ن الحوار الوطني الحالي سيدخل منعطفا خطيرا قريبا ، ولكن يبدو انه قد
دخل المنعطف الخطير باسرع ما توقعت ، منذ الاحد الماضي وخلال اسبوع بدات
بوادر المنعطف تطفو على السطح...
متمثلة في بدات بوادر المنعطف تطفو على السطح متمثلة في خمسة مؤشرات :
أولاً
: تسريبات مذكرة المؤتمر الشعبي للحوار والتي في مجملها تطالب بالهبوط
الخشن لنظام الانقاذ ، اذ تدعو الى فترة انتقالية لمدة عامين يكون فيها
الرئيس البشير اما موجودا كرمز للسيادة فقط في القصر دون اية صلاحيات
تنفيذية تدير البلاد فعلا وواقعا ، والتي تنادي المذكرة بتحويلها الي مجلس
الوزراء الانقالي الذي يتكون من عشرين وزيرا ، تفوض له كل السلطات
التنفيذية والرئاسية بموجب تعديل في الدستور الحالي ( هذا اشبه بالفترتين
الانتقاليتين عقب ثورة اكتوبر 1964م وانتفاضة ابريل 1985 م) ، او يتنحى
الرئيس البشير تمام ليخلفه شخص واحد مستقل او مجلس سيادة ، كما حدث في
الماضي عقب الثورتين اكتوبر وابريل ، وتنادي المذكرة ايضا بحل البرلمان
الحالي واستبداله بمجلس تشريعي قومي من مائة شخص ، مواصفات اعضاء مجلس
الوزراء الانتقالي واعضاء المجلس التشريعي الانتقالي ومعايير اختيارهم كما
اوردت المذكرة تجعل المؤتمر الوطني ترسا واحدا في عجلة الفترة الانتقالية
المكونة من عدة ( تروس ) لا تقل عن عشرة .
المذكرة في مجملها تحمل في
مضمونها وحواشيها ومتنها كل ما تطالب به المعارضة المدنية والمسلحة
المعتدلة والمتطرفة في تنسيق وصياغة محكمة للغاية ، تسحب البساط من تحت
اقدامها في جراة بعيدة عن الالتفاف والرموز والاشارات المبهمة المتوارية
خوفا او خجلا من هجمات المؤتمر الوطني المرتدة .
ثانيا ً : الهجمة
المرتدة المتعجلة الحاسمة جاءت على لسان نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني
الرجل المهذب المرن ابراهيم محمود حامد ، حينما صرح بان الذين ينادون بفترة
انتقالية واهمون ، وبذلك نسف كل امال البعض في جدوي وجدية الحوار ، وكشف
امتحان الحوار واهدافه قبل نهاياته بوقت طويل احدث ملمة وتذمر بعض
المحاورين خاصة الحركات المسلحة ، التي رات في الحوار مخرجا ، واتوقع ان
يؤجل الامام الصادق حضوره الي الخرطوم عن الموعد الذي حدده بمنتصف نوفمبر
الحالي ، ورود هذا التعليق من المهندس ابراهيم الذي يشكل العنصر المرن غير
المتشدد في المؤتمر الوطني يوضح راي القيادات الاخري الرافضة للحوار اصلا ،
وقد يكونوا هم المعنيون بالتصريح اكثر من اصحاب المذكرة ( المؤتمر الشعبي )
.
ثالثاً : الهجمة المرتدة الثانية جاءت على لسان السيد نائب رئيس
الجمهورية حسبو محمد عبدالرحمن ، عندما قال ان اعادة النظر في الولايات
الحالية يعتبر ردة ، وبذلك قفل طريق الحوار في هذا الاتجاه الذي تطالب به
حركات دارفور الثلاث غير الموقعة على اتفاقات الدوحة .
رابعا : التخوف
الذي ذكره قيادي بالمؤتمر الوطني في الاجتماعات التي حددتها الالية
الافريقية بين الحكومة وقطاع الشمال منتصف توفمبر الحالي في اديس ابابا ،
محددا التخوف من عودة قطاع الشمال الي شروطه السابقة خاصة التمسك
بالاتفاقية الاطارية .
خامسا : تصريحات الاتحادي الديمقراطي الاصل على
لسان القيادي مساعد بضرورة الالتزام بمخرجات الحوار الحالي ، وقبول راي اي
حزب في اشارة الي مذكرة المؤتمر الشعبي واخضاعها لمداولات الحوار قبل الحكم
عليها بالاعدام ، كما فعل المهندس ابراهيم محمود حامد ، وكذلك تصريحات
الامام الصادق المهدي واسداء النصح للحكومة والمؤتمر الوطني بالاستجابة
لدعوة الالية الافريقية لاجتماعات اديس ابابا ، وعدم التخوف من حضور
الاجتماعات باي اعذار ، هذا التصريح من الامام بما يملك من معلومات دقيقة
يشير الي تردد المؤتمر الوطني في الاستجابة للقرار 539 الذي تبدا اولي
خطواته بالمؤتمر التحضيري في اديس .
قراءة هذه المؤشرات الخمسة كما يلي :
اولا
: مذكرة الشعبي كما ذكر د. الطيب زين العابدين في مقاله لاخر لحظة يوم
الخميس الماضي كتبت قبل عام تقريبا ، لم يكشف عنها الا هذا الاسبوع ، وهي
بكل المقايسس سقف عال جرئ غير متوقع ، وهي اما ان تكون ( جس نبض) المؤتمر
الوطني لمعرفة مدي جديته في الحوار وسقف استجابته في عملية التغيير او ضربه
معلم لنسف الحوار وفرز الكيمان في حزب واحد ، يقود البلاد في الفترة
القادمة ، وهذا بالطبع لن يحل قضية السودان ، ولكن يعقد قضية المؤتمر
الوطني ، عملية الدمج هذه ستغير المؤتمر الوطني شكلا ومضمونا ، وستفرز
اقصاء قيادات تاريخية مثل موقعي مذكرة العشرة التي انشات المؤتمر الشعبي ،
وعودة قيادات بارزة الي المؤتمر الوطني مثل د. الترابي ، ود. علي الحاج ،
وابراهيم السنوسي ، وبشير ادم رحمة ، ومحمد الامين خليفة ، وعبدالله حسن
احمد ، وكمال عمر وغيرهم ، والتوحيد الجديد اذا حدث لن يتستوعب الاستاذ على
عثمان ، ود.غازي ، ود. نافع ، ود. امين حسن عمر ، ود. مصطفي عثمان ، ود.
عوض الجاز ، ود. قطبي المهدي وبقية القيادات .
الاحتمال الاخر ان تكون
المذكرة جادة وتؤمن بهذا الحل بتفكيك الانقاذ تماما توقعا لاحداث قادمة ،
تعيد للمؤتمر الشعبي الطريق في مسار جديد للبلاد .
ثانيا : هذا الموقف
المبكر من بعض قيادات المؤتمر الوطني بوضع سقوفات للحوار الحالي قد يدفع
بالسيد الحسن محمد عثمان الميرغني الي وقفه متانية لاستقراء المخرجات
الاخيرة للحوار ، والتي قد تعمق الخلاف في حزبه خاصة من جانب الشباب
والقيادات التاريخية التي ترفض المشاركة في الحكومة وبالتالي الحوار ، وقد
يؤدي هذا الاستقراء الي تعديل موقفه من موالاة المؤتمر الوطني .
ثالثا :
هذا التطور في سير الحوار الوطني ورفض مذكرة المؤتمر الشعبي سوف يقوي من
موقف الامام الصادق والموالين له في تداء السودان خاصة الجبهة الثورية في
قبول طرح المجتمع الدولي وتسوية الهبوط الناعم .
رابعا : احزاب قوي
الاجماع الرافضة للحوار الا بعد تلبية شروطها المسبقة باتاحة الحريات
العامة ، وازالة كل القوانبن المقيدة لها ، سوف تعمل لوحدها بعيدا عن كل من
يقبل التسوية وقريبا من منظمات المجتمع المدني وتحركات الشباب في
التنظيمات الاجتماعية ، والجماهير الصامته ورافضة لصعوبات المعيشة في
انتظار نضوج الوعي الجمعي والوصول الي النقطة الحرجة قبل الانفجار .
خامسا
: حزبا المؤتمر الوطني والشعبي قد تتم اعادة الوحدة بينهما على حساب اقصاء
قيادات تاريخية في المؤتمر الوطني ساهمت في حدوث المفاصلة وقيام المؤتمر
الشعبي ، وهذا قد يقود الي بروز تيار يميني موازي لقوي الاجماع اليساري ،
هذا التيار اليميني يضم اعضاء الحركة الاسلامية المختلفين مع المؤتمر
الوطني مثل الاصلاح الان ، ومنبر السلام والسائحون .
حدوث اي من هذه
الاحتمالات تحدده الخطوات التالية للرئيس البشير ، خاصة بعد زيارته الاخيرة
للسعودية وقربه من التحالف العربي ، وبعده من الخلف الايراني ، او بالاحري
الحركة الاسلامية العالمية .
والله الموفق
م: عمر البكري ابوحراز
تعليقات
إرسال تعليق