> الحكومة الانتقالية «لعلها رغبة المعارضين خارج السلطة وحدهم الذين
قاطعوا الانتخابات الفائتة انتخابات 2015م.. ولم يقاطعوا الانتخابات التي
أجريت قبلها.. انتخابات 2010م.
> وهي قد كانت آخر انتخابات أجريت في السودان القديم.. أو الجمهورية «الأولى».
> ويبدو أن القوى المعارضة تريد أن تبدأ «الجمهورية الثانية» بعد انفصال جنوب السودان بمرحلة انتقالية.
>
فبمثلما انتهت الجمهورية الأولى بحكومة انتقالية خرجت توصياتها من رحم
اتفاقية نيفاشا «الحوار الوطني الثنائي» بين الحكومة وحركة التمرد الجنوبية
بقيادة قرنق، تريد القوى المعارضة الآن أن تبدأ الجمهورية الثانية أيضاً
بمرحلة انتقالية.
> لكن اذا كانت تلك قد انتهت بعد فترة انتقالية
سبقها حوار ثنائي بين الحكومة والتمرد، لماذا لا تفكر القوى المعارضة لذلك
في أن تسبق الحكومة الانتقالية التي يريدون بها تدشين الجمهورية الثانية
عملية حوار متكامل مثل هذا الحوار الوطني الذي يستقبل كل القوى السياسية؟!.
>
والقوى المعارضة نفسها إذا لم تهتم بالحوار الوطني الآن، فلن تهتم به بعد
أن تدخل في حكومة انتقالية بمواصفاتها وتنشغل بما يشغلها من مصالح حزبية
وطموحات شخصية ورغبات ذاتية.
> فالآن وقبل تدشين الجمهورية الثانية،
فإن الوقت مناسب للانشغال فقط بالقضية الوطنية والمصلحة الوطنية العليا
التي تعلو على المصالح والأيدلولوجيات والأفكار الحزبية.
> فالأحزاب
موجودة في السلطة والبرلمان منذ خمسينات القرن الماضي.. فماذا يمكن أن
تفعله بعد هذه الحكومة الانتقالية دون حوار وطني حاسم بنتائجه؟!.
>
وهي تحدثنا عن ظلم هذه الحكومة ودكتاتوريتها وعدم رشدها.. ومع ذلك فإن هذه
الحكومة تدعوها الى الحوار معها.. وهي ترفض.. فهل أصبح الحوار مع العادل
والديمقراطي والراشد.. وليس مع الظالم والدكتاتور وغير الراشد؟!.
> هل انعكست الآية؟!.
>
أليس من المعارضين رجل رشيد يبين لرفاقه أن الحوار يكون مع من يظنونه
ظالماً ومستبداً وأن من هو خلاف ذلك لا حاجة الى حوار معه؟!.
> هذا نقول حسب منطق المعارضة.
>
لكن لأنها لا ترى الظلم والاستبداد، أو أنها تشعر بمصير الهزيمة إن هي
دخلت الحوار، تريد أن تتجاوز هذا المشروع الوطني الذي يمثل فرصة ذهبية
لخصوم الحكومة ويمثل خصماً على أسهم الحكومة حينما تفتح المجال واسعاً وتحت
الأضواء لمن ينتقدها.
> الحوار الوطني فرصة لمحاسبة الحكومة بطريقة غير مباشرة.. لكن الحكومة الانتقالية يمكن أن تكون مهرباً لها من فرصة المحاسبة هذي.
>
لكن هل الرافضين للحوار الوطني المتطلعين للحكومة الانتقالية دون مراجعات
لنظم إدارة الدولة منذ 30 يونيو 1989م.. هل يفكرون فقط في مطامعهم بصرف
النظر عن أشواق المواطنين؟!.
> كل هذه المقدمة الطويلة هي «رمية»
للتعليق على تصريح مساعد رئيس الجمهورية ونائبه لشؤون حزب المؤتمر الوطني
الحاكم المهندس إبراهيم حامد محمود.
> فقد صرح بأنه لن يعتذر عن حديثه حول «الحكومة الانتقالية».
> وحديثه هو ليس حديثه الشخصي كما قال، وإنما هو رؤية الحزب.
>
وهو يرد على آلية «7 + 7» للحوار الوطني.. وطبعاً الموقف من الحكومة
الانتقالية لابد أن يكون هو رأي الحزب إذا صرّح به أي عضو بالحزب، دعك من
نائب رئيس الحزب لشؤون الحزب.
> ولعل الحكومة الانتقالية تعني للحزب
الحاكم الآن إجهاض الحوار الوطني.. وهذا يبقى مجاملة فئة معارضة ضالة على
حساب القوى المقدّرة التي تشارك الآن في لجان الحوار الوطني بقوة وتقوم
بمراجعات وجرود وضعت الحكومة أمام محاسبة واستدراك غير مباشرين.
>
ويبدو أن المعارضين للحوار لا يريدون محاسبة «النظام» لأنهم يطرحون عليها
أن تتشفّع بحكومة انتقالية يتقلدون فيها المناصب الرفيعة ويقبضون
الامتيازات بصورة خرافية وكأنهم في دولة خليجية بترولية أو أوروبية صناعية.
أو كأنهم موظفون كبار بالأمم المتحدة.. أو مسؤولون في المنظمات الأجنبية
التي تتسوق في أسواق نسف الأمن والاستقرار في دارفور وجبال النوبة..
وتتخندق في «كاودا».
> لكن المواطن العاقل والحزب العاقل والجماعة
العاقلة يرفضون أن يُشكل الرئيس حكومة انتقالية تستمر بعدها المشكلات التي
تناقش الآن باستفاضة داخل لجان الحوار الوطني.
> اذا كنا نريد محاسبة
النظام فليس الآن من فرصة كبيرة مثل مشروع الحوار الوطني الذي طرح فيه بعض
المشاركين في لجانه موضوع التطبيع مع إسرائيل.. ولهذا رده طبعاً. لكن
العبرة هنا أن نفهم أن الحكومة الانتقالية تعني بمنطق المعارضة استمرار
المشكلات التي يناقش حلولها رجال ونساء الحوار الوطني حتى ولو جاءت هذه
الحكومة «المطامعية» بما يتفق مع أمزجة المطالبين بها قبل الحوار.
> فهي لن تكون قبل حوار، بل بديلاً للحوار.
تعليقات
إرسال تعليق