاسبه البرلمان وهو الشاب النابض بالحيوية (معتز موسى) و الذي قرر الرئيس البشير ان يتولى مع رئاسته للوزارة، وزارة المالية و التخطيط الاقتصادية.
رئيس الوزراء الجديد ترأس اول اجتماع لمجلس الوزراء و أوضح فيها بجلاء النقاط الاستراتيجية الثلاثة التى سوف يجري العمل حيالها في المرحلة المقبلة: أولا، معاش الناس و قضايا حياتهم اليومية من كبح جماح الأسعار وتوفير الخدمات الصحية و التعليم بأيسر ما يمكن.
ثانياً، مكافحة الفساد و استئصال شأفته و معالجة اي اختلال ينجم عن هذه الممارسات الفاسدة.
ثالثاً، قضايا الإصلاح السياسي و الإداري و معالجة الخدمة المدنية. و من الواضح هنا – لمن يدركون بعمق طبيعة التحديات في  السودان – ان رئيس الوزراء الجديدة و حكومته و ضعوا برنامج سياسي اقتصادي متكامل و بنود ذات أبعاد إستراتيجية لمواجهة تحديات المرحلة القادمة.
رئيس الوزراء اكد على ان البرنامج المطروح ليس برنامجا جديدا وإنما سيتم تنفيذه (بروح جديدة) وفق موجهات و مقترحات يقدمها الوزراء كل من موقع اختصاصه ليتم التداول حولها، و من ثم إنفاذها عملياً. بالفعل، ووفقاً لمتابعة (سودان سفاري) بالعاصمة السودانية الخرطوم في ظل مناخها الساخن وأجوائها الخريفية الراهنة، فان رئيس الوزراء سرعان ما اتبع القول بالعمل بزيارته المفاجئة للبنك المركزي و مناقشته لأهم قضايا الراهن، خاصة فيما يتصل بقضايا السيولة و أموال الموعدين بالبنوك و مجمل السياسة النقدية عامة للبلاد.
 ثم تلاها بزيارة اخرى إلى وزارة الصحة الاتحادية و الإمدادات الطبية لمعالجة مشكلة انسياب و تفوير الدواء و قضى ساعات طوال من اجل وضع خطوط عامة حاسمة لهذه القضايا، ثم مصفاة الجيلي وما يتعلق فيها من قضايا انسياب الوقود، و الغاز، وكافة المحروقات.
هذه التحركات العملية الميدانية السريعة تؤشر إلى ان آلية  الاصلاح و المعالجة شديدة الجدية، و الحركة ، كما ان رئاسة الجمهورية في السودان سارعت بإيفاد وفود من ديوان الحكم الاتحادي الي ولايات السودان المختلقة من اجل تقليص المحليات التى أقل حد ممكن (5-9) محلية و كذلك تقليص الجهاز التنفيذي الولائي إلى النصف (نسبة 50%).
 الرئيس البشير اصدر قراراً جمهورياً تم إنفاذه على الفور يقضي بمنع اية تعاقدات إدارية مع من إنتهت مدة خدمتهم ببلوغهم سن المعاش، و إنهاء هذه التعاقدات فورا وما يمكن ان يصب -بجدية- في ضغط المصروفات و الانفاق العام على نحو ملموس.
مجمل القول ان الخرطوم – في هذه اللحظات التاريخية الهامة – تبدل ثيابها القديمة و تستشرف عهداً جديداً كلية، وهي إذ تفعل ذلك بهمة و إرادة سياسية جادة تسعى لبناء نهضة بحيث يدخل السودان  في غضون عقد واحد إلى مصاف الدول التى يشار إليها بالبنان.    

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة