أوهام!

بقلم/ محمد حامد جمعة
* نسمع كل يوم ونطالع خبراً جديداً عن موافقة لحركة العدل والمساواة على مشروع السلام والالتحاق به، يسوقها رجل إعلام أو شيخ ما وزعيم عشائري، كل صاحب تجارة صار ناشطاً في الوساطات وأي عمدة له دور في دعوة أولئك المسلحين، وهذا في مظهره العام شعور إيجابي ودور حميد، لكن اللافت فيه أنه نشاط بلا نتيجة، فقبل وساطة رجل الأعمال التي نشرت بالأمس نهض صديق ودعة ومع ثلة من القوم بفعل مماثل تحت مسمي لجنة الاتصال بالحركات انتهي كله إلى تصريحات مماثلة بالموافقة تنفي عادة في اليوم التالي من أحد الأطراف المعنية بالاتصال نفسه!
* أعجب ما أراه في تلك المبادرات والوساطات حيرة تلف المشهد، لماذا توافق الحركات المسلحة بدارفور سواء كانت حركة دكتور جبريل إبراهيم أو مناوي أركوي على وساطة تقدم بها رجل أعمال، مثل هذا الذي قال إنه مقيم في لندن وأنه حاز موافقات أكيدة، ولا أظنها، فقد شهدنا ذات الحركات من اتفاق أبشي قبل ست أو سبع سنوات الى إنجمينا وأبوجا ثم الدوحة وأديس أخيراً وهي تقدم رجلاً وتؤخر أخرى ثم تفر فراراً من السلام الى مصالحها وهي وحتى بعد أن قهرت ميدانياً لا تزال تتمسك بالحرب ولو على صفحات الانترنت وفوق موائد الوسطاء الذين عجزوا جميعاً عن إقناع تلك الحركات أو التأشيرات عليها لصالح وضع البندقية.
* إن الحركات المسلحة في دارفور لا تشكل قوة مؤثرة على الأرض، فبعضها عالق في جنوب كردفان وكثير منها متورط في مشكلة الجنوب وأغلب بقيتها صار قوة تتحول من جبل إلى آخر بشمال دارفور وجبل مرة في انتظار حتفها ولكنها بالمقابل تتجول بأسماء قاداتها في المنابر وهؤلاء كلهم أو أغلبهم صاروا لوردات تجارة وبزنس ولهم أعمال كبيرة ممتدة من جنوب السودان إلى يوغندا والخليج ولن يكون في مصلحة أي منهم أن يترك ذاك النعيم الذي تغذيه أغطية النضال والحرب ضد الحكومة لأنها تمنح صاحبها ميزة التحرك بأكثر من صفة والحصول على أكبر قدر من التسهيلات اللازمة لأعماله ومصالحه والتي قطعاً وحتماً ليس من بينها الموافقة على الجلوس للتفاوض مع الحكومة أو رعاية مصالح الأهالي بالمنطقة المنكوبة.
* إن إعلانات المبادرات المتكررة بشأن موافقات الحركات المسلحة صارت عملية مملة وبلا معني وكأنها منشط علاقات عامة لبعض الباحثيين عن أدوار أو من يزعمون أنهم يملكون ملفات ويديرونها وعلى الحكومة حسم هذه الفوضى فلها مؤسساتها ونوافذها وأذرعها التي يمكن أن تتجه اليها تلك الحركات إن كانت راغبة في السالم حقاً وعلى رجال الأعمال والتجار والشيوخ المحترمين أولئك توفير جهدهم وأموالهم وتصريحاتهم لشيء أكثر فائدة من هذه الأوهام التي يحرصون على نشرها والتبشير بها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة