إعلان الاستقلال والحوار الوطني ..إستراتيجية الإرادة الوطنية الخالصة!!
مطلع العام 1956الذي تتصادف ذكراه هذه الأيام، كان قراراً
وطنياً خالصاً باتفاق الجميع.
وليس أدل علي ذلك من أن القوي السياسية السودانية قاطبة في ذلك الحين –
حاكمين ومعارضين – تضافرت جهودهم والتقت إراداتهم من أجل إعلان الاستقلال وتشير
الصورة التاريخية المحفورة في ذاكرة تاريخ هذا الموطن إلي أن عملية رفع العلم في
باحة القصر الجمهوري صبيحة الأول من يناير 1956 ضمن كل أطياف السياسة السودانية
حاكمة ومعارضة !!
هذا الدرس التاريخي المشرف، ليس مجرد سطور وكتب للتاريخ، وإنما هو درس إلي
أن الإرادة الوطنية في العمل السياسي هي الجوهر والأساس الذي تقوم عليه العملية
السياسية.
أن يتفق الساسة بكافة نحلهم ومشاربهم وتوجهاتهم السياسية علي الدولة
السودانية من ناصية كونها دولة وطنية غير قابلة للمساس.
لا تجوز فيها المساومات السياسية، لا يترك فيها مجالاً لمن هم خارج السياج
الوطني لكي يقررواً لا الوطن.
من المؤكد أن تزامن بداية إنقاذ مخرجات الحوار الوطني مع الذكري (61)
لاستقلال السودان لم تأت اعتباطاً ولا هي مجرد مصادفة هي عظه وطنية لكان التاريخ
أراد من خلالها أن يتيح فرصة لهذا الجيل الناشئ من الساسة إلي أن أمر السودان
ومستقبل السودان لن يصلح الآ بما صلح به أوله.
ومن المهم هنا أن نشير إلي أن الرؤية الإستراتيجية للدولة السودانية
ومهددات هذه الدولة وقضايا أمنها القوي ما تزال – للأسف الشديد – متأرجحة في أذهان
العديد من الساسة السودانيين لا سيما أولئك الذين لم يحتملوا الصراع السياسي
العادي ولجأوا للعنف وحمل السلاح.
أن الذين حملوا السلاح وخرجوا خارج الأسوار الوطنية لكي يلقوا بالحجارة إلي
بلادهم ويصيبوا من يصيبوا يرتكبون خطاً وطنياً غير مفتقر في حق أنفسهم وحق بلادهم
فمن جانب أولاً: يؤخرون تحقق معاني الاستقلال الوطني حيث يفتحون الباب واسعاً
لأعداء بلادهم لكي يكونوا وسطاء ويعقدون المؤتمرات ويكتبون الأوراق.
فالاستقلال الحقيقي لأي بلد إنما يقاس بمدي احترام ساسته ومواطنيه لسيادتهم
الوطنية.
ولكي لا نلقي القول علي عواهنه فإن حركات دارفور والحركة الشعبية قطاع
الشمال المرتبطة بدول الغرب وبإسرائيل كيف يكونوا (سودانيين حقيقيين، ووطنيين) وهم
علي صلة بإجانب من المؤكد أنهم لا يريدون الخير للسودان!!
ثانياً: النظرية الخاطئة التي روج لها بعض الساسة الموتودرين في أرجاء
أوروبا والولايات المتحدة والتي تتحدث عن انحسار نظرية السيادة الوطنية، وهذه
النظرية الخاطئة (المفرضة) مقصود بها انتقاص سيادة الآخرين وملاحقتهم
وإذلالهم أما هم فإن سيادتهم الوطنية يعضون عليها بالنواجذ، ولهذا فإن السياسي
السوداني الذي يصدق هذه المزاعم المضحكة هو سياسي ساذج ومن الممكن أن يتحول إلي
خائن لوطنه إذا اعتقد أن الملاحقات الحقوقية والملاحقات القضائية التي تمارسها
القوي العظمي ضد بعض البلدان هي تطبيقات حديثه للقوانين الدولية!! هي في واقع
الأمر (إعادة استعمار) بطريقة ناعمة وبخدعة ليست ذكية.
كل الساسة الذين يطوفون عواصم العالم الآن بدعوي معارضة النظام السوداني
لإسقاطه هم إما سذج أو مخدوعين أو أصحاب غرض وتمثل مناسبة الاحتفال بالاستقلال
سانحة لهم لكي يعيدوا النظر في مواقفهم السياسية (غير الوطنية) .
ثالثاً: المحافظة علي استغلال السودان وترسيخ سيادته الوطنية واحدة من أهم
آلياتها تعزيز قيم الحوار والثقة المتبادلة وهذا قد لا يحدث بين يوم وليلة وقد
يحتاج لأشهر وسنوات ولكنه علي أية حال أفضل من البحث عن (ضامنين دوليين) لا يوجد
في واقع الأمر ما يسمي بالضامن الدولي ولا توجد قوي عظمي أمينه علي حقوق بلدان
أخري وحريصة علي سلامتها ولهذا فإن احتمال الحوار، والحرص علي التوافق الوطني مهما
كانت مصاعبه وسوالبه أفضل وأكثر استدامة من إفساد ومعاني الوطنية والاستقلال
والسيادة الوطنية.
علي القوي التي تحمل السلاح وتلك التي ترتبط بالأجنبي أن تعيد قراءة موقفها
اليوم قبل الغد فهذه أمور مبدئية وإستراتيجية لا تحتمل ولا تنتظر!!
تعليقات
إرسال تعليق