"المهدي" وسنته في ذم الآخرين..!

بقلم: موسي يعقوب
ما يزال السيد "الصادق المهدي" خارج البلاد ليكمل مهمته غير المعلومة الحدود والواجبات، وهذا شئ يهمه ويهم حزبه، لكن لقاءه مع (العربي الجديد) في القاهرة قبل أيام جاء فيه الكثير الذي لابد من النظر فيه والتعقيب  عليه من باب تصويب المعلومة حتي لا يغرق القارئ في بحر الرأي الواحد والمجروح.
السيد "المهدي" كما درج عليه في ذم الآخر وصف ائتلاف حزبه مع الحزب الاتحادي الديمقراطي في حكومة ما بعد الانتفاضة والديمقراطية الثالثة بأنه )  ائتلاف مع حزب فضل العصبية الحزبية علي الديمقراطية)، وذلك برأيه كان أحدي المشاكل التي – برأيه أيضاً- لم تمنح الفرصة الكافية للحلم.. ومن ثم و"المهدي يتحدث لـ(العربي الجديد) ختم القول بأن (الحزب الحليف لم يكن صادقاً في الائتلاف)..!
ومن طالع ذلك ووقف عليه وهو من (الشهود) ومعاصري المرحلة والتجربة يجد أن العكس هو الصحيح.. وهناك مثالات علي الأقل ينطقان بذلك، ومنهما أن حزب الأمة بزعامة رئيس وزرائه الخاص "المهدي" كان هو المنفرد باتخاذ  القرار، وتذكر هنا:
-        حادثة ترشيح الحزب للأستاذ "أحمد السيد حمد" عضواً لمجلس رأس الدولة وعين "المهدي" وسمي بديلاً له الأستاذ "ميرغني النصري" وهو ليس بعضو في الحزب الاتحادي وإنما كشخصية مستقلة.
-        وقصة وزير التجارة "أبو حريرة" الذي لم يكن "المهدي" لـ(يهضمه) كما يقولون معروفة هي الأخرى.
إلا أن ما كان جديراً بالذكر في تلك العلاقة الائتلافية الحزبية والحكومية  هو ما عبر عنه عشية ما قبل (التغيير) في الثلاثين من يونيو – حزيران 1989م السيد "الشريف زين  العابدين الهندي" الذي قال قولته الشهيرة: هذه الحكومة لو أخذها كلب لما قلنا له (جر)!! أي لما حميناها مما يصيبها ويعتدي عليها.. في إشارة إلي الزهد وعدم الرغبة في ممارسة السلطة الائتلافية مع من لا يرعاها أو يقوم بواجباتها.
ومن ذلك كما تقول الذاكرة لعب السيد "الصادق المهدي" باتفاق (الميرغني – قرنق)، الذي وقف ضده بادئ الأمر ليكسب به الجبهة الإسلامية القومية يومئذ خلفاً للحزب الاتحادي بزعامة "الميرغني " ثم عاد إلي الحزب الاتحادي واليسار في آخر حكومة ديمقراطية كانت الجبهة الإسلامية قد فارقتها.
ثم هرباً من الحقيقة وبعد ذلك كان قد جاء التغيير الإنقاذي، قال "المهدي" لـ(العربي الجديد) وهي تسأله عن عدم تعامله بالجدية مع التغيير وقد وصلت إليه تقارير في ذلك الشأن.. فأجاب بقوله:
لا هذا غير صحيح فقد ناقشنا المعلومات التي وصلت إلينا وقتها بشأن التحرك مع (قادة الجيش) وأكدوا لنا قدرتهم علي حماية النظام الديمقراطي..!
"المهدي" هنا، وقد قال ما قال لـ(العربي الجديد) في ذلك الخصوص، لم يذكر من قريب أو بعيد أن الجيش الذي (زعم) أنه طمأنه علي حماية النظام لم يكن راضياً عن ذلك النظام ورئيس وزرائه ورئيس مجلس دولته.. فالذاكرة تقول: إن الجيش يومئذ وقد كان في حالة حرب مع حركة التمرد كان يشكو قلة العتاد والمعينات والممكنات ولهذا السبب:
-        كانت استقالة السيد وزير الدفاع.
-        وأكبر من ذلك كانت مذكرة القوات المسلحة في 22 فبراير 1989م للسيد رأس الدولة تشكو فيها سوء الحال والمال والمنقلب، وعدم الدعم المادي والمعنوي.
في ضوء ذلك، الذي كان معلوماً للقاصي والداني وأبرزته الصحف، كيف يتجاهله "المهدي" ويلقي بالمسؤولية علي غيره وهو المشكوك في ذمته ودعمه للجيش يومئذ وحسب ما أشرنا إليه علي وجه الدقة والتحديد.
وأنا أتطرق لهذا، وهو بعض ما جاء في مقابلة (العربي الجديد) مع السيد الإمام  زعيم الأمة القومي، أجدني أخرج بـ(المشهد السياسي) اليوم عما جد في الساحة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية في العام الجديد 2015م، لضرورة تصويب المعلومة وإبداء الرأي الآخر.. فقد يجد القارئ في ما تناولت وطرحت ما يستحق، حيث إن تلك الأحداث قد مضي عليها من الوقت ما مضي ولابد من إنعاش الذاكرة في ذلك الخصوص.. ولكل امرئ ما نوى.. والله المستعان.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة