(توضيحات أوغلو)

بعد أسابيع من التجاذبات والجدال الذي تسيد الساحة السياسية عقب توقيع الحكومتين السودانية والتركية على اتفاق لترميم آثار جزيرة سواكن والذي اعتبره البعض غطاء لإنشاء قاعدة عسكرية يأتي النفي القاطع من نائب رئيس الوزراء

التركي الزائر للبلاد هذه الايام، حيث أكد هاكان جاويش أوغلو أن حدود جزيرة سواكن وموقعها الجغرافي ومساحتها المحدودة، لا تسمح بإنشاء منطقة عسكرية فيها، موضحاً أن بلاده تعمل على إعادة تأهيل الجزيرة بما يتناسب مع هويتها التاريخية، وجعلها مركزاً سياحياً حيويا كما كانت في السابق وأضاف أن ما يثيره البعض من أقوال حول النوايا التركية في السودان، الهدف منه إفساد العلاقات بين البلدين. وأوضح المسؤول التركي أن وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) تنفذ برامج ومشاريع في جزيرة سواكن، وهذه المشاريع تسير على قدم وساق بصورة مسرعة، لافتا إلى أنه يزور السودان للوقوف على تلك المشاريع ومتابعتها وأكد أن سواكن من الآثار التاريخية القديمة والعريقة والمهمة مشيرا إلى أنهم يعملون على إعادة تأهيل الجزيرة من خلال المشاريع التي تُنفذ فيها، لتكون قبلة كما كانت في تاريخها القديم، ولتكون بمنظر جذاب لإحياء الروح التاريخية، ولفت إلى أنه خلال الأيام الماضية زار وفد تركي ضم مهندسين وفنيين سواكن ووضعوا للحكومة التركية خارطة طريق وخطط المشاريع التي ينبغي تنفيذها، وتأتي تصريحات أوغلو لتصب الماء على النار المشتعلة من اسابيع في العالم العربي والتي أعقبت تسليم الحكومة جزيرة سواكن للحكومة التركية كي تعيد تأهيلها وتديرها لفترة محدودة، وذلك على هامش زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى البلاد في ديسمبر الماضي وحينها بدأ الحديث عن قاعدة عسكرية تركية في المنطقة تحت غطاء التأهيل للآثار، وكان الرئيس التركي قد تعهد بإعادة تأهيل جزيرة سواكن، وكانت لها مكانة تاريخية واستراتيجية مهمة في التاريخ، خاصة في العهد العثماني وبعد موافقة السودان على تسلم تركيا جزيرة سواكن لإعادة تأهيلها وإدارتها لفترة محدودة، أعربت بعض الدول مثل مصر والإمارات عن انزعاجها من هذه الخطوة التركية السودانية، معتبرة ذلك تهديداً للأمن القومي العربي، ومتهمة أنقرة باعتزام السيطرة على الجزيرة بغرض إقامة قاعدة عسكرية فيها، الأمر الذي تنفيه تركيا وتشدد على اعتزامها إحياء الجزيرة وما فيها من آثار تعود للعهد العثماني، وقالت بعض التسريبات وقتها إن الرئيس التركي يعتزم إنشاء مرافق بحرية في هذه الجزيرة الاستراتيجية والتي تقع على الساحل الغربي للبحر الأحمر، حيث تمتلك ميناء قديما، كان يعتبر من أكبر موانئ البحر الأحمر للدولة العثمانية في القرن الـ(19)، في وقت قال فيه وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو إنه “تم توقيع اتفاقيات بخصوص أمن البحر الأحمر”، مؤكدا أن “تركيا ستواصل تقديم كل الدعم للسودان بخصوص أمن البحر الأحمر”، وأوضحت تسريبات صحفية أن أنقرة أصبحت منهمكة بإنشاء حلقة من التعاون العسكري على طول سواحل البحر الأحمر في شرق أفريقيا وستكون السفن البحرية التركية قادرة على الرسو في الموانئ السودانية الأخرى تحت غطاء ترميم الآثار بها، الأمر الذي أثار حفيظة بعض الدول العربية من الخطوة وأبدت تخوفها من الاتفاق.
ومن المعلوم أن تجربة أردوغان في الحكم تجد إعجابا كبيرا وسط المسؤولين في الحكومة السودانية نظرا للنتائج المذهلة التي حققها بعد توليه رئاسة الحكومة التركية كما أن التقارب الأيديولوجي بين حزب العدالة والتنمية التركي ونظيره السوداني المؤتمر الوطني ساعد على احتفاظ الخرطوم وأنقرة بعلاقات قوية، ولكن هذا التقارب الذي يرى بعض المتخوفين أنه تطور بإنشاء شراكة عسكرية بين البلدين يعني بحسب مراقبين تخلي الحكومة السودانية عن تحالفها مع دول الخليج (السعودية والإمارات تحديدا) والذي انخرطت فيه بعد قطع العلاقات مع إيران بصورة مفاجئة والمشاركة في عاصفة الحزم، وعلى الرغم من تأكيد وزير الخارجية إبراهيم غندور على أن الحكومة لا تؤمن بسياسة الأحلاف وقوله إنها منفتحة على الجميع وإن السودان لم يكن في يوم من الأيام طرفاً في حلف، و(منفتحون على أشقائنا في كل العالم)، ولكن في الجانب الآخر لا يزال الفتور مسيطرا على العلاقة بين الخرطوم والرياض وأبو ظبي على الرغم من تأكيد الخرطوم أنها منفتحة على الجميع ولا تدخل في أحلاف.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة