المهدي أمام أطلال الجبهة الثورية!

أتعس الناس بالتصدع الكبير الذي ضرب الجبهة الثورية مؤخراً هو دون شك السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي وأحد ابرز الذي ركبوا موجتها دون تبصر وقراءة جدية.
تعاسة المهدي بتصدع الثورية تتجلى في عدة اعتبارات أسياسية: أولها إنَّ على المهدي أن يقرر ما إذا كان سوف ينحاز إلى الديمقراطية و يتيح لقادة دارفور أن ينالوا حقهم في الرئاسة الدورية أم ينحاز إلى شمولية الحركة الشعبية قطاع الشمال، من اجل أن تحافظ الثورية على تماسكها؟ مجرد شعور المهدي أنه يواجه امتحاناً ديمقراطياً قاسياً هذا حيال أصدقائه في الثورية يمكن اعتباره هو في حد ذاته أمر مرير وغير مسبوق.
ثانيهما، أن المهدي وبغض النظر عن مآلات الأوضاع داخل الثورية عليه أن يبلور قناعة سياسية سريعة أنه كان مخطئاً تماماً حين وضع البيض في سلة حملة سلاح موتورين لا يؤمنون بديمقراطية ولا يعرفون حتى معني التداول السلمي للرأي، دعك من السلطة! بمعنى أدق فإن المهدي في واقع الأمر فقد (سلاح المناورة) الذي ما فتئ يناور به في خصومته ضد الحكومة السودانية. 
ثالثهما، الموقف أعطى المهدي (صورة مستقبلية) مقربة لما يمكن أن يجري مستقبلاً إذا ما فرض أن الأمور دانت للمعارضة السودانية. حريّ بالرجل أن يكون قد أدرك (حدة الصراع) الخفيّ والدفين بين مكونات الثورية، فإذا كانت الحركة الشعبية قطاع الشمال تستأسد على ثلاثة حركات دارفورية مسلحة وتستهين بوزنها مجتمعة وتصارعها على قادة الثورية، فماذا ستفعل حيال قادة سياسيين تقلصت أوزانهم الحزبية ولم يعد لهم بريق أمثال المهدي والتوم هجو ونصر الدين الهادي؟ فإذا لم تكن حركات دارفور الثلاثة بسلاحها ودعمها الخارجي تساوي شيئاً لدى قطاع الشمال، فما الذي يساويه الصاد المهدي ورفاقه؟
رابعاً إذا كان الافتراض التحليلي يقول إن رفض عقار إفساح المجال لجبريل إبراهيم رئيس حركة العدل الدارفورية لتولي رئاسة الجبهة الثورية لأسباب تتصل بالخلفية الفكرية لجبريل إبراهيم وكونه كان وإلى عقد قريب ينتمي إلى الإسلاميين، فإن التساؤل بطبيعة الحال يمتد إلى السيد الصادق المهدي الذي يطرح طرحاً إسلامياً هو الآخر ويتولى إمامة الأنصار بكل ما يعنيه ذلك من انتماء إلى الفكر الإسلامي.
الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن المهدي بالنسبة للثورية مجرد وسيلة لتحقيق غاية سياسية ومن ثم يكون هنا لكل حادث حديث مستقبلاً؟ تعاسة المهدي في هذه النقطة بالذات واضحة كالشمس، فالرجل غير مرغوب فيه، ضمن المعادلة شأنه شأن أي قيادي أو سياسي ينطلق من منطلق فكري إسلامي. الرسالة وصلت إلى المهدي في توقيت عصيب للغاية فهو اضاع فرصة الحوار الوطني أملاً في أن يأتي لاحقاً ضمن ترتيبات خارجية مختلفة وها هي الترتيبات الخارجية تتداعى وتنهار أمام عينيه ولا يملك حيالها أي شيء. 
إن العظة والعبرة المستخلصة من هذه التطورات كلها تصب في سوء اختيارات السيد المهدي وسوء تقديراته وربما سوء حظه السياسي!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة