قال الأمين العام للأمانة العامة للحوار الوطني، البروفسير هاشم على سالم
إن عدد من الحركات المسلحة المشاركة في عملية الحوار الوطني الجاري حالياً
بالعاصمة السودانية الخرطوم في ارتفاع مضطرد، وأشار هاشم إلى أن العدد وفي
غضون أسبوعين فقط من تاريخ انعقاد أولى الجلسات في العاشر من أكتوبر ارتفع
من 18 إلى 29 حركة مسلحة، عازياً إرتفاع المشاركة إلى الرغبة المتزايدة من
جانب هذه الحركات في طيّ صفحة الحرب والجنوح للسلم.
ولا شك أن هذا التطور جدير بالتوقف عنده وذلك لعدة اعتبارات إستراتيجية:
أولاً إن مشروع الحوار الوطني وباعتباره مشروعاً سياسياً سودانياً خالصاً
واحد من أهم أهدافه السياسة هو اجتذاب حملة السلاح وإبدال عقيدة الحرب وحمل
السلاح بعقيدة الحوار والتفاوض وحلحلة الخلافات بصورة سلمية، وبقدر ما
تزداد قناعة حملة السلاح بهذه النقطة المحورية والهامة بقدر ما تتحقق
عملياً أهداف مشروع الحوار الوطني بالطريقة المأمولة.
ثانياً، تزايد
عدد المشاركين من الحركات المسلحة يعني أيضاً أن القادمين الجدد لمسوا جدية
ومصداقية في عملية الحوار إذ من المؤكد أنهم ومنذ البداية لم يكونوا
واثقين بالقدر الكافي من عملية الحوار والحريات المكفولة فيه، ولهذا ظلوا
يراقبون العملية حتى ترسخت لديهم قناعة كافية بجدوى العملية ومن ثم قرروا
اللحاق بها.
ثالثاً، إدارك هذه الحركات المسلحة أن الحوار الجاري لن
يتكرر وأنه مفتوح لثلاثة أشهر قابلة للتمديد، مثل هو الآخر دافعاً قوياً
لها للمسارعة بالمشاركة، إذ لن تتوفر سانحة تاريخية مماثلة يفتح فيها الباب
واسعاً للجميع لطرح آرائهم بحرية تامة وشفافية ووضوح فعلى الأقل يمكن
اعتبار حرية التحاور وطرح الآراء وتوفر فرص استماع الآخرين لما يقولونه
بعيداً عن أي ضغوط، سانحة نادرة إذ من الممكن أن يتحقق لهؤلاء ما يريدونه،
دون أن يكون قد كلفهم هذا الأمر أي ثمن!
الواقع إن الحوار المفتوح
بحوار كل الأطراف هو في حد ذاته (حافز سياسي) لا يقدر بثمن لأي حركة مسلحة
لها مطالب ومآخذ وأهداف، إذ ليست كل الحركات المسلحة متعنتة أو موصولة
بأطراف خارجية أو لها طموحات مستحيلة.
رابعاً، الحركات المسلحة التي
تتمتع بقدر من الإرادة الذاتية والتي لها مطالب موضوعية -وهي موجودة- أتاح
لها الحوار التخلص من مصاعب التفاوض وإجراءاته المعروفة، فالأزمة المتعلقة
بالنازحين ومعسكراتهم والجوانب الإنسانية من الممكن حلها في إطار التفاوض
الثنائي، ولكن من الأسهل أن يتم ذلك عبر حوار وطني جامع ودون الحاجة لوجود
أطراف خارجية لها أجنداتها وأهدافها.
وهكذا يمكن القول إن انجذاب
الحركات المسلحة لعملية الحوار ومثابرتها على المشاركة فيه، هو واحد من أهم
ايجابيات عملية الحوار الوطني التي حققت قدراً من الموضوعية حتى قبل
انتهاء عمليات الحوار وظهور مخرجاته، إذ على الأقل وفر هذا المشروع زمناً
ليس يسيراً لكي يتحقق تفاهم سياسي عام لصالح بناء الدولة السودانية،
وبالمقابل فإن هذه المشاركة المتصاعد ة من المؤكد أنها سوف تسحب البساط من
الحركات الأخرى التي رفضت الحوار وتمسكت بأسباب غير منطقية وغير موضوعية.
تعليقات
إرسال تعليق