إصلاحات مؤثرة داخل الدولة بلا ضجيج إعلامي!

ربما كان من السهل -صحفياً وإعلامياً- تسليط الضوء باستمرار وبتفاصيل تبعث على الملل على مثالب وأخطاء الحكومة السودانية باعتبار أن السوق الإعلامي الرائج لهذه البضاعة هو الأكثر ربحية. ولكن بالمقابل فإن ذات الذين يجدون كل تلك السهولة في توجيه سهام النقد، ومتابعة الأخطاء والغوص فيها عميقاً لا يبالون منذ أشهر طويلة من الخطوات الايجابية التي شرعت الحكومة السودانية في واقع الأمر منذ أشهر طويلة في معالجتها معالجة جذرية.
صحيح إن برنامج إصلاح الدولة برنامج ممتد وطويل وطريقه شاق وبالغ الوعورة ولكن ما من شك أن هذا هو اختيار الحكومة السودانية، واختار رئيسها البشير عبر برنامجه الانتخابي المنشور والذي استطعنا أن نطابق نصوصه وسطوره مع بعض الخطوات التي لمسناها وهي تتخذ طريقها قدماً نحو التطبيق، فكانت النتيجة بالغة الايجابية.
فعلى صعيد القوانين على سبيل المثال، فإن وزارة العدل دفعت في الأشهر القليلة الماضية أكثر من 15 قانوناً إلى القنوات التي عادة ما تسنّ بها القوانين، بعضها تعمل الآن وبعضها في طريقة للإجازة. وزارة العدل السودانية أيضاً تعمل الآن بجد ومثابرة -وقد وقفنا على ذلك عن كثب داخل أروقة الوزارة قبالة شارع الجمهورية بالعاصمة السودانية الخرطوم-على الفراغ من ما مجموعه حوالي 61 قانوناً شديدة الأهمية من المنتظر أن تُحدِث متغيرات مفصلية فارقة.
هناك قوانين مستحدثة وأخرى طالتها تعديلات جوهرية سوف تصبح بها الأوضاع في السودان مختلفة جداً. وزارة العدل السودانية أيضاً دفعت حتى الآن بحوالي 3 ملفات شديدة الأهمية والحساسية ومنحتها صفة عدلية بحتة بعيداً عن أي صبغة سياسية.
الملف الاول خاص بما عُرف بقضية "سوق المواسير" بولاية شمال دارفور وهي حادثة شهيرة أعيدت للأضواء من جديد برافعة قانونية عدلية صرفة. الملف الثاني، ملف تعويضات ما عرف بأحداث سبتمبر 2014م، الأحداث التي راح ضحيتها عدداً من المواطنين في إطار أعمال شغب معروفة. الملف الثالث الأكثر أهمية اقتصادية ملف "سودان أير" وقضية ضياع امتياز خط (هيثرو) الشهير بالعاصمة البريطانية لندن.
مجرد دفع وزارة العدل بهذه الملفات (الساخنة) إلى طاولة التحقيق ومن ثم الانتهاء بالمنصة القضائية يعني الكثير والكثير جداً من الإصلاح الحقيقي الواقعي النابع من صميم إرادة الدولة.
هنالك لجان متخصصة (تعمل في دأب وصمت) بصفة شبه يومية في دواوين حكومية مختلفة في المركز والولايات تعمل على إصلاح هياكل الخدمة المدنية بصفة من المؤكد أنها مدهشة وتدل دلالة قاطعة على جدية عملية الإصلاح. هنالك إعادة مراجعة بقدر من الدقة والحيادية للعديد من الأمور التي جرت في سنوات سابقة وألحقت أضراراً متفاوتة بالدولة. اقتصاد الدولة نفسه تجري مراجعته بصورة متلاحقة لدرجة يمكن أن يلهث معها أي عمل إعلامي ولا يقوى على ملاحقتها. إجمالاً فإن الدولة السودانية في كل يوم تتغير ومن الواضح أن عملية الإصلاح نفسها ليست فقط من أجل تمهيد المناخ لمرحلة الحوار وما بعد الحوار، بقدر ما هي (برنامج عمل) قررت الحكومة السودانية المضي فيه قدماً. وعلى ذلك فإن مساقط الضوء التي ما تزال تسقط على بعض هنّات وأخطاء الحكومة مطالبة -لدواعي الموضوعية والإنصاف- أن تنتبه الانتباه المطلوب لحركة الإصلاح الجادة والمؤثرة جداً الجارية باستمرار داخل دواوين الدولة!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة