لـــيـلــة الاستقـــلال

في ليلة زاهية وفِي احتفال بهيج بالذكرى الحادية والستين لاستقلال السودان المجيد، جدد السيد رئيس الجمهورية في خطابه للشعب السوداني، التزامه الشخصي وتعهد الحكومة والدولة الكامل بتنفيذ ومتابعة تطبيق مخرجات الحوار الوطني، وأعلن عن تمديد وقف إطلاق النار لمدة شهر بعد انقضاء المهلة السابقة، لإتاحة الفرصة للممانعين ومقاطعي الحوار للحاق بالركب والمساهمة مع إخوتهم في الوطن في تحقيق السلام والاستقرار .
> خطاب الرئيس في ليلة الاستقلال، جاء شاملاً وضافياً مع تركيزه على نهج ومبادرة الوثبة والحوار الوطني، وليس هناك ما هو أهم من الحوار الوطني والرغبة في التوافق والتواثق الوطني في مرحلة الانعطاف الحالية المهمة والخطيرة التي تعيشها بلادنا، فالسودان بعد واحد وستين عاماً، هو أحوج ما يكون الْيَوْمَ لتوحيد إرادته السياسية وانتظام صفه على صعيد واحد حتى يخرج من نفق الصراع والخلاف والشقاق. ولو درى أهل السودان جميعاً أن نجاتهم في وحدتهم ووصولهم لبر الأمان في توافقهم لعضوا على الحوار الوطني ومخرجاته بالنواجذ وأحكموا استمساكهم بنهج التحاور المفضي الى باحة الاستقرار والسلام المستدام .
> خطاب الرئيس كان تصالحياً بامتياز، لغته رفيعة في معانيها واستخلاصاته محكمة في تدابيرها، أعد الخطاب بعناية فائقة للتعبير عن ملامح ومعالم المرحلة المقبلة، خاصة أن الخطاب عدَّد المراحل التمهيدية والأساس التي سيُبنى عليها السودان في الفترة القادمة، وهي مرحلة تقتضي أعلى درجات الحكمة والعقلانية السياسية ومد الإيادي للجميع. فالسيد الرئيس هو رئيس الجميع ويملك مشروعية دستورية كرئيس منتخب وهو صاحب مبادرة الحوار الوطني، فلابد من أن تكون الفترة الممهدة لانتخابات ٢٠٢٠ بقيادته وفِي وجوده، وما قدمه في خطابه أمس يشير الى مدى إدراكه بمسؤوليته عن وطن وشعب . 
> من أهم ما أرسلته ليلة الاستقلال أمس لحشدها المتنوع للطيف السياسي والوطني والاجتماعي، وطبيعة الاحتفال نفسها، إنها وضعت السودانيين جميعاً أمام مسؤولية وطنية كبيرة تفرض عليهم التزامات وواجبات جسام لا حدود لها إلا نهاية الحروب والصراعات والاختلافات والاتفاق على مشروع وطني ناجز .
> يفرض علينا الواقع الجديد الذي نعيشه أن ننفتح أكثر في داخلنا السوداني، ونتطلع ونعمل بقوة على مد كل جسور التعاون مع العالم الخارجي وعزا ما أشار إليه الرئيس في الخطاب، وأضاء حوله إضاءات كاشفة عبرت عن خطوات جادة لتطبيع علاقاتنا الخارجية وإدارتها وفق مفهوم المصالح المتبادلة والمنافع المشتركة . 
> ويفضي الواقع الجديد ببشاراته المقبلة وموازنة العام ٢٠١٧ ومؤشراتها وموجهاتها، أن يجتهد الجميع في زيادة الإنتاج وتشجيع قطاعات المنتجين حتى يتحسن الأداء الاقتصادي ونشعر بتعافٍ كامل في اقتصادنا المصاب بعلل كثيرة أعاقته منذ الاستقلال في العام ١٩٥٦م. فالاقتصاد في حاجة ماسة للتحريك الفاعل والقوي تجاه الوفرة وتنامي قدرته على التطور وتحقيق الرفاهية وسد الفجوات والعجز، وينبغي أن تعبِّر الموازنة عن هذه الروح والمعاني والمفاهيم الجديدة  التي ستدعم مشروع الوثبة وتقود الى الإصلاح السياسي والاقتصادي .
> تبقى ليلة الاستقلال أمس، ليلة محفورة في الذاكرة لإبداعها وجمالها، ويبقى خطاب الرئيس تدشين مرحلة جديدة ستجني البلاد ثمارها

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة