تقرير دولي حديث يحذر من انفجار الأوضاع بدولة جنوب السودان




- تصاعدت حالة الإحباط الدولي نتيجة تدهور الاوضاع الانسانية في دولة جنوب السودان مع ختام العام المنصرم، عقب فشل جهود دولية حثيثة في حظر توريد السلاح الى الجنوب، وسط مطالبات ناشطين غربيين عدم مغادرة بعثات حفظ السلام والمراقبين العاصمة جوبا خلال عطلة اعياد الميلاد خوفا من انتهاز مليشيات حكومية الفرصة وارتكاب جرائم اكثر فظاعة في حق المدنيين العزل. وفي الاثناء وصف تقرير دولي حديث الرئيس سلفا كير بالضعيف وطالب حكومة الجنوب الحد من نشاط الحركات المسلحة، واشار التقرير الذي دفعت به مجموعة الازمات الدولية الاسبوع الماضي الى ان الرئيس سلفاكير حاول اعادة تشكيل السياسة المحلية والاقليمية لصالحه ولفت الى ان الهدؤ النسبي في العاصمة جوبا تقابله هدنة هشة وصراعات مستمرة في بقية انحاء البلاد. وطالب التقرير جوبا الكف عن دعم وايواء الجماعات المسلحة اقر بضرورة التعاون الاقليمي مع الشركاء الدوليين لبناء سلام مستقر في الاقليم.
إدارة ضعيفة
وابان التقرير الذي اصدرته المجموعة الدولية تحت عنوان (South Sudan:Rearranging the chessboard) ان الحكومة في جوبا غير قادرة على جلب السلام الى البلاد ووصفها بالضعيفة واشار الى ان القتال الذي اندلع مجددا في البلاد منذ يوليو المنصرم بين كل من كير ومشار انهى عملية السلام في الجنوب. واقر بأهمية تضافر الجهود المحلية والاقليمية والدولية لانهاء الصراع واستتباب السلام في الاقليم وطالب جوبا بوقف نشاط كل المجموعات المسلحة في الجنوب فيما حث يوغندا على استخدام نفوذها مع الجماعات المسلحة وشجع كل من الخرطوم وكمبالا وجوبا مواصلة الجهود لوضع حد نهائي للصراع في دارفور والمنطقتين .ودعم اتجاه مواصلة الخرطوم وجوبا التفاهمات لحسم القضايا العالقة من بينها مسألة الحدود والمسائل المالية والقضايا الاخرى المشتركة التي تتعلق بدعم الجماعات المسلحة.
نفاد صبر
وفيما لم يتطرق التقرير بشكل واضح الى استمرار تورط جوبا في ايواء ودعم الحركات المسلحة وقطاع الشمال، الا ان مطالبته جوبا الكف عن دعم الجماعات المسلحة جاءت معممة في اشارة لا تخطئها العين على نفاد صبر المجتمع الدولي جراء تلك التصرفات التي عصفت بكل الملفات على دفتر السلام..ووصف الحكومة في جوبا بفقدانها التوازن بين المزايا العسكرية والدبلوماسية.وثمن التقرير اهمية الجهود الاقليمية في تعزيز السلام ودعم الحكومة في الجنوب للدفع بعملية السلام الشامل وعزل الجماعات المتمردة والتركيز على ديناميات ترتيبات الحكم من بينها دعم الأمن المحلي والاقتصاد والعلاقات المجتمعية بدلا من الحلول العسكرية القائمة . وثمن التقرير دور الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية (ايجاد) في منع اتساع رقعة الحرب في جنوب السودان وامتدادها الى دول الجوار الاقليمي وفي ان تتحول الى صراع اقليمي الا انه اشار الى ان الهيئة الحكومية كانت اقل نجاحا في خلق حكومة انتقالية شاملة وفعالة في جوبا.
تقارب مصالح
واقر التقرير ان الحرب الاهلية التي اندلعت في الجنوب منذ العام 2013 ادت الى تقارب المصالح بين دول الاقليم ودفعت جيران الجنوب الى التعاون خوفا من اتساع رقعة الحرب لتشمل الاقليم، الامر الذي دفعها الى السعي من اجل تخفيف تلك المخاطر. وابان ان احد نتائج تبني العمل الدبلوماسي بين دول الاقليم هو تطور العلاقة بين كل من جوبا، الخرطوم وكمبالا في اشارة الى التفاهمات الاخيرة بين تلك العواصم فيما يتعلق بالقضايا المشتركة. وتوقع التقرير ان تعيد جوبا النظر في دعمها للحركات المسلحة السودانية عقب رفض الخرطوم استقبال مشار. واشار الى ان تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين بشكل كامل يعزز من قدرة البلدين الامر الذي يحدث تغييرا كبيرا في حسابات التفاضل والتكامل بالنسبة للجماعات المسلحة في الاقليم وطالب المجتمع الدولي بدعم هذا الاتجاه. واشار الى انه دون اتفاق حول ملف الحركات المسلحة ومسألة عائدات النفط ستبقى العلاقات الثنائية غير مستقرة وغير آمنة المكاسب. واشار التقرير الى ان العلاقات بين كل من الخرطوم وجوبا مشحونة تأريخيا بالتوترات الا انه ذكر اهمية التوافق خاصة وان البلدين يمران بتحديات اقتصادية صعبة ما يجعل امر استمرار المحادثات حول ملف تقاسم عائدات النفط والحركات المسلحة حجر الزاوية في ملف العلاقات الثنائية.
بناء السلام
ودفع التقرير بتوصيات من اجل تحقيق واستدامة السلام في جنوب السودان. وطالب جوبا بدعم الحوار الوطني والمفاوضات الشاملة مع المجموعات المسلحة بجانب ترسيخ الامن ودعم الاقتصاد المحلي والحصول على الدعم الخارجي لانجاز تلك الموجهات. واوصى بمواصلة لجنة الرصد والتقييم جهودها لبناء عملية السلام وتشجيعها. وحث (ايجاد) على دعم تلك الجهود بجانب تقديم شركاء ايجاد الدعم اللازم لذلك. وطالب الاتحاد الافريقي بتقديم الدعم للمشاركة لإنجاح الحوار الوطني في الجنوب واحكام المساءلة وتعزيز عملية التحول للسلام في المنطقة والاقليم. واوصى بمواصلة جهود كل من حكومات السودان ،جنوب السودان وأوغندا لإيجاد حلول دائمة للصراعات في دارفور والمنطقتين وجنوب السودان فيما اوصى التقرير حكومتي السودان وجنوب السودان على وجه الخصوص مواصلة المناقشات حول القضايا الثنائية التي لم تحل منذ اتفاقيات التعاون الموقعة بينهما في العام2012، بما في ذلك الترتيبات المالية، ودعم الجماعات المسلحة وترسيم الحدود. والالتزام بالحد من نشاط الجماعات المسلحة عبر الحدود. وطالب حكومتي السودان وأوغندا مواصلة العمل معا لدعم جهود السلام في جنوب السودان والسودان معاً ومأسسه العلاقات من خلال تفعيل اللجنة المشتركة الدائمة. واوصى الحكومة الاوغندية الاستمرار في دعم عمليات السلام في السودان، وذلك باستخدام مساعيها الحميدة ونفوذها مع الجماعات المسلحة.
الاستقرار الاقليمي
ووجهة التقرير، مع انتهاء عام دموي آخر في دولة الجنوب،وصية الى الحكومة انتقالية للوحدة الوطنية في جنوب السودان بشان دعم الاستقرار على طول الحدود الإثيوبية والأوغندية، بما في ذلك العمل الاقليمي المشترك لمنع الغارات عبر الحدود والحد من نشاط الجماعات المسلحة. وضمان الدعم الكامل لتقديم الخدمات الإنسانية للحد من تدفقات اللاجئين وزعزعة الاستقرار في الدول المجاورة. وحث شركاء (ايجاد) النظر في دعم تدريب قوات الأمن، التي وصفه بالمحدود للغاية، بالاضافة الى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي خلال عمليات مكافحة التمرد بهدف تقليل مصادر التوترات بين جنوب السودان وجيرانه وبين الأمم المتحدة وطالب الأمين العام للأمم المتحدة ضمان احتفاظ الأمانة بالإشراف الدقيق على تحركات القوة الإقليمية والحفاظ على العلاقات الإقليمية.
توازن مطلوب
وتاتي اهمية هذا التقرير في كونه جاء متوازناً من مجموعة الازمات الدولية وفي سياق واع للمخاطر التي تحدق بالاقليم برمته جراء دعم مسببات العنف والصراع في دولة الجنوب، وفي تضمينه كل مطلوبات الاستقرار المحلي لدولة جنوب السودان وضمان الاستقرار الاقليمي الذي لن يتحقق دون اكمال عملية بناء السلام ودعمها من قبل دول الاقليم والشركاء الفاعلين في الملف، وتوازن التقرير ايضا في مطالبته عزل الحركات السودانية المسلحة بهدف انجاز السلام في اقليم دارفور والمنطقتين. ومطالبته جوبا التعامل بالوسائل الدبلوماسية في حسم القضايا والبعد عن الحلول العسكرية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة