(النشاط المعادي)
أم لا؟)، رغم تأكيد ونفي المسؤولين السودانيين المستمر بأنه لا يوجد
إخوان مسلمون بالسودان، إلا أن الحديث عن هذا الموضوع بالقاهرة لم ينته
بعد، في المقابل هناك معارضة سودانية بالقاهرة وجودها مؤكد على عكس وجود
الإخوان في السودان الذي يتأرجح بين النفي والتأكيد.
هل يوجد؟
بداية هل السؤال عن وجود أي عنصر من عناصر الإخوان المسلمين بالسودان أم المقصود القيادات أم الذين طبقت عليهم أحكام وربما فروا للسودان؟، للإجابة عن السؤال أكدت مصادر إخوانية تعيش بالخرطوم أن معظم الموجودين هناك من الطلبة الذين يدرسون في الجامعات السودانية، بالإضافة إلى بعض الأفراد والأسر والتي أتت إلى السودان للعمل، وقالت المصادر ـ التي رفضت الإفصاح عن نفسها ـ في حديث مع (اليوم التالي): أما القيادات فلا توجد قيادات إخوانية بارزة بالخرطوم الآن. لافتة إلى أنه كان هناك القياديان البارزان بالجماعة وهما حلمي الجزار القيادي الإخواني المعروف، وأسامه البحيري محافظ البحيرة السابق ولكنهما غادرا السودان منذ فترة، وأضافت المصادر أما الآن فلا يوجد إلا اثنين من نواب مجلس الشعب المصري السابقين وهما من القيادات الوسيطة وليست البارزة، وكشفت المصادر أن الاثنين يرتبان هذه الأيام للخروج أيضا، وأشارت المصادر إلى الكادر الإخواني توكل مسعود الذي تم القبض عليه في حادثة تفجير شقة أركويت في فبراير من العام الماضي، والتي عثرت فيها الشرطة على قنابل متفجرة داخل الشقة، ورجحت الأخبار المتداولة وقتها أن الشقة كانت مكانا لتصنيع المتفجرات، وأوضحت المصادر أن هذا الكادر كان من الذين انضموا لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وأن السلطات السودانية ألقت القبض عليه بعد حادث أركويت.
تكرار النفي:
على الجانب السوداني ظلت الخرطوم تنفي مرارا وتكرارا أنها تأوي أي إخوان مسلمين بالسودان، وربما كان التأكيد السوداني على عدم استضافة أي نشاط معادٍ للقاهرة، فوجود أي عنصر ينتمي للجماعة غير مدان في مصر لا يمثل مشكلة، ونفى البروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية السوداني وجود أي عناصر تنتمي إلى جماعة (الإخوان المسلمون) في البلاد، وقال إن ذلك يهدف إلى الإساءة إلى السودان، بينما نحن نرغب في أن تمضي علاقاتنا مع مصر في اتجاهها الصحيح، مشيرًا إلى أن هناك تعاوناً وتنسيقاً قوياً بين البلدين في المجال العسكري والأمني.
الاجتماع الرباعي
بعد الاجتماع الرباعي الذي عقد في القاهرة في الثامن من فبراير الماضي بين وزير خارجية ومديري أجهزة الأمن والمخابرات بالبلدين بتكليف من الرئيسين البشير والسيسي لمناقشة القضايا العالقة بين البلدين ورفع تقرير بها للرئيسين، ترددت أنباء على لسان مصادر إخوانية بالسودان نشرت على نطاق واسع بأن الخرطوم وبعد تولي صلاح قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني الجديد منصبه طلبت من الإخوان المسلمين مغادرة أراضيها، استنادا إلى أن اجتماع الرباعي بالقاهرة قد ناقش النشاط المعارض في البلدين، وقالت المصادر إن السلطات السودانية طلبت منهم أن يتخارجوا من تلقاء أنفسهم من البلاد. الخرطوم من جانبها نفت هذا التصريح جملة وتفصيلا وعلمت (اليوم التالي) من مصادر مطلعة بالخرطوم أن مسؤولا سودانيا قد احتج على هذا الخبر، وتحدث إلى صحيفة (الشروق) المصرية نافيا إياه تماما، وقال: دائما نؤكد أنه لا وجود للإخوان على أراضينا فكيف نطردهم الآن؟
من جانبه أكد الدكتور أحمد بلال عثمان أن السودان لا يأوي أي عناصر من جماعة الإخوان، واصفاً التقارير التي تزعم وجود أفراد من التنظيم على الأراضي السودانية بـ”الشائعات السافرة”.
قوائم للمعارضة
السفير عبد المحمود عبد الحليم سفير السودان بالقاهرة والذي عاد إلى مصر بعد استدعاء الخرطوم له فترة بلغت الشهرين (5 يناير حتى 5 مارس) كشف في حديثه لـ(اليوم التالي) أن السودان قدم للقاهرة قائمة بالعناصر المناوئة للسودان المقيمة في مصر وقدم معلومات كاملة بما تقوم به هذه العناصر، مؤكدا في الوقت نفسه أن الخرطوم لا تأوي أي نشاط معاد للقاهرة، معبراً عن أمله في أن تتمكن اللجنة الأمنية من مناقشة هذا الأمر بالتفصيل، مضيفا: اقترحنا على الجانب المصري تكوين قوات مشتركة من الجانبين لحراسة الحدود بيننا على غرار القوات المشتركة بين السودان وتشاد والتي تعد نموذجا يحتذى به في أفريقيا، كما أشاد بها الاتحاد الأفريقي، ولكن الجانب المصري لم يرد على هذا الطلب حتى الآن.
اتهام القاهرة
مصادر سودانية مسؤولة تساءلت: لو كان هناك إخوان بالسودان عليهم أحكام بمصر فلماذا لم تقدم لنا القاهرة قائمة بأسمائهم؟ وقالت المصادر لـ(اليوم التالي): كان يمكن للقاهرة أن تتهمنا بإيواء إرهابيين أو حتى معارضين لها لو قدمت لنا قوائم ولم نسلمها أي عنصر مدان أو عليه أحكام ولكنها لم تفعل، مضيفا أن هذا دليل قاطع على أن السودان لا يوجد فيه أي نشاط معارض تجاه مصر، وتابعت المصادر: طلبنا مرارا من القاهرة تكوين قوات مشتركة لمراقبة الحدود بيننا، ونعتقد أن هذا سيكون في مصلحة مصر كثيرا، إلا أنها لم ترد حتى الآن في صمت أشبه بالرفض، ونوهت المصادر لأن رفض القاهرة لهذه القوات المشتركة يعطي انطباعا بأنها لا تريد وهذا غريب بالنسبة لنا ويحمل تفسيرات كثيرة، منها أنه لا يوجد مهربون مهددون لها من السودان ولا فارون منها للخرطوم إنما لأسباب أخرى.
لا توجد ممارسة واضحة
الدكتور خالد التيجاني رئيس تحرير صحيفة إيلاف والمحلل السياسي يقول لـ(اليوم التالي): ليس معروفا في الفضاء العام السوداني وجود جماعة بعينها من مصر تنتمي للإخوان المسلمين وتمارس نشاطا بأي صورة من الصور يشير لأن لها وجودا في السودان أو أن لها أي وجود حقيقي في البلاد، ولذلك سيكون من باب التكهنات تأكيد أو نفي هذا الوجود أو طبيعته، مشيرا لأن الحكومة السودانية تنفي علانية أي وجود للجماعة بالسودان، لافتا إلى أنه لا توجد ممارسة واضحة كما هو ظاهر في بعض الدول الموجودة بها جماعة الإخوان المسلمين (تركيا – قطر) والتي بها وجود إعلامي إخواني واضح، وقال: لكن في كل الأحوال في مثل هذه الصراعات السياسية بين البلدين عادة ما توجد اتهامات متبادلة عندما تتردى الأوضاع بينهما بأن هناك مجموعة معادية لكل طرف يأويها الطرف الآخر، وتابع: الحكومة السودانية نفسها سبق وأن اتهمت وما زالت تتهم مصر بأنها تأوي جماعات سودانية معارضة، وتم إعلان أنه تم تسليم الجانب المصري قوائم بأسماء المعارضين في مصر تريد منهم أن يغادروا، مشيرا إلى أن هناك أيضا إذاعة (دبنقا) المعارضة تم إيقاف بثها عبر النايل سات، وقال إن مثل هذه المعلومات ذات طابع استخباري وكل طرف يمكنه أن يعرض ما لديه من دلائل على الطرف الآخر، مضيفا أن هذا الملف طالما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الرباعي بين البلدين فسوف يدخل في باب تبادل المعلومات أو المطالب الاستخبارية، مجددا القول بأنه من الصعب إعلاميا تأكيد الحديث عن وجود أو عدم وجود الجماعة بالخرطوم، وهل الوجود فردي أو كتنظيم، ولكن بالتأكيد لا يوجد وجود معلن أو يمارس دورا علانية في السودان.
ملف أمني
على الجانب المصري أجمع معظم المتابعين المصريين للشأن السوداني والذين سألتهم (اليوم التالي) حول الموضوع، على أن وجود إخوان مسلمين بالسودان ملف أمني ومن الصعب إثباته أو نفيه، وقال عدد من خبراء السودان في مصر لـ(اليوم التالي): كل فترة نطالع في الصحف بأن هناك جماعات إرهابية تعترف بأنها تلقت تدريبها في السودان، وعند السؤال بأن مثل هذه الأخبار تتردد مباشرة بعد كل أزمة بين القاهرة والخرطوم فربما يكون ذلك من باب الضغط أو المساومة، وكانت الإجابة أن هذه الاعترافات لا تكون مرسلة ولكنها تحقيقات نيابة وقضاء ومن الصعب التشكيك فيها.
تبادل متهمين
ما يجعل توقع أنه سيتم تبادل استخباراتي بين البلدين حول هذا الموضوع، كبيرا، بالإضافة إلى وقف راديو دبنقا المعارض من بثه على النايل سات، أنه بعد اللقاء الرباعي بالقاهرة مباشرة أعلنت الخارجية السودانية في بيان لها أنها سلمت الخارجية المصرية قبل 10 أيام ثلاثة مواطنين مصريين عند معبر اشكيت – قسطل الحدودي بين البلدين، كان قد تم القبض عليهم في يوليو الماضي في صحراء الولاية الشمالية وبحوزتهم بعض المعدات، وفي توقيت متزامن استلمت السلطات الأمنية الخارجية – وفق بيان الخارجية – من السلطات المصرية ثلاثة مواطنين سودانيين كانت السلطات بمصر قد ألقت القبض عليهم في أغسطس الماضي بعد أن ضلوا طريقهم شمال خط 22 إلى داخل الأراضي المصرية وبحوزتهم عربة.
زيارة مفاجئة
أيضا الزيارة المفاجئة التي قام بها عباس كامل مدير عام المخابرات المصرية إلى الخرطوم أمس الأول والتي التقى فيها الرئيس البشير وصلاح قوش المدير العام لجهاز الأمن الوطني ووزير الدفاع السوداني عوض بن عوف ووزير الخارجية إبراهيم غندور، فبعد عودة السفير السوداني للقاهرة بخمسة أيام فقط أرسلت القاهرة مدير مخابراتها للخرطوم من أجل التنسيق السريع مع السودان في هذا الملف الحساس، وجاءت تصريحات الجانبين أثناء الزيارة مهمة وتؤكد الإرادة السياسية القوية في البلدين لطي ملفات الخلاف وخصوصا الملف الأمني الذي يضبط إيقاع هذه العلاقة ارتفاعا وهبوطا، وما يزيد احتمالات هذه التوقع وجود شخصين كصلاح قوش مدير لجهاز الأمن السوداني والذي يحتفظ بعلاقات جيدة مع القاهرة، وعباس كامل القريب جدا من الرئيس السيسي الذي لديه رغبه أكيدة في علاقات هادئة مع السودان تحمي أمنه القومي من الخلف.
باب مفتوح
على الجانب الآخر أعلنت الخرطوم أنها سلمت قوائم عن المعارضة السودانية وأنشطتها وأماكن وجودها ومكاتبها بالقاهرة، إلا أن السلطات المصرية تؤكد دائما أن القاهرة بابها مفتوح للجميع – ووفق مصادر مصرية – تحدثت لـ(اليوم التالي) بأنه لا يمكن للقاهرة أن تمنع أي عربي وسوداني على وجه الخصوص من دخول أراضيها، وإنها تتعامل مع الجميع على أنهم مواطنون في بلدهم الثاني، كما تؤكد السلطات المصرية أنه لا يمكن أن ينطلق أي نشاط معاد للخرطوم من أراضيها، إلا أن الجانب السوداني دائما في حالة شكوى وطلب مستمر بأن هناك عناصر معارضة سودانية في القاهرة غير مرغوب فيها، وعلمت (اليوم التالي) أن القوائم التي قدمتها الخرطوم للقاهرة تتضمن عناصر من حركات دارفور والجبهة الثورية.
ويبقى السؤال مطروحا لكن بشكل آخر هذه المرة: بعد الاجتماع الرباعي بين البلدين وزيارة عباس كامل للخرطوم والتنسيق الذي بدا واضحا في الملف الأمني بين البلدين، هل سنسمع مرة أخرى عن وجود إخوان مسلمين مصريين بالسودان؟، هل ستستمر الخرطوم في الشكوى من وجود معارضين لها في القاهرة؟
هل يوجد؟
بداية هل السؤال عن وجود أي عنصر من عناصر الإخوان المسلمين بالسودان أم المقصود القيادات أم الذين طبقت عليهم أحكام وربما فروا للسودان؟، للإجابة عن السؤال أكدت مصادر إخوانية تعيش بالخرطوم أن معظم الموجودين هناك من الطلبة الذين يدرسون في الجامعات السودانية، بالإضافة إلى بعض الأفراد والأسر والتي أتت إلى السودان للعمل، وقالت المصادر ـ التي رفضت الإفصاح عن نفسها ـ في حديث مع (اليوم التالي): أما القيادات فلا توجد قيادات إخوانية بارزة بالخرطوم الآن. لافتة إلى أنه كان هناك القياديان البارزان بالجماعة وهما حلمي الجزار القيادي الإخواني المعروف، وأسامه البحيري محافظ البحيرة السابق ولكنهما غادرا السودان منذ فترة، وأضافت المصادر أما الآن فلا يوجد إلا اثنين من نواب مجلس الشعب المصري السابقين وهما من القيادات الوسيطة وليست البارزة، وكشفت المصادر أن الاثنين يرتبان هذه الأيام للخروج أيضا، وأشارت المصادر إلى الكادر الإخواني توكل مسعود الذي تم القبض عليه في حادثة تفجير شقة أركويت في فبراير من العام الماضي، والتي عثرت فيها الشرطة على قنابل متفجرة داخل الشقة، ورجحت الأخبار المتداولة وقتها أن الشقة كانت مكانا لتصنيع المتفجرات، وأوضحت المصادر أن هذا الكادر كان من الذين انضموا لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وأن السلطات السودانية ألقت القبض عليه بعد حادث أركويت.
تكرار النفي:
على الجانب السوداني ظلت الخرطوم تنفي مرارا وتكرارا أنها تأوي أي إخوان مسلمين بالسودان، وربما كان التأكيد السوداني على عدم استضافة أي نشاط معادٍ للقاهرة، فوجود أي عنصر ينتمي للجماعة غير مدان في مصر لا يمثل مشكلة، ونفى البروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية السوداني وجود أي عناصر تنتمي إلى جماعة (الإخوان المسلمون) في البلاد، وقال إن ذلك يهدف إلى الإساءة إلى السودان، بينما نحن نرغب في أن تمضي علاقاتنا مع مصر في اتجاهها الصحيح، مشيرًا إلى أن هناك تعاوناً وتنسيقاً قوياً بين البلدين في المجال العسكري والأمني.
الاجتماع الرباعي
بعد الاجتماع الرباعي الذي عقد في القاهرة في الثامن من فبراير الماضي بين وزير خارجية ومديري أجهزة الأمن والمخابرات بالبلدين بتكليف من الرئيسين البشير والسيسي لمناقشة القضايا العالقة بين البلدين ورفع تقرير بها للرئيسين، ترددت أنباء على لسان مصادر إخوانية بالسودان نشرت على نطاق واسع بأن الخرطوم وبعد تولي صلاح قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني الجديد منصبه طلبت من الإخوان المسلمين مغادرة أراضيها، استنادا إلى أن اجتماع الرباعي بالقاهرة قد ناقش النشاط المعارض في البلدين، وقالت المصادر إن السلطات السودانية طلبت منهم أن يتخارجوا من تلقاء أنفسهم من البلاد. الخرطوم من جانبها نفت هذا التصريح جملة وتفصيلا وعلمت (اليوم التالي) من مصادر مطلعة بالخرطوم أن مسؤولا سودانيا قد احتج على هذا الخبر، وتحدث إلى صحيفة (الشروق) المصرية نافيا إياه تماما، وقال: دائما نؤكد أنه لا وجود للإخوان على أراضينا فكيف نطردهم الآن؟
من جانبه أكد الدكتور أحمد بلال عثمان أن السودان لا يأوي أي عناصر من جماعة الإخوان، واصفاً التقارير التي تزعم وجود أفراد من التنظيم على الأراضي السودانية بـ”الشائعات السافرة”.
قوائم للمعارضة
السفير عبد المحمود عبد الحليم سفير السودان بالقاهرة والذي عاد إلى مصر بعد استدعاء الخرطوم له فترة بلغت الشهرين (5 يناير حتى 5 مارس) كشف في حديثه لـ(اليوم التالي) أن السودان قدم للقاهرة قائمة بالعناصر المناوئة للسودان المقيمة في مصر وقدم معلومات كاملة بما تقوم به هذه العناصر، مؤكدا في الوقت نفسه أن الخرطوم لا تأوي أي نشاط معاد للقاهرة، معبراً عن أمله في أن تتمكن اللجنة الأمنية من مناقشة هذا الأمر بالتفصيل، مضيفا: اقترحنا على الجانب المصري تكوين قوات مشتركة من الجانبين لحراسة الحدود بيننا على غرار القوات المشتركة بين السودان وتشاد والتي تعد نموذجا يحتذى به في أفريقيا، كما أشاد بها الاتحاد الأفريقي، ولكن الجانب المصري لم يرد على هذا الطلب حتى الآن.
اتهام القاهرة
مصادر سودانية مسؤولة تساءلت: لو كان هناك إخوان بالسودان عليهم أحكام بمصر فلماذا لم تقدم لنا القاهرة قائمة بأسمائهم؟ وقالت المصادر لـ(اليوم التالي): كان يمكن للقاهرة أن تتهمنا بإيواء إرهابيين أو حتى معارضين لها لو قدمت لنا قوائم ولم نسلمها أي عنصر مدان أو عليه أحكام ولكنها لم تفعل، مضيفا أن هذا دليل قاطع على أن السودان لا يوجد فيه أي نشاط معارض تجاه مصر، وتابعت المصادر: طلبنا مرارا من القاهرة تكوين قوات مشتركة لمراقبة الحدود بيننا، ونعتقد أن هذا سيكون في مصلحة مصر كثيرا، إلا أنها لم ترد حتى الآن في صمت أشبه بالرفض، ونوهت المصادر لأن رفض القاهرة لهذه القوات المشتركة يعطي انطباعا بأنها لا تريد وهذا غريب بالنسبة لنا ويحمل تفسيرات كثيرة، منها أنه لا يوجد مهربون مهددون لها من السودان ولا فارون منها للخرطوم إنما لأسباب أخرى.
لا توجد ممارسة واضحة
الدكتور خالد التيجاني رئيس تحرير صحيفة إيلاف والمحلل السياسي يقول لـ(اليوم التالي): ليس معروفا في الفضاء العام السوداني وجود جماعة بعينها من مصر تنتمي للإخوان المسلمين وتمارس نشاطا بأي صورة من الصور يشير لأن لها وجودا في السودان أو أن لها أي وجود حقيقي في البلاد، ولذلك سيكون من باب التكهنات تأكيد أو نفي هذا الوجود أو طبيعته، مشيرا لأن الحكومة السودانية تنفي علانية أي وجود للجماعة بالسودان، لافتا إلى أنه لا توجد ممارسة واضحة كما هو ظاهر في بعض الدول الموجودة بها جماعة الإخوان المسلمين (تركيا – قطر) والتي بها وجود إعلامي إخواني واضح، وقال: لكن في كل الأحوال في مثل هذه الصراعات السياسية بين البلدين عادة ما توجد اتهامات متبادلة عندما تتردى الأوضاع بينهما بأن هناك مجموعة معادية لكل طرف يأويها الطرف الآخر، وتابع: الحكومة السودانية نفسها سبق وأن اتهمت وما زالت تتهم مصر بأنها تأوي جماعات سودانية معارضة، وتم إعلان أنه تم تسليم الجانب المصري قوائم بأسماء المعارضين في مصر تريد منهم أن يغادروا، مشيرا إلى أن هناك أيضا إذاعة (دبنقا) المعارضة تم إيقاف بثها عبر النايل سات، وقال إن مثل هذه المعلومات ذات طابع استخباري وكل طرف يمكنه أن يعرض ما لديه من دلائل على الطرف الآخر، مضيفا أن هذا الملف طالما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الرباعي بين البلدين فسوف يدخل في باب تبادل المعلومات أو المطالب الاستخبارية، مجددا القول بأنه من الصعب إعلاميا تأكيد الحديث عن وجود أو عدم وجود الجماعة بالخرطوم، وهل الوجود فردي أو كتنظيم، ولكن بالتأكيد لا يوجد وجود معلن أو يمارس دورا علانية في السودان.
ملف أمني
على الجانب المصري أجمع معظم المتابعين المصريين للشأن السوداني والذين سألتهم (اليوم التالي) حول الموضوع، على أن وجود إخوان مسلمين بالسودان ملف أمني ومن الصعب إثباته أو نفيه، وقال عدد من خبراء السودان في مصر لـ(اليوم التالي): كل فترة نطالع في الصحف بأن هناك جماعات إرهابية تعترف بأنها تلقت تدريبها في السودان، وعند السؤال بأن مثل هذه الأخبار تتردد مباشرة بعد كل أزمة بين القاهرة والخرطوم فربما يكون ذلك من باب الضغط أو المساومة، وكانت الإجابة أن هذه الاعترافات لا تكون مرسلة ولكنها تحقيقات نيابة وقضاء ومن الصعب التشكيك فيها.
تبادل متهمين
ما يجعل توقع أنه سيتم تبادل استخباراتي بين البلدين حول هذا الموضوع، كبيرا، بالإضافة إلى وقف راديو دبنقا المعارض من بثه على النايل سات، أنه بعد اللقاء الرباعي بالقاهرة مباشرة أعلنت الخارجية السودانية في بيان لها أنها سلمت الخارجية المصرية قبل 10 أيام ثلاثة مواطنين مصريين عند معبر اشكيت – قسطل الحدودي بين البلدين، كان قد تم القبض عليهم في يوليو الماضي في صحراء الولاية الشمالية وبحوزتهم بعض المعدات، وفي توقيت متزامن استلمت السلطات الأمنية الخارجية – وفق بيان الخارجية – من السلطات المصرية ثلاثة مواطنين سودانيين كانت السلطات بمصر قد ألقت القبض عليهم في أغسطس الماضي بعد أن ضلوا طريقهم شمال خط 22 إلى داخل الأراضي المصرية وبحوزتهم عربة.
زيارة مفاجئة
أيضا الزيارة المفاجئة التي قام بها عباس كامل مدير عام المخابرات المصرية إلى الخرطوم أمس الأول والتي التقى فيها الرئيس البشير وصلاح قوش المدير العام لجهاز الأمن الوطني ووزير الدفاع السوداني عوض بن عوف ووزير الخارجية إبراهيم غندور، فبعد عودة السفير السوداني للقاهرة بخمسة أيام فقط أرسلت القاهرة مدير مخابراتها للخرطوم من أجل التنسيق السريع مع السودان في هذا الملف الحساس، وجاءت تصريحات الجانبين أثناء الزيارة مهمة وتؤكد الإرادة السياسية القوية في البلدين لطي ملفات الخلاف وخصوصا الملف الأمني الذي يضبط إيقاع هذه العلاقة ارتفاعا وهبوطا، وما يزيد احتمالات هذه التوقع وجود شخصين كصلاح قوش مدير لجهاز الأمن السوداني والذي يحتفظ بعلاقات جيدة مع القاهرة، وعباس كامل القريب جدا من الرئيس السيسي الذي لديه رغبه أكيدة في علاقات هادئة مع السودان تحمي أمنه القومي من الخلف.
باب مفتوح
على الجانب الآخر أعلنت الخرطوم أنها سلمت قوائم عن المعارضة السودانية وأنشطتها وأماكن وجودها ومكاتبها بالقاهرة، إلا أن السلطات المصرية تؤكد دائما أن القاهرة بابها مفتوح للجميع – ووفق مصادر مصرية – تحدثت لـ(اليوم التالي) بأنه لا يمكن للقاهرة أن تمنع أي عربي وسوداني على وجه الخصوص من دخول أراضيها، وإنها تتعامل مع الجميع على أنهم مواطنون في بلدهم الثاني، كما تؤكد السلطات المصرية أنه لا يمكن أن ينطلق أي نشاط معاد للخرطوم من أراضيها، إلا أن الجانب السوداني دائما في حالة شكوى وطلب مستمر بأن هناك عناصر معارضة سودانية في القاهرة غير مرغوب فيها، وعلمت (اليوم التالي) أن القوائم التي قدمتها الخرطوم للقاهرة تتضمن عناصر من حركات دارفور والجبهة الثورية.
ويبقى السؤال مطروحا لكن بشكل آخر هذه المرة: بعد الاجتماع الرباعي بين البلدين وزيارة عباس كامل للخرطوم والتنسيق الذي بدا واضحا في الملف الأمني بين البلدين، هل سنسمع مرة أخرى عن وجود إخوان مسلمين مصريين بالسودان؟، هل ستستمر الخرطوم في الشكوى من وجود معارضين لها في القاهرة؟
تعليقات
إرسال تعليق