الحركة الدارفورية .. الريدة ماجبر

بقلم/ محمد عبد الله يعقوب
إنتظمت لجان الحوار الوطني الست في أعمالها بقاعة الصداقة بالخرطوم للخروج بالبلاد من النفق المظلم الذي دخلته بسبب الحرب الأهلية في المناطق الثلاث المعروفة لدي جميع السودانيين ولكن بعض الحركات المسلحة ذات الوزن الثقيل لم تحضر أو ان الذين حضروا هم أفرع منها لذلك اردت ان اكرر قولي السابق لأولي الأمر علهم يجدوا فيه شيئاً .. وأقول
يقول أهل دارفور وهم يغنون (ما حقو نلزم الصبر يا ناس .. الريدة ما جبر)، والعبارة واضحة وضوح الشمس، فالحب لا يأتي بالقوة، والتوادد يتطلب (الحنية) والإيحاءات الحركية، وأحياناً كل مفردات لغة الإشارة الخاصة بالصم والبكم، حتى تستطيع إقناع جميلة الحي بأنك (ميت في حوش العمدة) قبل أن تأتي إليك أمك وبقية الخالات اللأئي أرسلتهن (لجس نبض) أم السمحة ودفع (فتح الخشم) بالموافقة التي تجعلك سلطان زمانك، لتبدأ في الإعداد للعرس الأسطوري الذي تتمناه.
ولكن الحكومة السودانية (سامحها الله) لم تتعلم معاني الأغنية الجملية، فبعد أن مدت حبال الود والحنية لحركة العدل والمساواة وتوالت اللقاءات بالدوحة والسلام بالأحضان والحديث الرنان عاد الدكتور جبريل إبراهيم إلى سيمفونية الرفض والممانعة التي يتقنها بجدارة، غير إن دبلوماسيي الحكومة، طارت منهم ملكة الصبر ولم يلزموه، فجاروا الرجل في التعنت، و (اندكت الكوتشتينة) من جديد.
والقارئ لمجريات الأحداث وما يقول به الناس، فان جبريل إبراهيم لن يفاوض، ولن يقبل أي شيء إلا عن طريق الثأر لشقيقه الراحل الدكتور خليل إبراهيم والذي مضي إلى الرفيق الأعلى بغارة من سلاح الجو السوداني وهو يستعد بقواته للهجوم علي منطقة في كردفان، هكذا يتحدث أهل السياسة في لياليهم، وهم يرتشفون الشاي والقهوة ليلاً، والدكتور العلامة – جبريل مساواة – حاول أن يخرب الانتخابات بكامل عدته وعتاده، ولكن مواطن السودان قال (لا للحرب ولا لنهج العدل والمساواة المنافي لاسمها وشعارها) فأبادت القوات المسلحة والأمن والشرطة قواته (المدنكلة) تلك ولم يخرج منها (نفاخ نار) وهزم جبريل إبراهيم مرة أخرى بفقدانه النخبة من الضباط والجنود في معركة النصف ساعة التي برهنت فيها القوات الحكومية إن العدل والمساواة (حمام ميت) ليس ألا وان جيشها الذي تحارب به ماهو الا كشافة.
إذا جبريل يحتاج لمرجعية تنير له الطريق من داخل الحكومة، لذلك فضل أن يهيم في الأحراش مسبباً صداعاً دائماً للدولة.
حتى انه وبغيظ شديد كمن لثلاثة من أعضاء حركة دارفورية منائوة له وقتلهم وهم قادمون من الشقيقة تشاد، وحتى المواطن البسيط لا (ونسة) له إلا وهي مرتبطة بجبريل إبراهيم، إذ يتحدث الناس بالصوت العالي أن عدداً من أفراد العدل والمساواة دخلوا إنجمينا متربصين بأي وفد سوداني لأحداث الخسائر في الأرواح من أجل تعكير صفو العلاقة الوطيدة بين الخرطوم وإنجمينا حتى ترتاح حركة العدل والمساواة بعد أن تتأكد أن ظهرها مؤمن، والسؤال من عامة الناس هل عجزت حكومة السودان في الجلوس مع جبريل المسلم وفلحت من قبل في تدجين الدكتور جون قرنق المسيحي أم أن خروج الشيخ علي عثمان محمد طه من طاولة صنع القرار احدث فراغاً لايملاؤه إلا علي عثمان؟؟؟
فمثلما لم تفلح أبوجا ولا الدوحة فإن الدوحة وحدها لن تفلح مع العدل والمساواة ولا مع غيرها من الفصائل المتشطرة والمنقسمة لأن الحل هنا داخل السودان ومفتاحه الكبير لدي الشيخ الترابي .. أو هكذا يري العامة والمثقفون والسياسيون أيضاً، ولعل دهاقنة السياسية في الحكومة يعلمون ذلك ولكنهم قطعوا ((شعرة معاوية)) مع الشيخ الترابي وهو بالطبع – تحت – سعيد لانهيار أية محادثات وسعيد لعودة المعارك بأرض دارفور لأنه يحمل (حنق) الإقصاء والتهميش والتحجيم من أناس كان شيخهم الأكبر.
فلتردد الحكومة الأغنية الدارفورية السالفة ولتصنع المستحيل بكل حركات لغة الإشارة لكسب ود جبريل إبرايهم وعبد الواحد نور ومني أركوى وبقية زعماء الحركات الذين يهيمون في فيافي دارفور يقتلهم الجوع والعطش والأمراض والعناد والكبرياء (الزائف) واهم من ذلك كسب ود الشيخ الترابي فالرجل ما زال يردد ((لا إله إلا الله محمد رسول الله)) وله وزنه الديني والسياسي حتى في مجلس الشيوخ الأمريكي والبريطاني والبرلمان الفرنسي، لقد مضت السنوات سدى واصبحت العاصمة الخرطوم هي جمهورية السودان وتجمع فيها أهل الشمال والصعيد والشرق والغرب وتضايقوا في كل شيء بسبب الأوضاع الأمنية في النيل الأزرق ودارفور وجنوب كردفان، فهل تجد الحكومة آلية تمنح الشيخ الترابي صفة مبعوث رسمي من الدولة ومفوض للجلوس (في الخارج؟) مع الرؤوس الكبيرة لتأتي إلى الخرطوم وتلحق بالحوار ويعم السلام سائر بلادنا، أم أن الأمور أخذت منحى آخر ليصبح ما أقول به مجر (خطرفات مدقق)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة