استمرار الاستثمار في أزمات السودان.. تابت نموذجاً!!

لم تسعف الظروف في السودان وفي إقليم دارفور القوى الدولية التي أدمنت اللعب بالأوضاع في السودان، لم تسعفها هذه المرة في إكمال اللعبة!. قديماً كان السودان يتلقى في كل يوم ضربة سيف أو طعنة رمح من قوى دولية بعينها تستثمر في الأوضاع في دارفور. آخر استثمارات القوى الدولية التي لم تسفر عن ربح يذكر كانت مزاعم الاغتصاب في منطقة تابت وهي القشة التي تكفلت بقصم ظهر بعير المجتمع الدولي، لأن الذين حبكوا اللعبة كانوا متعطشين لابتدار إجراءات عقابية دولية جديدة. وكما أشارت مصادر دبلوماسية – وللمفارقات مصادر غربية – فإن السيناريو المعد كان يبدأ بإطلاق مزاعم الاغتصاب هذه ومن ثم تبدأ عمليات التحقيق وعمليات التحقيق كما حاول أمين عام المنظمة الدولية أن يبدأها تبدأ باستجواب أشخاص معينين من بينهم نساء جرى اختيار بعضهم بعناية من معسكرات نازحين في جنوب دارفور وبحسب المصادر فإن عددهن يصل إلى (200) امرأة من قبائل ليست غالبة في منطقة تابت إذ أن منطقة تابت تضم حوالي (32) قبيلة لسكان لا يتجاوز عددهم ثلاثة ألف نسمة. النساء اللائي جرى تدريبهن وإعدادهن إعداداً جيداً جرى تحفيزهم مادياً وتم تقديم وعود لبعضهن بإعادة توطين في هولندا وهنا يكمن السر في أن إذاعة دبنقا التي تبث من هولندا تولت المرحلة الأولى من العملية وبعد استجواب النساء (الضحايا) المزعومات يتم إحالة الأمر إلى مجلس الأمن الدولي ليقوم الأخير – بذات الطرق السابقة – بإحالة الأمر بدوره إلى محكمة الجنايات الدولية لتبدأ مرحلة جديدة أخرى في محكمة الجنايات الدولية الغرض منها إفساد المناخ الحالي في السودان وعرقلة عملية الانتخابات المزمع قيامها مطلع العام المقبل 2015 ومن الملاحظ هنا – تعضيداً للسيناريو وما قالته هذه المصادر الغربية – أن العملية جاءت متزامنة مع اختيار حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان الرئيس البشير مرشحاً رئاسياً له في الانتخابات الوشيكة وربما كانت القوى الدولية التي سعت لهذا الأمر تحاول القدح في أهلية الرئيس البشير أو إجبار المؤتمر الوطني – بحسب تقديراتهم – للتراجع عن ترشيح زعيمه البشير واختيار مرشح بديل.
المهم في مجمل المشهد أن القوى الدولية التي أطلقت مزاعم تابت لم تكن تفعل ذلك من فراغ، فقد كانت أيضاً تهدف إلى محاولة الضغط على الحكومة السودانية في هذا التوقيت بالذات حتى تقدم الخرطوم تنازلات ضخمة لصالح قوى المعارضة في موائد الحوار والمفاوضات، غير أن المجتمع الدولي الذي ظل لسنوات طوال يرقب الأوضاع في إقليم دارفور ويشهد قوات حفظ السلام المشتركة (اليوناميد) وهي بالكاد تحاول حماية نفسها، وجد نفسه – عقب السيناريو الذي فشل – وهو يواجه تحديات اخراج اليوناميد من إقليم دارفور بعد ثماني سنوات كانت بحق هشيماً!! صرف فيها المجتمع الدولي ما يقارب الـ(10) مليار دولار ذهبت سُدىً بلا أدنى فائدة، فالأوضاع في الإقليم لم تتأثر إيجاباً بوجود اليوناميد، فقد تراجعت الحرب وتراجعت وتيرة العنف دون أن يكون لليوناميد أدنى يد في ذلك. الآن السودان – وبمنطق قوي ومستقيم – طالب بأن تبدأ اليوناميد باعتماد إستراتيجية الإنسحاب وهو حق من حقوقه ولم تؤثر المزاعم الأخيرة – لسوء حظ بعض القوى الدولية – في هز مطالب السودان هذه أو افسادها على الرغم من كل التحركات الجارية حالياً في مجلس الأمن الدولي لاتخاذ إجراءات ضد السودان.وعلى العموم يظل الذين راهنوا فيما سبق وما يزالوا يراهنون الآن على أن أرض دارفور ما تزال خصبة لإستقبال إستثماراتهم السياسية يظلوا في ذات المربع الأول ولن يبارحوه قط فقد إستهوتهم فكرة الاستثمار في أزمات السودان وأدمنوا ذلك على الرغم من أنه استثمار بلا عائد!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة