قطاع الشمال.. التلاعب بالماضي أدى لخسارة المستقبل

قطاع الشمال.. التلاعب بالماضي أدى لخسارة المستقبل!
ترتكب الحركة الشعبية قطاع الشمال خطأ تكتيكياً واستراتيجياً فادحاً حين تبدأ فى طرح رؤى وأطروحات عالية 
السقف وفي ذهنها متغيرات دولية وشيكة؛ يتمثل بعضها في وصول ادارة أمريكية جديدة، والبعض الآخر في ما يجري على مسرح دولة الجنوب، وبعض ثالث في ما يخص انفاذ مخرجات الحوار الوطني.
 
 
قبل الخوض في عدم موضوعية هذه المتغيرات وعدم جدواها بالنسبة للحركة الشعبية، تجد الاشارة الى ان الحركة الشعبية ومنذ ان تم طرح مشروع الحوار الوطني فى يناير 2014 بنت حساباتها على ان تظل فى خاتمة المطاف (لوحدها)! بمعنى أن تتمتع -منفردة- برعاية المجتمع الدولي وأن تمنح (خصوصية) خاصة فى المفاوضات تنال من خلالها ميزات تفضيلية أعلى من تلك التى نالتها الحركة الأم فى نيفاشا 2005م!
 
ولكي نستجلي هذه النقطة بإيضاح اكثر فإن الحركة الشعبية تعلم ان إدخالها وحشرها حشراً ضمن تسوية سياسية شاملة بمعية القوى السياسية الاخرى يجعلها واحدة من هذه القوى لا تخلف عنهم كثيراً وهذا يؤدي الى افتضاح وزنها السياسي لأن مما هو معروف بداهة انها حركة مقاتلة توفرَ لها الدعم العسكري ولكنها لا تملك على الأرض قواعد سياسية تصلح لأي مواجهة انتخابية، فالحركة الشعبية الام (فى جنوب السودان) هي الآن خارج نطاق التفضيل الجماهيري، كرهتها جماهير الجنوب وكرهت هي بعضها فدخلت فى صراعات وحروب دامية حار معها المجتمع الدولي وما يزال حائراً!
 
فإذا كانت تلك هي الحركة الشعبية الأم التى لم تكن تجد منافسة من أحد حين دخلت نيفاشا 2005 وخرجت بكل تلك المكاسب التى أكسبتها دولة بكاملها؛ فما بالك بحركة ولدت منها في مناطق محدودة تشاركها فيها قوى حزبية سودانية أخرى؟ من المؤكد انها اذا ما دخلت عملية تسوية سياسية شاملة لن تحصل على ما يساوي ربع نشاطها العسكري؛ لهذا تجدها تتلكأ وتراهن على الوقت والمتغيرات وتراهن على خلافات القوى الاخرى.
 
ويمكننا اضافة دليل مادي آخر يعضد من فرضية نرجسية الحركة الشعبية قطاع الشمال وميلها للانفراد بمزايا التفاوض بما حدث بينها وبين الحركات الدارفورية المسلحة، حين رفضت الحركة الشعبية ان يتولى أيّاً من قادة الحركات الدارفورية رئاسة ما كان يعرف بالجبهة الثورة!
 
كان واضحاً ان الحركة الشعبية تريد ان تكون هي المحور الاوحد للعملية السياسية كلها. من هنا يبدو واضحاً خطأ وخطل مماحكات الحركة الشعبية حيال عملية التفاوض، إذ انه اذا ما تم تشكيل حكومة وفاق وطني وبدأت الأمور تمضي بسلاسة وإتسع نطاق تماسك الجبهة الثورة السودانية فإن موقف الحركة الشعبية سيزداد سوءاً بدون شك مهما كانت ترهن على أي معطيات لان المعطيات الخارجية نفسها -إدارة ترامب أو غيرها، لن تستطيع الاستهانة بالجبهة الداخلية فى السودان، خاصة وأن الولايات المتحدة تتوق لاستقرار الاوضاع فى السودان لكي تستقر بدورها فى دولة جنوب السودان.
 
لو أن عرمان وعقار والحلو كانوا أذكياء ولو فى أدنى حد للذكاء لاستبَقوا مخرجات الحوار الوطني وتشكيل حكومة وفاق لأنهم كانوا حينها سيكونون بمنجاة من خسارة الحلفاء وصلابة الجبهة الداخلية فى السودان، ولكن تلك هي السياسة عنصر التوقيت فيها هو الحاسم وهي بهذه المثابة لا تكترث لمن يعبث بالتوقيت ومزاياه!
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة