أوضاع غامضة

حزب الأمة القومي توعد حزب الحكومة بتحريك المظاهرات إذا فشل الحوار الذي يجري الآن سراً وجهراً، ونفي الحزب تلقيه لأي أموال من المؤتمر الوطني ولا أطن أن حزب المهدي قادر على تنفيذ هذا التهديد لـ(ظروف) تخصه ولأسباب متعددة بعضها مجهول وبعضها معلوم والبعض الآخر السؤال عنه بدعة .. تحريك الشارع وتعبئة المواطنين وتنظيمهم وإقناعهم بالخروج في مظاهرات واعتصامات بالضرورة يعني الانتفاضة، والانتفاضة أو الثورة تعني إسقاط النظام الحالي، والسؤال هنا هل يستطيع حزب الأمة صبراً على ذهاب هذه الحكومة؟ في كثير من الأوقات يبدو لي أن الصادق المهدي زعيم الحزب حريص على بقاء هذه الحكومة؟
في كثير من الأوقات يبدو لي أن الصادق المهدي زعيم الحزب حريص على بقاء هذه الحكومة أكثر من حرص عناصر بـ(الوطني) عليها .. وآمال إيه.؟؟ فكل ما يريده الصادق المهدي هو أن يعمل النظام على تغيير بعض سياساته لا إسقاطه ولا ذهابه، النظام الحالي يتراءى لي وكأنه بحر والأمة بداخله كسمكة (القرش)، وما يقال عن الصادق المهدي وعلاقته بالمؤتمر الوطني حالياً يمكن أن يقال عن علاقة الحزب الاتحادي الديمقراطي ومولانا الميرغني بالمؤتمر الوطني، وهي علاقة تتسم بالغموض في كثير من الأحيان إلى حد الضباب الكثيف، والترابي الآن نراه يمضي علي ذات الأثر بخطوات متسارعة ولعله (وضع) اختاره الرجل ليكون متأخراً لا متقدماً على أقرانه في دائرة التقارب مع الحكومة، حتى لا يثير غبار الشكوك الموجودة أصلاً.. تحريك الشارع والانتفاضة أسطوانة عزف عليها حزب الترابي كثيراً قبل الوصول لـ(الوضع) الحالي ثم تركها للمهدي، والحقيقة التي تحب أن تمشي عارية هي أن هذا الثلاثي لا يستطيع تحريك الشارع ولا تعبئة جماهير، ولا حتى لديهم الرغبة في تنفيذ تهديداتهم، هم متحالفون مع المؤتمر الوطني ومصالحهم الخاصة مرتبطة باستمرار هذه الحكومة وبقائها، أبناؤهم أصبحوا جزءاً من النظام وتقاربهم على المستوي الشخصي مع المؤتمر الوطني محل خلاف وشكوك بينهم ، وبعض قيادات أحزابهم الذين أذهلهم ذلك الغموض.. ليس عيباً أن يتحالفوا مع حزب الحكومة أو أي حزب آخر لحماية مصالحهم العامة وليست الخاصة، ولا غبار في أن يتوصلوا إلى تسويات لقضايا قومية وليست حزبية أو خاصة، لكن المهم ألا يمارسوا علينا لعبة الخداع البصري التي مللنا مشاهدتها في (الأفلام) الهندية، ليس من مصلحة هذه الأحزاب أن تعارض نهاراً في الصحف، وتوادد ليلاً في الغرف المغلقة، وليس من مصلحتها أن يراها الناس وقد وضعت رجلاً بالمعارضة والأخرى بالحكومة .. للشارع السوداني العريض ذاكرة متقدة، فقطعاً، لن ينسي مواقف هذه الأحزاب إبان رفع الدعم عن المحروقات وضحايا المظاهرات ومباركتها للأمر سراً، فأي شعب هذا الذي ستحركه أحزاب نصفها حكومة والنصف الآخر معارضة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة