مرض القلب المزمن في الحزب الشيوعي السوداني !

بالطبع ليس سراً أن الحزب الشيوعي السوداني ناقم علي نجاح السودان في المضي قدماً باتجاه رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية عنه وتطبيع علاقاته مع واشنطن.
فالأمر هنا – بالنسبة للحزب الشيوعي السوداني – ليس نابعاً من خطه التقليدي المعادي للولايات المتحدة ومزاعم الامبريالية والرأسمالية، فهذه أمور تخطاها التاريخ منذ أن أنهار الحزب وتلاشي في الاتحاد السوفيتي القديم وأوروبا الشرقية وصار أثراً في متاحف التاريخ والمزارات السياسية القديمة.
الأمر هنا نابع من شعور قاتل يؤلم الحزب الشيوعي السوداني في سويداء فؤاده، جراء نجاح الحكومة السودانية في تخطي الحواجز والعقبات الدولية، وانفتاح الطريق أمامها وكسر طوق العزلة.
من الطبيعي أن يشعر الحزب الشيوعي السوداني بالألم في شريانه التاجي الذي يوشك علي الانسداد تماماً وهو يري خصومه في السلطة ينجحون في إقامة مشروع حوار وطني ويستعيدون علاقات السودان الإقليمية والدولية ويتحول السودان إلي عنصر فاعل محلياً وإقليمياً ودولياً!
وبالمقابل فإن الحزب الشيوعي السوداني فقد كل مهارته التكتيكية في (حث الجماهير علي الثورة)، وسئم من (كتابة الجدران باللون الأحمر) وضاق من طول ليل معارضته وعدم ايفلاج فجر الثورة!! 
ليس ذلك فحسب ولكن الحزب الشيوعي السوداني حول فشله في الساحة السياسية إلي صنف علي عضويته فاستن سنة الفصل التعسفي بقرار من اللجنة المركزية وإنهاء خدمة أعضائه!!
فصل عشرات الأطباء من عضويته، وعشرات من أعضاء لجنته المركزية وللمفارقة المضحكة والمبكية، فإن الحزب الشيوعي السوداني كفي خصومه القتل والقتال حين تولي بنفسه تمزيق ملابسه وقد قميص أعضائه من كل الاتجاهات بلا رحمة، فهو أعطي الدليل القاطع علي أنه حزب غير جدير بالاحترام، يطالب بالديمقراطية ولا يمارسها داخل بيته!!
ينادي بالحريات ويرفعها كقميص عثمان ثم ما يليق أن يكمم ويكتم أنفاس عضويته!! ولن تصدق عزيزنا القارئ قط، إذا قلنا لك أن المخاوف ودرجة الرعب التنظيمي التي بثها الحزب الشيوعي السوداني داخل سياج تنظيمه وبين أعضائه وفرت لخصومه ومناوئيه التاريخيين جهدً خرافياً،  فالحزب الشيوعي السوداني بالمرصاد لأعضائه للدرجة التي وصل فيها الأمر أن الأعضاء إذا تقابلوا في الطريق أو في أي محفل أو مناسبة يتجاهلون بعضهم خوفاً من أن تتربص بهم قيادة الحزب وتتهمهم (بعقد اجتماع غير مشروع) فعلت ذلك من قبل مع الشفيع خضر ورفاقه، وفعلته مع أطباء الحزب! يحظر حظراً باتاً الحديث أو التجمع أو عقد اللقاءات خارج أطر الحزب والويل لمن يخالف!!
حزب بهده الهيمنة العشائرية، والقبضة الستالينية من الطبيعي أن يفقد أعصابه كلما شعر بأن خصومه السياسيين حققوا نجاحات وألاّ أمل لانتفاضه، أو ثورة، أو تظاهرة سياسية، أو عصياناً مدنياً!!
هكذا هي المنظومات السياسية المتكلسة حين يفوتها قطار التاريخ وتجلس علي مقربة قضبان السكة الحديد تحلم بقطار فاخر، تذاكره رخيصة ووجهته بعيدة ومقاعده وثيرة!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة