عقار وعرمان بلاغ رقم (513)

أصدرت  المحكمة الخاصة بمحاكمة المتهمين حضورياً وغيابياً في أحداث ولاية النيل الأزرق الدمازين أولى جلساتها بسنجة حاضرة ولاية سنار ، وأصدرت المحكمة  قرارها في البلاغ رقم (513) وأدانت عدد (3) متهمين بأحكام بالسجن لفترات مختلفة تراوحت بين 12و11و4 سنوات كما برأت المحكمة (3) من المتهمين في ذات القضية.

وبلغ عدد المتهمين الماثلين أمام المحكمة حضورياً (78) متهماً وسجلت المحكمة بياناتهم الأولية وبلغ عدد المقدمين للمحكمة غيابياً بموجب أحكام المادة (134)أ من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م مقروءة مع لائحة الطواريء الخاصة بتشكيل المحكمة بلغ عددهم (17) متهماً وبعد أخذ بيانات المتهمين استمعت المحكمة لخطبة الإدعاء الافتتاحية التي قامت هيئة الاتهام بتلاوتها على المحكمة وتسليم صور منها للدفاع والمحكمة الموقرة وقد اشتملت الخطبة على ما حدث من وقائع باختصار وعلى البينات المتحصلة في مواجهة المتهمين والتهم الموجهة لهم وطلبت من المحكمة الموقرة محاكمة المتهمين تحقيقاً للردع العام والخاص وفقاً لما تم جمعه من بينات.

والجدير بالذكر أن المتهمين المقدمين للمحكمة غيابياً يترأسهم والي الولاية المعزول مالك عقار وياسر عرمان وآخرين من حكومة الولاية المنحلة في إفادة لهيئة الاتهام قالت إنها بعد استلام صورة قرار المحاكمات التي تمت ستدرس مسألة تقديم استئنافات للذين تم تبرئتهم بواسطة المحكمة علماً بأنها محكمة خاصة مشكلة لأغراض هذه المحاكمة ويتم استئناف قراراتها لدى محكمة استئناف خاصة أحكامها نهائية.

وفيما يلي  تورد (سودان سفارى) خطبة الإدعاء الافتتاحية

لجنة التحري والتحقيق في أحداث ولاية النيل الأزرق - الدمازين
السيد/ قاضي المحكمة الجنائية الخاصة – ولاية سنار سنجة
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
الموضوع: خطبة الإدعاء الافتتاحية
في سبتمبر من العام 2011م حاول والي ولاية النيل الأزرق وحكومة ولايته ، الاستيلاء على ولاية النيل الأزرق ، وفصلها عن المركز في مخطط استعماري يهدف لتقسيم البلاد بسياسة فرق تسد ، وذلك بهدف تقويض النظام الدستوري ، وإثارة الحرب ضد الدولة ، والتجسس على البلاد ، بإثارة الخلاف بين أبناء الولاية الواحدة بل القبيلة الواحدة ، ومحاولة أيضاً لتقسيم البلاد لدويلات يسهل إدارتها استعمارياً ، وكما يعد ذلك محاولة لاستغلال موارد البلاد الطبيعية والثروات الغنية التي تحظى بها هذه الولاية.
وعلى الرغم من أن الاتفاقية منحت (عقار) حكم الولاية ، وأعطت شعبه حق المشورة الشعبية ، وتعاملت معه حكومة المركز بكل رشد وديمقراطية ، بالدرجة التي صار بها (عقار) حاكماً فرداً مطلقاً فأفسد في الأرض حتى صار له من الكنوز ، ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة ، وله من الجاه إرم ذات العماد التي وصل حدها ، امتلاك عقارات بالخرطوم العزيزة أرضها الجزء الأرقى والأغلى ثمناً (شرق الخرطوم) ، وله من الآليات والحسابات والمزارع ما يفوق حد التصور،  وله من السلطان (أن كلام عقار مافيهو هظار)  وصوره المكبرة كالتماثيل تملأ الشوارع ، ومثله مثل الرئيس له عدة مستشارين لكل شيء حتى الغناء والمسرح، وكان حراً في حركته يسافر بدون إذن وعلم المركز ، بطائرة خاصة من (الكرمك) إلى حيث أراد.
فطغى وتجبر ومع الجبروت والطغيان استلم الشيطان زمام الإمور فجعل (عقار) مثله شيطاناً أكبر لايؤمن شره ، ورغم هذا الجاه والسلطان والعز والجبروت أثار (عقار) الحرب على الدولة محاولاً أن يستغل بولايته لتصبح دولة قائمة لذاتها دينها إثنياً ولغتها اللهجات المحلية ، في محاولة لمحو الدين الإسلامي من دولة الفونج أول ممالك الإسلام في البلاد ، ومحاولاً تغيير اللسان العربي لأحفاد عمارة دنقس وفضيلي جماع للهجات لا علاقة لها بالقرآن الكريم وقد علم عقار ، وهو ابن الولاية ، كم هي زاخرة بالثروات والمعادن ، فأراد أن يكون قارون عصره بل فرعون زمان عالٍ في الأرض ، بل من المسرفين.
ولذا فإن المخطط كان سياسي اجتماعي اقتصادي ، وقبل كل ذلك ديني أي أنه صراع ضد الإسلام ، والمخطط في الأصل مخطط استعماري مدفوع له (عقار) كتلميذ لمدرسة التمرد.
وقد استعمل (عقار) لذلك الجيش الشعبي الذي سمحت له حكومة المركز بعدل الحكم وسماحة الصلح الذي وقع مع الجنوب ، والذي ارتضته الدولة عن اختيار تام ومن واقع قوة لا ضعف وأتت بالشريك بإرادتها ، واقتسمت معه السلطة والثروة بدستور يسري ، وينتهي بالفضل إن كان هو خيار الاستفتاء ، وهذا ما حدث بكل أدب واحترام للمواثيق (والذين عقدت ايمانكم فآتوهم نصيبهم) ،ولكن ضعاف النفوس فهموا السماحة ضعف ، والصلح هزيمة.
واستمر الحكم في سماحته ، حينما سرّح بعد الاستفتاء كل قوات الجيش من أبناء الجنوب ، وبكامل الحقوق ، في حين ارهقوا الطرف الآخر بجيش الحركة الشعبية قطاع الشمال ، خارقاً بذلك نصوص الاتفاقية ، ومكوناً فرقاً مسماه للجيش الشعبي قطاع الشمال ، هي في الأصل نبت شيطاني أتى على حين غفلة من الزمان ورضع من ثدي هذا البلد قديماً وحديثاً ، ثم وبكل خيانة وغدر مد خنجره ليقطع الثدي الذي أرضعه ، ظاناً الظفر ، وهو يريد البتر لا يُفضي إلا للهدم.
عقار المتجبر ، وجيش الحركة الشعبية الأرعن ، ظنوا أن في وسعهم فعل كل شيء ، وبدأت المظاهر السالبة منهم على السيادة، والتطاول على القانون وإدخال العملة الأجنبية والتعامل بها ، والتزي عسكرياً بزي دولة أخرى ، واستعمال شاراتها وعملاتها ، وعلمها داخل حدود الولاية السودانية الغير متنازع عليها أصلاً ، بل وصل الحال (بعقار) أن أقدم على حرق علم السودان في احتفال يلتف حوله جيش الحركة الشعبية بالصراخ الذي أصبح عويلاً منهم في المستقبل في مدينة الكرمك ، إحدى أهم مدن الولاية ، ورفع علم الحركة الشعبية.
ادخل (عقار) في ترتيباته الاستعمارية لفصل الولاية العدة والعتاد، فجاء بالسلاح والمال ، وجنّد من يتفق مع أفكاره السوداء ، ودفعهم لأرض المعركة الظلماء.
لكن .. هيهات هيهات لما يوعدون،  فقد كانت القوات المسلحة (الجيش والأمن والشرطة) لهم بالمرصاد ، وتتبعت استخبارياً وأمنياً خطواتهم،  واستعدت حربياً وعسكرياً لصد عدوانهم الجائر الظالم.
وعند انطلاق أول طلقة من بندقية عسكر الحركة الشعبية ، تدخل الجيش لاحتواء الموقف وقد فعل حسناً بتضييق دائرة الصراع في أركان المجرمين من جيش الحركة الشعبية ، فحاصرهم حتى لا يتأثر إنسان المدينة الأعزل البريء من جرائم هؤلاء .. بالفعل فإن حجم الخسائر لا يقدر أبداً بحجم الأحداث على مستوى الممتلكات والأرواح.
وعقار وحكومته المخططون المحرضون على الجريمة كانوا (بالكرمك) في انتظار النصر الزائف ، والعودة ظافرين للدمازين أو الهزيمة النكراء والهرب صاغرين للجنوب ، وهذا ما حدث ، فقد طردت القوات جيش الحركة الشعبية إلى الجنود صوب الكرمك،  واشتبكت معهم في أكثر من موقع اعتباراً من (ام قرف) جنوباً ، وحتى (الكرمك) .. وبعد النصر المؤزر في (قيسان) أصبح الجيش يطارد فلول متمردين وليس جيشاً ، وعندما وصل الجيش الكرمك ، بعد مسيرة شهرين ، دخلها دخول الفاتحين ، وسط هتاف الرجال وزغاريد النسوة ، فرحاً بجلاء الطاغية (عقار) وجيشه الجبروت.
وعلى السيد/ الرئيس صلاة عيد الأضحى المبارك بالجيش والمواطنين صفاً واحداً في الكرمك ليس صلاة الخوف والحرب وانما بكل طمأنينة وأمن.
السيد/ قاضي المحكمة الجنائية العامة:
المتهمون بالقبض عددهم (84) ، إلا أن المقدمون للمحاكمة عددهم (101) متهما ، وذلك لأننا رأينا أنه ليس من العدل أن تقدم جند المعركة للمحاكمة دون سادتهم وكبرائهم الذين أضلوهم السبيل ، لا سيما وأن لسان حال جند المعركة يقول لنا ، كسلطة تحري،  أن نؤتي سادتهم ضعفين من العذاب ، وحتى يكون لكل ضعف بين يدي عدالتكم استعملنا نصوص القانون ، لكي نقدم الجميع ، فوجدنا ضالتنا في نص المادة (134) -أ ، من قانون الإجراءات الجنائية 1991م ، والتي سمحت لنا لتقديم السادة  كمتهمين غيابيين،  لكون أن الجرائم المرتكبة ، والمتهم بها هؤلاء من الجرائم الموجهة ضد الدولة ، والتي يسمح القانون بمحاكمتهم غيابياً.
الجرائم المرتكبة من (عقار) وجيشه والمتشتملة على الجرائم الموجهة ضد الدولة وجرائم ضد الإنسانية ، وجرائم ضد النفس والمال ، وجرائم الإرهاب واستعمال السلاح والزي والشارات العسكرية ، تم توجيه التهم بها.. بعد تحريات مضنية اشتملت على كل صغيرة وكبيرة ، وحشدت من البينات ما يكفي لإدانة المتهمين فوق مستوى الشك المعقول.
السيد/ قاضي المحكمة الجنائية العامة سنجة..
نقدم بين يديكم جهدنا كسلطة مختصة بالتحري،  شكلت كلجنة بموجب أحكام المادة (20) من قانون الإجراءات الجنائية ، مفوضين بسلطة التحري كنيابة من السيد/ وزير العدل.
سنقدم لكم من خلال قضية الاتهام ، ما جمعناه من بينات تشتمل على إقرارات المتهمين القضائية ، والمعروضات المستعملة في المعركة ، من أسلحة وآليات وزي ، وعلامات ، والمستندات والبينات الظرفية ، وقرائن الأحوال .. بالشكل الذي يعينكم على محاكمة هذه الدعوى.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
محمد فريد حسن أحمد
الرئيس المناوب للجنة التحري
في أحداث ولاية النيل الأزرق - الدمازين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة