(سياسات المعادن)

(سياسات المعادن)

أعلنت وزارة المعادن أن البلاد ستوقف تصدير خام كافة المعادن، باستثناء الذهب، خلال العام الجاري، 2018، في خطوة تسعى لتشجيع المستثمرين إلى الاستثمار في المعادن الأخرى غير المستخرجة بالبلاد، واعتبر خبراء أن القرار محفز للصناعة

الوطنية، خصوصا وأن عوائد صادر المعادن غير الذهب لسيت كبيرة، بيد أن آخرون يعتقدون أن اتخاذ هكذا قرار يحتاج إلى امكانيات وطنية لصناعة الخام من أجل تحقيق القيمة المضافة.
(1)
كشف وزير المعادن، هاشم علي سالم، في حوار مع وكالة “سبوتنيك”، أن سياسة السودان للعام 2018 ستتضمن “وقف تصدير جميع خام المعادن بالبلاد عدا الذهب”، مؤكدا أن “العام 2018 هو عام توطين التصنيع المعدني” وأوضح سالم أنه، نظرا لاتجاه معظم المستثمرين السودانيين والأجانب للاستثمار في إنتاج الذهب، لارتفاع سعره والطلب العالمي عليه، فإن بلاده “تدعو المستثمرين للاستثمار في بقية المعادن”، وأضاف سالم أن “السودان مليئ بالمعادن، والمكتشف منها حتى اليوم 400 معدن، لكن المستخرج منها 13 معدنا فقط”، وتابع: “بدأنا في هذا المجال مع ثلاث شركات لتصنيع خامات النحاس والحديد والكروم”، وأضاف الوزير أن تنفيذ ذلك القرار “سيقفل عملية تهريب الذهب بصورة نهائية، وسيكون البيع والشراء خلال هذا السوق بالأسعار العالمية، بما يجذب الدول القريبة من السودان لبيع منتجاتها في هذه البورصة”.
(2)
يعاني السودان من أزمة اقتصادية منذ فقدانه ثلثي وارداته من النفط عقب انفصال جنوب السودان في 2011، وبدأت هذه الأزمة تتفاقم رغم ظهور إنتاج المعادن، وخاصة الذهب، في العام 2012، لكن البلاد واجهتا عقبة تهريب أغلب إنتاج الذهب من المعدنين الأهليين عبر دول الجوار دون مرورها عبر القنوات الرسمية.
وفي السياق وصف الخبير الاقتصادي عبد العظيم المهل، قرار الوزارة بأنه يؤكد على أن مساهمة المعادن الأخرى ضعيفة في الصادرات، وبالتالي فإن الأثر ضعيف على ميزان المدفوعات، ورأى أن القرار لابد أن تتم فيه مراجعة لجميع صادرات المعادن الأخرى، موضحا أن هناك شركات تعمل في المعادن الأخرى ومشكلتها أنها لا توجد عليها رقابة ولا يوجد علم للدولة بكمية الإنتاج وبالتالي لا يوجد علم بنوع الصادر الذي تصدره للخارج، وأشار إلى أن هذه الشركات تعمل في معدن معين وتصدر معادن أخرى ذات قيمة أكبر من الذي تعمل به، وشدد على ضرورة ضبط مثل هذه الشركات وتشديد الرقابة عليها.
ويدعو المهل إلى إلزام الشركات بالعمل في جميع المعادن لتلافي هذه المشكلة، ومنحها بعض الحوافز والامتيازات، للتقليل من واردات (النحاس والحديد والألمونيوم والكلورايد)، مضيفاً أن قرار الإيقاف لابد أن يكون مرهون بزمن معين يتم فيه المراجعة، وبالتالي يتم مرة أخرى فتح الصادر، نسبة وأن البلد في أحوج ما يكون للصادرات لكسب العملة الحرة.
(3)
وعن صادر الذهب يؤكد الخبير الاقتصادي المهل أنه يتم عبر بنك السودان إذا استطاع أن يطرح سعر مجزِ في هذه الحالة يكون عاملا ناجحا في وقف تهريب الذهب، وبالتالي تكون الدولة قد أحكمت قبضتها على انتاج الذهب بشكل كامل، وقال: إذا أنتجنا (110) أطنان فهي كافية لكي يستورد السودان كافة احتياجاته من القمح والأدوية والمشتقات البترولية المختلفة بالإضافة للأشياء الضرورية.
أما الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي فهو يرى أن المبدأ هو أن لا يصدر من الاقتصاد السوداني أي منتج في شكله الخام، نسبة وأن تصنيعه ولو تصنيعا جزئيا يعتبر قيمة مضافة لاقتصاد البلد وينعكس ذلك في أن قيمته في الخارج تكون أفضل من قيمته كخام، فضلا عن كون هذه السياسة الإنتاجية تتيح فرص عمل للمواطنين، وتحرك الاقتصاد في كافة مناحيه. ويضيف الرمادي: قبل منع الصادر ينبغي أن نكون قد جهزنا البنية التحتية الضرورية للصناعة والاستفادة من الخام”، وتساءل: هل لدينا طاقة كهربائية كافية لتصنيع المعادن خاصة وأنه يحتاج لطاقة عالية؟، وهل جهزنا المصانع الضخمة وزادت الاستثمارات المالية العالية لكي نصنع ولو جزئياً؟، مضيفاً: إن إصدار القرارات السريعة دون التجهيز لها بالبنية التحتية نتيجته أن سوف يكون هناك حرمان لخزانة الدولة من عائدات الصادر، داعيا إلى ضرورة تجهيز البنية التحتية ثم السعي في منع صادر أي خام في كل القطاعات، وقال الرمادي: هذا القرار في صادرات الحيوان يمكن تأييده للاستفادة من تصنيع الجلود، كذلك في الصمغ العربي للاستفادة منه في الأدوية ومستحضرات التجميل والمشروبات الغازية.
وأضاف الرمادي: اقتصاد السودان كان أقوى قبل أن يظهر النفط في الجنوب، فقد فقد السودان 75 % من عائدات البلاد نتيجة للانفصال، لكن هذا الأمر فاقم المشكلة معتبرا أن المشكلة الجوهرية ترتبط بسوء إدارة الاقتصاد، والترهل في الإنفاق الحكومي دون حساب، ما أدى إلى أن تحتاج الحكومة إلى مبالغ طائلة وأن تلغي الكثير من الدعومات مما أدى إلى التضخم، مشيرا إلى أن التضخم أفقد العملة الوطنية قيمتها، داعيا إلى عدم استخدام (انفصال الجنوب) شماعة لتعليق كافة مشكلات الاقتصاد عليها، ورأى أنه كان من المفترض أن يتبع السودان منذ 2012م سياسة تقشف صارمة وأن لا نتمدد في الصرف، مشيرا إلى الترهل السياسي المتمثل في عدد الأحزاب السياسية المشاركة في السلطة وحجم المجالس التشريعية، ما أثر سلباً على الاقتصاد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة