ظل وجود الحركات الدارفورية المتمردة في ليبيا وجنوب السودان السودان
مهدداً للامن القومي السوداني وأمن المنطقة بصفه عامة. وبلغ هذا التهديد
اقصاه حينما دخلت مجموعتين في وقت متزامن من ليبيا وجنوب السودان لشمال
وشرق دارفور، ومثلت الإنتهاكات خرقاً واضحاً لوقف اطلاق النار الذي استمر لعدة أشهر.
لم
يكن دخول المجموعتين الى شمال وشرق دارفور من قبيل المصادفة، لجهة أن
احداهما تم دعمها من بعض الجهات في ليبيا والأخرى من جنوب السودان.
تنسيق
المواقف يحمل عدد من الإشارات اهمها ان هنالك جهة ثالثة تولت امر الترتيب
والتنسيق بين المجموعتين، بل أنها ربما حددت ساعة الصفر لإنطلاق هذا
الإعتداء وجر الحكومة الى مربع الحرب مره أخري ، خاصة بعد ان أعلنت في أكثر
من مره خلو ولايات دارفور من المتمردين سوى جيوب صغيرة تتبع لحركة عبد
الواحد.
تجئ انتهاكات الحركات المرتزقة في دارفور في وقت أقر فيه
رئيس مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي وقف على الأوضاع الأمنية بدافور
بتحسن الأوضاع في ولايات دارفور، وأكد وقوف المجلس بقوة مع السودان ودعم
جهود إحلال السلام والاستقرار.
وكانت الحكومة السودانية قد احاطت
وفد مجلس الأمن علماً بآخر التطورات الخاصة بالوضع في دارفور شملت الجوانب
السياسية، الأمنية، الإنسانية بالإضافة لانتشار الشرطة والأجهزة العدلية في
دارفور، وجهودها في مجال نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، واستعراض
التطورات الإيجابية ونجاح عملية الحوار الوطني التي توجت بإعلان حكومة
الوفاق الوطني في السودان ، الامر الذي وجد استحسان وفد المجلس الذي أشاد
بالتحسن الكبير الذي طرأ على مجمل الوضع في دارفور وكذلك بالتعاون الكبير
بين الحكومة والمجلس والدعم والتسهيلات الكبيرة التي تقدمها الحكومة لبعثة
اليوناميد.
لكن يبدو أن حركات دارفور ومن يقفون خلفها قد توجسوا من
قرارت مجلس السلم والأمن الافريقي والتطورات التى حدثت على ارض الواقع في
دارفور الأمر الذي دفعها الى قيادة محاولات لتقويض جهود الحكومة في احلال
السلام بالبلاد.
هدفت الحركات المتمردة من خلال محاولة التسلل التي
قادتها في دارفور الى تحقيق عدد من المكاسب والإهداف، اهمها الحيلولة دون
الرفع الكامل للعقوبات الأمريكية عن السودان والمزمع رفعها بحلول يوليو
المقبل، ويتبين ذلك من خلال رفضها الدائم وعدم التجاوب مع الحلول السلمية
المطروحة عبر المنابر التفاوضية الرسمية منها وغير الرسمية، وكان آخرها
المشاورات غير الرسمية بين الحكومة وحركات دارفور حيث لم تستطع هذه الحركات
تحديد مواقعها بعد أن غادرت دارفور، فالحركات ومن يقفون خلفها محاولة من
خلال محاولتها الأخيرة لإثبات وجودها على أرض الواقع، غير أنها دُحرت على
يد القوات المسلحة التى كانت تراقب عن كثب تلك التحركات من ليبيا وجنوب
السودان.
وظل عدم تحديد مواقع الحركات موقفاً سالباً يؤخذ عليها لدي
المجتمع الدولى الذي وصل على قناعة بعدم وجود للحركات المتمردة على ارض
الواقع بدارفور، بل أن بعض التقارير الدولية التى ادانت سلوك الحركات
المتمردة تحدثت عن ان الموجود من حركات التمرد ليست سوي قيادات تتنقل بين
العواصم الأوروبية والبعض الأخري مليشيات مرتزقة في ليبيا وجنوب السودان.
كثير
من المؤشرات تدل على ان حركة مناوي كانت تسعي للعودة الى دارفور بعد
حصولها على الدعم المادي مقابل قتالها في ليبيا مع قوات خليفة حفتر، وساعدت
المتغيرات الدولية تجاه السودان خاصة التطورات التى حدثت في مجريات
العلاقات بين السودان والولايات المتحدة في أن لا تجد تلك الحركات المتمردة
من يعيرها اهتماما وسط المجتمع الدولي.
وكان لظهور بعض المواقف
السالبة التى بدرت من بعض الدول، التى لم تستبشر برفع العقوبات عن السودان،
محفزاً للحركات للقيام بمحاولة جديدة للعودة إلى المشهد. وليست من
المستغرب أن تكون مثل هذه الدول وراء تلك التحركات. وربما كان لها دور في
التنسيق بين المجموعتين اللتين حاولتا التسلل إلى دارفور.
وليس
ببعيد عن الأذهان تحذير وزير الخارجية ابراهيم غندور حينما أعلنها صراحة
بأن بعض الجهات التى أسماها بـ”عقارب” تعمل على تعطيل صدور قرار أمريكي
برفع العقوبات كلياً عن السودان في يوليو المقبل. ويبدو أن الحكومة كانت
لها نظره بعيدة حيال ممارسات الحركات المتمردة ويتبين ذلك من خلال وصف
غندور حينها اذ قال “جهات وعقارب كثيرة خرجت من جحورها بعضهم سودانيون
وجيران للأسف وبعضهم منا” .
لا شك أن سجل الحركات المتمردة حافل
بالإدانات المحلية والدولية بدءاً بتقارير وزارة الخارجية الأمريكية حول
أوضاع حقوق الإنسان في العالم والذي صنف الحركات المتمردة في دارفور بما
فيها حركة مناوي بأنها إرتكبت جرائم في مواجهة المدنيين ولها سجل حافل
بالتجاوزارت لحقوق الإنسان، كما أن قرار إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة
الجريمة المنظمة رقم (25) والذي حصر الجريمة المنظمة في الإرهاب والإتجار
بالسلاح ومهاجمة البعثات الأممية وتعطيل التنمية وتهريب المخدرات والإختطاف
وطلب الفدية والتجنيد القسري يدين مسلك الحركات المتمردة، لجهة أن جميع
نصوص القرار تنطبق علي الحركات المتمردة من خلال ممارساتها التي تقوم بها
في ليبيا وجنوب السودان.
قطعت الحكومة السودانية الطريق امام
الحركات ومحاولة التسلل حينما سارعت بتنوير سفراء الدول الخمس لمجلس الأمن
الدولي واطلعتهم على وقائع الأحداث وممارسات الحركات.
ممارسات
الحركات المتمردة وخروج عقارب الجوار من جحورها محاولات تسعي الى ادخال
السودان في عهد جديد من الحرب وعدم الإستقرار، لكن في ظل حرص الحكومة على
تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار في دافور والمنطقتين كأحد اهم المسارات الخمس
لرفع العقوبات بشكل نهائي فإن المجتمع الدولى لابد أن يكون لهم دور حاسم في
منع عودة عدم الإستقرار إلى دارفور والسودان كله.
تعليقات
إرسال تعليق