الحركة الشعبية قطاع الشمال.. حوار البنادق والرصاص!

الحركة الشعبية قطاع الشمال.. حوار البنادق والرصاص!

طوال يوميّ 17 و 18 من شهر فبراير الماضي تبادلت فصائل الحركة الشعبية قطاع الشمال إطلاقاً للنار. الاحداث جرت في منطقة تدعى (قوز جمانات) بجنوب كردفان، حيث قام قائد يدعى (فرج الله) يتبع لفصيل (جوزيف تكا) من مجموعة عبد العزيز الحلو بقيادة الهجوم، ورغم عدم وقوع خسائر كبير إلا ان المواجهة نفسها بدت مؤلمة للرفاق من الطرفين.
 وقد أدان (مبارك أردول) التابع لمجموعة عقار التى هوجمت، هذا الهجوم و تأسف على ما أسامها (توجيه البنادق نحو الرفاق في معركة خاسرة لا يكسب فيها إلا النظام)! ومع ان الحادثة على مرارتها بالنسبة لرفاق الامس اعداء اليوم مرت على اية حال إلا ان الجرثومة سرعان ما انتقلت إلى النيل الازرق، بعد سبعة ايام فقط من الحادثة الاولى.
 ففي الرابع و العشرين من فبراير تجددت المعارك بين فصيليّ عقار والحلو  بمناطق (حفير الروم) و (تنفونا) بولاية النيل الازرق . هذه المرة الخسائر كانت مهولة من الجانبين. قوات (جوزيف تكا) رغم كل ما بذلته لم تستطع اجلاء قوات عقار واضطرت للانسحاب إلى (يابوس) .
هذه المواجهات بين اطراف كانت إلى الامس تقاتل فى صف واحد أمر متوقع و متكرر في التاريخ المسلح للفصائل السودانية المسلحة، بل هو (شارة تميز) وعلامة مميزة ظلت وباستمرار معلقة على جباه قادة العمل المسلح . فالحركة الشعبية الام ماذا تصنع الآن في جوبا؛ تقاتل بعضها بضراوة، وتوجه ذات بندقية الامس التى كانت موجهة للاعداء إلى صدر الاصدقاء!
كان أمراً طبيعياً ان تنتقل -عبر الجينات الوراثية- إلى الحركة الشعبية قطاع الشمال. قتل الآخر والفتك به وملاحقته حتى في القبر. الجيش الشعبي الجنوبي في الوقت الراهن مهمته الاساسية في دولة الجنوب قتل رفاق الامس.
إذن من الطبيعي ان تحذو الحركة الشعبية قطاع الشمال حذو الحركة الام! الفارق الجوهري فقط ان الحركة الشعبية قطاع الشمال ظهرت فيها الجينات الوراثية مبكراً جداً. فهي بالكاد حركة مسلحة، وهي باكاد تسيطر على مساحة ارض تتيح لها فرص البقاء! وليس واضحاً طبيعة الخلاف الذي دب بين قادتها؟ وموضوع الخلاف؟ و
لهذا فان مثل هذه التطورات تظل ضرورية ليدرك المجتمع الدولي عبثية دعم الحركات المسلحة والتعاطف معها ، فهم على افضل تقدير هواة حروب ومحترفي صراعات، و يعتقدون ان البندقية هي كل شيء و بدونها لا توجد حياة.
كيف للدول الغربية و الاوربية التى تطلق مزاعم حقوق الانسان والديمقراطية ان تقف مساندة لحملة سلاح على هذه الشاكلة؟ ولعل ابلغ دليل على خطل مسلك هذه الحركات ان مجموعة عقار حين اصدرت بيان أدانت فيه هجوم قوات جوزيف تكا عليها، ردت مجموعة الحلو على بيان مجموعة عقار بحديث مدهش ومذهل؛ فهي أنكرت الهجوم، ولكنها -حسب زعمها- تصدت لمليشيات تقطع الطريق على المواطنين وتنهب ممتلكاتهم وتطردهم من قراهم!
الذي يقرأ بيان الادانة و الرد عليه يدرك ان هذه محض عصابات مسلحة تمارس النهب و السلب و تحاول ردع بعضها اذا ما وجدت ان النهب والسلب الذي تمارسه المجموعة الاخرى يتفوق عليها!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة