العداء الأزلي بين قوي المعارضة السودانية "أحدث نموذج"!

العداء الأزلي بين قوي المعارضة السودانية "أحدث نموذج"!

تكفلت الطبيعة التنافرية المعروفة بين مكونات القوي المعارضة في السودان بإفشال تطلعاتهم الهادفة لاستغلال التظاهرات الأخيرة لصالح إسقاط الحكومة، فالذي يعرف طبيعة مكونات القوي المعارضة السودانية بالضرورة يعرف أنها سريعة التنافر

، سريعة الاختلاف ومن المستحيل أن تلتقي علي توافق ولو في نزر سياسي يسير!
الآن أمامنا ما يطلق علي نفسه تجمع المهنيين، وهو محض جسم ظل يزعم باستمرار – دون دليل مادي- أنه يقود تظاهرات الخرطوم الساعية لإيصال مذكرة إلي القصر تطالب بتنحي الرئيس! طوال الأيام الماضية لم يري أحداً قادة هذا الجسم فضلاً عن معروفة قدراتهم وشمائلهم السياسية من قبل  المواطنين العاديين طالما أنهم بحسبما يزعمون يعملون للصالح الوطني العام!
ومن المؤكد أن كلمة المهنيين هي بالضرورة واسعة النطاق والمنطق يفترض أنهم بالآلاف أن لم يكن بعشرات الآلاف! ولكن مع كل ذلك فحين تجيل النظر  علي امتداد رفعة التظاهرة لن تجد سوي الايفاع من الطلاب والصبية وقليل من الدهماء الذين عادة  ما تروق لهم مثل هذه الأجواء لأهداف تخصهم!! ولكن مع كل ذلك دعونا نتجاوز عن كل ذلك ولنفترض وجود تجمع مهني حقيقي.
هذا التجمع (فوجئ) بظهور كيان يطلق عليه (الجبهة الوطنية للتغيير) وهم بعض الأحزاب الصغيرة التي خرجت من الحوار وخرجت من الحكومة، أو فقدت وجودها داخل الحكومة وأغلبهم من رجال (الصف الثالث والرابع) في هذه الأحزاب.
أشهرهم د.غازي صلاح الدين عن الإصلاح ومبارك الفاضل الذي ينسب إلي حزب  الأمة – مجازاً – حيث لا يعرف أي حزب من أحزاب  الأمة يمثل!! ثم إشراقه سيد محمود من احدي فصائل الاتحادي الديمقراطي ذات السجل الخلافي الحافل والمصطبغ بصيغة جنائية وقانونية كانت حديث العامة في المحاكم وأقسام الشرطة وفي خاتمه المطاف خسرت كل منازعاتها!!
هذا الجسم السياسي تبني مذكرة تطالب الرئيس البشير بالتنحي وتسليم السلطة لمجلس سيادي!! نعم هكذا وبكل بساطة وأريحية طالبت المذكرة بهذا الأمر وفي ذهنها أن الرئيس البشير لا يملك سوي الاستجابة و"مناولة" السلطة لمجلس سيادي لتجلس الجبهة الوطنية من ثم، بعد تمام المهمة وتتفاكر مع الآخرين علي الفترة الانتقالية ومداها الزمني ومن يديرها!! حسناً دعونا لا نقف طويلاً هنا فالذي يهمنا أن تجمع المهنيين انتفض في مواجهة الجبهة الوطنية للتغيير واتهمها بأنها تحاول سرقة مجهوده العملي في ميدان التظاهر واعتبرها  لا تمثل أحداً، وأنها كانت الي وقت قريب جزء من النظام نفسه الذي تطالب بإسقاطه"بمذكرتها" !! وإنها تمتطي الموجه من واقع سعيها للاستفادة من زخم الاحتجاجات!!
وهكذا ففي أول اختبار سقط الجميع وتبين لعامة المواطنين السودانيين مدي ورطته إذا ما ركن إلي أمثال هؤلاء، فهم وقعوا في ذات الخلافات والاختلافات القديمة في التجمع الوطني الديمقراطي في تسعينات القرن الماضي، تشاكسوا وتخالفوا وتخاصموا حتي تركتهم الحركة الشعبية وذهبت إلي نيفاشا وحدها! ثم كرروا ذات المهزلة في ما عرف بالجبهة الثورية التي قبرت قبل سنوات حين رحل عنها من رحل تاركين حركات دارفور والحركة الشعبية شمال وحدهما.
ثم حدث ذات الخلاف في ما عرف بـ"قوي الإجماع" التي رحل عنها الراحلون هاربين من جحيم خلافاتها وخصوماتها، ثم حدث ذات الأمر في نداء السودان، ثم كانت الطامة بالصدام المدوي بين قوي الإجماع علي ضعفها ونداء السودان والسجال الشهير بين أبو عيسي والدقير، وها هو الآن ذات التنافر الأزلي العجيب بين المهنيين وجبهة التغيير! من المؤكد أن أي مواطن سوداني بسيط يستحيل أن يثق في أمثال هؤلاء  ويستحيل أن يسلمهم قياده في يوم من الأيام!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة