أخطر تطور إيجابي كبير للإقتصاد السوداني!

بصرف النظر عن مآلات الجدل الاقتصادي والصحفي الدائر حالياً بشأن الانخفاض التواتر الملحوظ للدولار مقابل الجنيه السوداني، فإن من المفروغ منه أن واحدة من أهم مؤشرات هذا الانخفاض المتوالي أن الحزم الاقتصادية الشديدة الصرامة التي تتبعها وزارة المال السودانية بجانب الإجراءات  المماثلة التي يقوم بها البنك المركزي فى السودان تسير بسلاسة وبالكيفية التي من شأنها أن تحقق خفضاً متوالياً فى معدلات التضخم الأمر الذي يتيح للاقتصاد السوداني أن يحقق على المديين القريب والبعيد قدراً من الانتعاش المطلوب.
فقد قررت وزارة المالية وعبر البرنامج الخماسي للإصلاح الاقتصادي حزماً تتعلق بالاستيراد وبإحكام السيطرة على المال العام والإنفاق وتعزيز سيطرة الوزارة وولاياتها على المال العام وليس سراً في هذا الصدد أن أي مراقب للشأن الاقتصادي سيلاحظ بوضوح كيف تمكنت وزارة المالية السودانية من زيادة معدل الإيرادات الحكومة، وهذه بدورها ترجع إلى انتظام تحويلات عائدات إيجارات الأنبوب النفطي الخاص بنفط دولة جنوب السودان وهي عائدات وعلى الرغم من أنها ليست كبيرة إلا ن حسن توظيفها والمحافظة على تدفقها بانتظام أحدث فرقاً كبيرا.
هناك أيضاً إيرادات إضافية يمكن ملاحظتها بسهولة ويسر وهي وصول عائدات إيجار أنبوب النفط بكامله بعد نجاح الحكومة السودانية فى سداد كافة استحاقاقات الشركات الشريكة وأيلولة الأنبوب بكامله وبكافة معداته وملحقاته خالصاً للسودان. وزارة المالية أيضاً -بالتضامن مع البنك المركزي- نجحت فى توجيه عمليات الاستيراد والتصدير بالصورة المثلى المطلوبة، بحيث صارت عمليات الصادر تعود -بسرعة فائقة- بعملة أجنبية مقدرة كما حدث مؤخراً بشأن عائدات صادر الهدي إلى المملكة العربية فى موسم الحج الذي انقضى قبل أيام. فقد استطاعت الحكومة السودانية إدارة عمليات الصادر بقدر كبير من الحنكة مما أتاح تحقيق عائد كبير من العملة الصعبة.
وزارة المالية السودانية نجحت في تحقيق معدلات انخفاض مؤثرة فى الإنفاق العام بحيث لم يعد بالإمكان احتفاظ المؤسسات المختلفة بحسابات خاصة أو التراخي فى قفل الحسابات ومحاربة عمليات التجنيب. هذه التدابير والإجراءات المالية وكما قلنا بغض النظر عن أية عوامل أخرى أثبتت أنها بمثابة وسيلة عملية لترشيد الاقتصاد وتوجيهه الوجهة الصحيحة.
ولهذا فإن استعدادات وزارة المالية هذه الأيام لوضع مقترحات الموازنة العامة للدولة للعام 2015 إنما تنبني على هذه الإجراءات التي سرعان ما أفضت إلى خفض معدلات التضخم وهو واحد من أهم أهداف البرنامج الخماسي المزمع تطبيقه من العام المقبل2015.
وعلى ذلك يمكن القول إن المسئولين عن الاقتصاد السوداني على الأقل فى المرحلة الراهنة أدركوا جدياً الطريقة العملية المثلى لإزالة بعض التشوهات الاقتصادية عن طريق تجربة عملية ظهرت نتائجها وثمارها بوضوح وهو أيضاً يعتبر بمثابة منصة انطلاق لتعزيز جهود توسيع نطاق العملية الإنتاجية بالنظر إلى الموسم الزراعي الحالي والذي تؤكد كافة التقارير أنه وبالنظر لغزارة أمطار العام الحالي سيكون موسماً ناجحاً بكل المقاييس، فإذا أمكن تعزيز تكثيف العملية الإنتاجية فإن من المنتظر أن ينجح السودان في دفع عجلة اقتصاده فى الأعوام المقبلة بما يتيح له الخروج من أزماته الحالية.
ولا شك أن ارتفاع قيمة الجنيه السوداني فى مواجهة الدولار سوف تتوالي حتى يعود الجنيه إلى قيمته الحقيقة وتلك أمنية لم تعد مجرد أمنية سياسية تتمانها الحكومة السودانية لا يصدقها فيها أحد وإنما تحولت إلى واقع ملموس، بحيث لا مجال لأحد أن يجادل بشأنه مهما بلغت خصومته للحكومة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة