ترقب وانتظار)

Image result for ‫سد النهضة‬‎

تنتهي اليوم (الخميس) مدة الشهر التي حددها الرئيسان السيسي والبشير ورئيس الوزراء

الإثيوبي السابق هايلي ميريام ديسالين للجنة استئناف مفاوضات سد النهضة، وذلك بعد أن اتفق الرؤساء الثلاثة في قمتهم الثلاثية

على هامش قمة الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا نهاية الشهر الماضي على حل كل القضايا الفنية العالقة للسد خلال شهر، عبر لقاءات مشتركة ومباحثات موسعة وشاملة بين الخبراء والفنيين بالبلدان الثلاثة، كما اتفق الرؤساء الثلاثة على العمل وفق رؤية توافقية تصون حقوق كل الأطراف دون إضرار بأحد، وأعلنت إثيوبيا في القمة من جانبها احترام التزامها تجاه دول المصب (مصر والسودان)، وأنها ستعمل وفقاً للتعليمات التي أصدرها زعماء الدول الثلاث، خلال لقائهم بالقمة الثلاثية.
مقترح السودان
أعلن السودان أنه سيقدم مقترحاً حول تفعيل المفاوضات بشأن سد النهضة وقال معتز موسى وزير الموارد المائية والري والكهرباء في تصريحات بعد يوم واحد من القمة الثلاثية بأديس أبابا إن السودان يرفض إشراك البنك الدولي في حل قضية سد النهضة، معتبرا أن الإرادة السياسية لحل أزمة السد قد توفرت خلال التئام القمة الثلاثية، وقال إن القمة الثلاثية وفرت الدعم السياسي للمسار الفني بالإضافة إلى تكوين لجنة سياسية فنية أمنية تشمل وزراء الخارجية ووزراء الموارد المائية والري والأجهزة الأمنية في الدول الثلاث، معلنا أن السودان في غضون شهر سيتقدم بمقترح يجعل المسار سالكا لأن ملء البحيرة وفق الخطط تبقت له أقل من ستة أو سبعة أشهر، مشيراً إلى أن الأزمة تحتاج لحل غير تقليدي، وشدد على أن السودان منذ البداية كانت الرؤية عنده واضحة لأن الدول الثلاث تمتلك الإرادة والكفاءات التي باستطاعتها أن تخلص لنتائج تخدم أهداف الدول الثلاث وشعوبها، مبيناً أن الدول الثلاث توصلت لإعلان المبادئ في الخرطوم بدون تدخل أية دولة أخرى أو أي طرف خارجي.
تأجيل الاجتماع
الأحداث في إثيوبيا واستقالة ديسالين وتعيين رئيس وزراء جديد حالت دون استكمال تكليف الرؤساء الثلاثة، وأعلنت الخارجية السودانية تأجيل انعقاد الاجتماع الثلاثي بين مصر وإثيوبيا والسودان حول سد النهضة، والذي كان مقررا عقده في الخرطوم. وقالت الوزارة في بيان لها إن الجانب الإثيوبي طلب تأجيل الاجتماع الثلاثي حول سد النهضة، وإنه استجابة لطلبه تقرر تأجيل الاجتماع الذي كان مقررا أن تستضيفه الخرطوم في مستوييه الفني والوزاري يومي الرابع والعشرين والخامس والعشرين من فبراير الماضي، ولم تعلن الوزارة في بيانها موعدا جديدا للاجتماع، وقالت إنه تم التأجيل إلى موعد لاحق يتم التوافق عليه بين الدول الثلاث، وأشار البيان، إلى أن القمة التي جمعت الرؤساء الثلاثة في أديس أبابا على هامش القمة الأفريقية الأخيرة، أقرت انعقاد هذا الاجتماع برئاسة وزراء الخارجية وحضور وزراء الري ومديري أجهزة المخابرات في الدول الثلاث، في محاولة لتحريك الجمود الذي اعترى المسار الفني للتفاوض حول سد النهضة منذ نوفمبر الماضي.
مصر من جانبها قدرت ظروف التأجيل وقالت في بيان للخارجية المصرية إن “القاهرة تؤكد إدراكها للظروف التي ربما دفعت إثيوبيا لطلب تأجيل الاجتماع، والتي نأمل أن تزول في أقرب فرصة، إلا أنها تتطلع أن يتم الالتزام بالإطار الزمني الذي حدده القادة لحسم الخلافات الفنية القائمة، لاسيما وأن قضية سد النهضة تمس مصالح شعوب الدول الثلاث، وأن التنفيذ الدقيق لتكليفات القادة يقضي باعتبار مصالح شعوب الدول الثلاث مصلحة لدولة واحدة وشعب واحد، الأمر الذي يقتضي التحرك العاجل للتوصل إلى حلول تحفظ مصالح الجميع”.
موعد جديد
أما أديس أبابا فقد أعلنت بعد ذلك أن وزراء الخارجية الثلاثة بصدد الاتفاق لتحديد موعد فى أقرب وقت لعقد الاجتماع الثلاثي بين وزراء الخارجية والمياه ورؤساء أجهزة الأمن والمخابرات. وقال سيليشي بيكلي وزير المياه والطاقة الإثيوبي في مؤتمر صحفي بوزارة المياه الإثيوبية في الحادي والعشرين من فبراير الماضي إن إثيوبيا لم يكن لديها أي نية لعرقلة انعقاد الاجتماع، لكن طلب التأجيل كان بسبب استقالة ديسالين، مضيفا أن تأجيل الاجتماع تم بالتشاور والموافقة بين وزراء الخارجية، وأن هناك تعاملا جادا بشفافية لإزالة العقبات وحواجز عدم الثقة، للتوصل إلى صيغة من التفاهم بشكل لا يشكل أي أضرار على دول المنابع، موضحا أن هناك آلية للتعاون الفني بين الدول الثلاث للتفاهم حول جميع القضايا التي تتعلق بسد النهضة وأن هذه الآلية تحظى باهتمام قادة الدول الثلاث، مؤكداً أن بلاده حريصة على توضيح الحقائق للرأي العام لإزالة سوء الفهم الذي قد يدمر العلاقات بين الدول، لافتا إلى أن كافة التوجيهات التي اتفق عليها القادة الثلاثة تؤخذ بعين الاعتبار ويتم تنفيذها، وعن الجدل حول قضية التخزين في سد النهضة قال بيكيلى إن كل الأمور تسير وفقاً لإعلان المبادئ، لكنه قال: لا نريد أن نقف عند البند الخامس في اتفاق المبادئ ولا بد أن نأخذ بعين الاعتبار باقي البنود، موضحا أن الإنشاءات فى جسم السد عملية متكاملة، حيث أن الإنشاءات الخرسانية والأعمال الميكانيكية في جسم السد تتم خطوة بخطوة مع الملء، كما أوضح أن “مستوى البناء فى جسم السد تقابله مستويات محددة للمياه فى البحيرة، لكن لا يوجد أي تأثيرات تذكر حتى الآن على دولتي المصب لذلك نحن بحاجة إلى التفاوض والجلوس سوياً لدراسة مدى التأثر بخطة التخزين”، قائلاً: “نحتاج أن نتفهم بحكمة عملية الملء التي لا تعني وقف تدفق المياه لدول المصب، فعندما قمنا بتحويل مجرى النهر أثيرت ضجة كبيرة، وتصور البعض أن هذا سيوقف تدفق المياه، وهو ما لم يحدث بل إنها كانت خطوة مرتبطة بإجراءات البناء، ولم تتأثر خلالها تدفقات المياه لدولتي المصب، وشرح فنياً أن التصميمات الفنية للبنية الأساسية لجسم السد بها عدة تقنيات لتنظيم تدفق المياه”، موضحاً أن التدفق سيتم من مخارج المياه وكذلك من منطقة أخرى في جسم السد يصل ارتفاعها إلى 30 متراً مهمتها تنظيم تدفق المياه لدول المصب، لافتاً إلى أن تدفق المياه سيتم قياسه بشكل لا يؤثر على دولتي المصب، قائلا: “فنياً توجد عدة طرق لإدارة القضايا المعقدة المتعلقة بالسد حيث أن ملء السد هو عملية طبيعية، ونحن متفائلون باستراتيجية وخطة الملء التي وضعتها إثيوبيا وكذلك منفتحون للتفاوض ومناقشة كافة السيناريوهات التي سيضعها الاستشاريون وتقترحها دول المصب”، مجدداً تأكيده على أن عملية البناء لن تتوقف.
يذكر أن البند الخامس في اتفاق إعلان المبادئ والذي تطرق له وزير المياه الإثيوبي في حديثه ينص على أن تستخدم الدول الثلاث بروح التعاون، المخرجات النهائية للدراسات المشتركة الموصى بها في تقرير لجنة الخبراء الدولية والمتفق عليها من جانب اللجنة الثلاثية للخبراء، للاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتي ستشمل كافة السيناريوهات المختلفة، بالتوازي مع عملية بناء السد.
سيناريو إثيوبي
من جانبه قال جديون أصفاو رئيس الجانب الإثيوبي في اللجنة الفنية الثلاثية في تصريحات صحفية قبل أيام: إجرائياً كان على الدول الثلاث أن تقدم تعليقاتها على التقرير الاستهلالي عقب تقديمه من الاستشاري، وأي تصحيح يراه الفنيون من الدول الثلاث على أي من النقاط التي يتتضمنها التقرير، مضيفا: “لكن الجانب الفني المصري في اللجنة الفنية لم يقدم هذه التعليقات، وكان طلبنا من الاستشاري ضرروة تعديل التقرير الاستهلالي في نقطة خط الأساس والالتزام بالعقد المرجعية في حسم هذا الخلاف هو العودة إلى نص العقد الموقع مع الاستشاري حول الدراسات”، وتابع: “اقترحنا على مصر في خطاب رسمي لوزير المياه المصري محمد عبد المعطي الجلوس للاتفاق على الملء وسملنا السيناريوهات التي نراها للتخزين، لكننا لم نتلق ردا”، مؤكدا أنه كانت هناك توجيهات جيدة من الرؤساء للجنة الثلاثية للعمل بمبدأ الدولة الواحدة وليس ثلاث دول، والخروج بحلول مبتكرة والتركيز على الملء والتشغيل، والتأكيد على استكمال الدراسات فور الانتهاء من اعتماد التقرير الاستهلالي.
مصر ترفض
علمت (اليوم التالي) من مصادرها بالقاهرة أن الجانب المصري بالفعل تسلم المقترح الإثيوبي بشأن عملية التخزين والذي أشار إليه رئيس الجانب الإثيوبي في اللجنة الفنية الثلاثية في تصريحاته، وأكدت المصادر التي رفضت الإفصاح عن هويتها لـ(اليوم التالي) أن القاهرة لن توافق على المقترح الإثيوبي، مؤكدة أن مصر ملتزمة بالدراسات وأنها السبيل الوحيد للاتفاق على عملية الملء.
ويبقى أن استئناف مفاوضات سد النهضة وتنفيذ تكليف الرؤسا الثلاثة سيعلن في أي وقت، ويبدو ذلك من الحديث حول السد في أديس أبابا بعد أحداثها الأخيرة، ما يدل على أن الأمور تسير هناك بهدوء، وأن القضايا المهمة لإثيوبيا سوف تسير بشكل طبيعي، مثلما مرت أزمة استقالة رئيس الوزراء ديسالين وتعيين بديل له، والمتابعون يرقبون هذا الإعلان في أي لحظة لأن التأخير لن يكون في مصلحة الجميع، كما يرى الخبراء ضرورة أن تسير مياه كثيرة تحت جسر السد في الفترة المقبلة لإحداث مرونة في المفاوضات بتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث تنتهي بتعاون مشهود بعيدا عن الاختلافات التي قد تعصف بأمور كثيرة في المنطقة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة