حوار جنوب السودان

بقلم: فيصل عابدون
على الرغم من أن رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت رفض مشاركة زعيم المتمردين رياك مشار في الحوار الوطني الذي أطلقه منتصف الأسبوع لوضع حد للأزمة السياسية في بلاده، وعلى الرغم من رفض مشار الاعتراف بالحوار ومقاطعته له، إلا
أن مؤشرات عديدة تفتح باب التفاؤل بتقارب ممكن بين الطرفين بعد الحرب الدموية التي خلفت آلاف القتلى وملايين المشردين ومزقت النسيج الاجتماعي في هذا البلد حديث الاستقلال.
ومن بين أهم المؤشرات الدعوة للحوار، والتي أوقفت استمرار تدفق الدم على الجبهات المختلفة ولو بشكل مؤقت، بعد أن أعلنت جوبا وقفاً آحادياً لإطلاق النار بانتظار مشاركة فصائل المعارضة المسلحة في الحوار السلمي. فاللجوء للحل السياسي هو علامة نجاعة الضغوط التي مارسها المجتمع الدولي رداً على الفظائع التي أفرزتها الحرب الإثنية وتراكم الجثث على امتداد خطوط المواجهة العسكرية وتعاظم أعداد اللاجئين الهاربين من القتال. كما أنها تكشف من جانب آخر مدى الإنهاك الذي أصاب الأطراف المتحاربة وحاجتها إلى هدنة واستراحة لالتقاط الأنفاس.
وقال سلفاكير أمام البرلمان «إن الحوار الوطني يمثل منبراً يمكن لشعب جنوب السودان عبره إعادة تعريف الأساس لوحدتهم». وأوضح أن وقف إطلاق النار من جانب واحد سيهيئ بيئة لإجراء حوار شامل ويسهل حركة المعونة الإنسانية إلى المناطق المنكوبة بالمجاعة. وأكد أن الجماعات المعارضة ستعطى فرصة كبيرة في عملية الحوار لكنه أبدى تخوفاً من نشوب صراع جديد في حال عودة زعيم المتمردين، وقال إن مشار يمكن أن يشارك من خلال مفاوضين يمثلونه.
أما المؤشر الآخر الأهم فهو اختيار شخصيات تاريخية تحظى بالاحترام والثقة بين طرفي النزاع وعلى مستوى شعب جنوب السودان المنقسم. فقد اختار الرئيس سلفاكير الخبير القانوني والسياسي السابق ابيل الير بالإضافة إلى الجنرال السابق جوزيف لاقو رئيسين مشتركين للجنة الحوار المكونة من 30 شخصية قومية. ويحظى الرجلان بسجل لا يستهان به في العمل السياسي والعسكري، وقد تناوبا العمل لسنوات طويلة في منصب نائب الرئيس السوداني جعفر نميري بعد توقيع اتفاقية السلام مع متمردي حركة «الانانيا» التي كان يتزعمها لاقو عام 1970.
إن تزعم شخصيات قومية مستقلة الرأي والقرار وذات نفوذ وتأييد داخلي ودولي يشكل ضمانة مهمة للعملية التي تهدف إلى وقف الحرب وتسوية الأزمة السياسية، وفوق كل ذلك التوصل إلى معالجات لحالات الانشطار والتشظي وجسر الهوة بين القبائل المتحاربة وإعادة الثقة بين أبناء الوطن الواحد المهدد بالتقسيم والتفكك على خطوط الفصل القبلي والعشائري. ومع انطلاق الحوار بقيادة الير وشريكه لاقو يبقى باب الأمل مفتوحاً لنجاح يمكن بلوغه.
المصدر: الخليج الاماراتية 25/5/2017م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة