قبل إنعقاد المؤتمر الإقليمي لمكافحة الاتجار بالبشر بالعاصمة السودانية
الخرطوم منتصف أكتوبر الجاري كان السودان قد قطع شوطاً كبيراً للغاية
باتجاه تعزيز جهوده وجهود المجتمع الدولي والإقليمي فى مكافحة واجتثاث هذه
الظاهرة الأمنية المقيتة التي باتت تثير هاجس المجتمع الدولي بأكمله وتغض
مضجعه، ففي شهر يناير الماضي من العام الحالي 2014 كان السودان من الدول
القلائل التي سارعت باستنان تشريع جنائي حازم جرى تشريعه خصيصاً لردع
الجناة المتعاملين فى مضمار تجارة البشر، فقد صدر قانون مكافحة الاتجار
بالبشر فى يناير الماضي بعد أن أجازه البرلمان السوداني وقرر القانون
-بصرامة واضحة- توقيع عقوبات مشددة على كل من يدان بإرتكاب هذه الجريمة
بحيث وصلت العقوبات الى عقوبة الإعدام. كما أن اقل عقوبة فى حالة إنزال
عقوبة الحبس، السجن لمدة 5 سنوات ويمكن أن تصل إلى عقوبة السجن أيضاً الى
مدة 20 عاماً.
كانت تلك هي بالبادرة الأولى التي وضع من خلالها السودان
خططه الخاصة لمواجهة هذه الجريمة الخطيرة الأمر الذي دفع العديد من دول
الجوار الإفريقي والدول الأوربية والكثير من دول العالم لعدم إخفاء إعجابها
بالخطوة والإشادة بالقانون السوداني وقد اهتمت الدول الأوربية على وجه
الخصوص بهذه المبادرة السودانية لأن دول أوروبا تعلم أن السودان بحكم موقعه
الجغرافي يعاني من وقوع هذه الجريمة التي تتأثر بها البلدان الأوربية التي
عادة ما يتم تهريب البشر والاتجار بهم باتجاه تلك الدول.
من هذه
الزاوية بادرت دول الاتحاد الإفريقي بعد إجرائها لمشاورات مع مفوضية
اللاجئين التابعة للمنظمة الدولية ومنظمة الهجرة الدولية لاختيار العاصمة
السودانية الخرطوم منصة انطلاق لهذا العمل الاستراتيجي الدولي البالغ
الأهمية، الأمر الذي قاد إلى اختيار الخرطوم فى هذه المرحلة مقراً لعقد أول
مؤتمر لمناقشة أبعاد الظاهرة وكيفية مكافحتها على المديين القصير والبعيد.
وربما لهذا السبب شهدت وقائع المؤتمر حضوراً دولياً نوعياً بالغ
الأهمية فقد شاركت فى المؤتمر دول إثيوبيا وارتريا وجنوب السودان ومصر
والصومال وجيبوتي والمغرب وتونس والجزائر والمملكة العربية السعودية وكينيا
واليمن والولايات المتحدة وايطاليا وفرنسا واسبانيا و العديد من النشطاء
والمهتمين بالظاهرة من كافة أجزاء الكرة الأرضية.
كان المؤتمر بهذه
المثابة بمثابة تأكيد على أن السودان يقوم بدور محوري ونشاط ملحوظ باتجاه
مساعدة المجتمع الدولي فى تأمين بلدانه وهو دور يعزز مكانة السودان
الحقوقية فى تأسيس شراكة كبرى تتيح له إبراز جهوده وأنشطته فى كافة
المجالات الحقوقية بما يخفف من غلواء وصم هذا البلد باستمرار بسجله الحقوقي
المفترى عليه.
وقد سبقت وقائع المؤتمر كما هو معروف زيارات مكثفة
ومتواصلة من مسئولين كبار فى بلدان كثيرة من مختلف دول العالم كان أبرز هذه
الزيارات زيارة السيدة (ريسيل يوسي) مسئولة الملف المعني بوزارة الخارجية
أمريكية، ولأن الأمر بدا في غاية الأهمية فقد امتدت زيارة المسئولة
الأمريكية للخرطوم لأكثر من 10 أيام زارت خلالها ولايات حدودية سودانية فى
كل من كسلا والقضارف المتاخمتين للجارتين إثيوبيا وارتريا ووقفت على كافة
الإجراءات المتخذة من قبل السلطات المعنية تجاه مكافحة الظاهرة والحد منها.
وليس سراً فى هذا الصدد أن السلطات السودانية -مستندة إلى قانون
مكافحة الاتجار بالبشر- نجحت فى تقليل الظاهرة بنسبة واضحة إذ انه فى حين
كانت عمليات تهريب البشر في العام 2012 حوالي 338 حالة فإن العام 2013
انخفضت فيه عمليات التهريب بفارق بلغ 236 حالة.
كما أنه لم تسجل في
العام الحالي حتى الآن سوى ما بين 13 إلى 14 حالة عقب تفعيل القانون الحديد
بما يشير إلى أن الحالة في انخفاض جراء صرامة تطبيق القانون وملاحقة
الجناة. وقد تمكنت السلطات السودانية من إنقاذ حوالي 900 شخص كانوا ضحايا
لهذه العمليات فى شهر سبتمبر الماضي.
وعلى كل فإن المؤتمر الذي شهد
مشاركة فاعلة ومناقشات موضوعية جادة وعميقة وخاطبه وزير العدل السوداني
الذي جدد ثقة بلاده فى جهود الاتحاد الإفريقي داعياً إلى سياسات إقليمية
فاعلة ودولية لتعزيز الجهود، من المنتظر أن يخلق شراكة قوية بين السودان
والمجتمع الدولي تدفع بجهود مكافحة الظاهرة تعزيز حماية السودان بوابة
الأمن الإقليمي والدولي فى هذه الصدد.
تعليقات
إرسال تعليق