قوات الدعم السريع جداً!!

جاء في أخبار الأمس أن بعثة السودان الدائمة في الأمم المتحدة تمكنت من إفشال محاولات لاستصدار بيان من مجلس الأمن، يقضى بإدانة قوات ما يعرف بقوات «الدعم السريع» علي خلفية مشروع البيان الذي قدمته بريطانيا ودعمته الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفاء لهم في مجلس الأمن الدولي بينهم فرنسا، بعدما سعوا لاستصدار بيان من المجلس متضمنا تحميل تلك القوات مسؤولية ما أسموه حرق القرى والنهب المسلح بدارفور وجنوب كردفان، وطبقاً للمصادر، فإن عدم التوافق بين الأعضاء في مجلس الأمن ألغي صدور البيان، وذلك علي خلفية التحركات التي قادتها بعثة السودان وسط الدول الصديقة وعلي رأسها روسيا والصين ونيجيريا وتشاد، الذين طالبوا بأن يكون البيان متوازنا، ودعوا إلى تعديل النص المتضمن للإدانة واستبداله بآخر يطالب بإعفاء ديون السودان الخارجية ورفع العقوبات الأحادية ودعم مبادرة الحوار الوطني، وشرحت البعثة خلال تحركاتها أن قوات الدعم السريع هي قوات نظامية ترمي للتدخل السريع بهدف التصدي الي الهجمات التي تقوم بها مجموعات التمرد في دارفور.
وهكذا فإن شهرة قوات الدعم السريع لم تعد قاصرة علي المستوي المحلي وإنما قفزت إلي المستوي الدولي وأضابير مجلس الأمن، فمنذ أن بدأت عملياتها وتحركاتها الميدانية في جنوب كردفان وفي دارفور، وقوات الدعم السريع تثير جدلاً في الداخل والخارج بين مؤيد متحمس ومعارض متوجس، وهو جدل يؤشر في أحد أوجهه الي قدرة هذه القوات علي أن تحدث أثراً علي الأرض، وأن القوي الدولية والمحلية التي تدعم التمرد في دارفور يزعجها هذا الأثر وتلك التحركات، للحد الذي اجتهدت فيه أن تصم هذه القوات بأنها وجه آخر لما يعرف بالجنجويد!!
لست هنا بصدد تمجيد قوات الدعم السريع، أو الدفاع عما يمكن أن يكون قد ارتكبه بعض أفرادها من تجاوزات أو انتهاكات خلال العمليات التي خاضوها ضد المتمردين، لكن تستوقفني الحملة التي تقودها دوائر غربية عرفت بنشاطها العلني في مناصرة التمرد في دارفور سياسياً وإعلامياً ضد تلك القوات، للدرجة التي تحاول فيها حشر الموضوع في أضابير مجلس الأمن، وهو ما يؤشر إلي أن الأداء الميداني لتلك القوات في مواجهة التمرد كان ذا أثر واضح، قياساً علي القول السائر: بضدها تتميز الأشياء؛ ‘إذ يصعب علينا أن نصدق أن ما يحرك هؤلاء هو شفقتهم علي إنسان دارفور وعلي المدنيين وما يتعرضون له من انتهاكات؛ وإلا لكانوا سارعوا منذ العام 2010 لإجبار حركات التمرد غير الموقعة علي وثيقة الدوحة علي اللحاق بركب السلام، بدلاً من تقديم المأوي والدعم السياسي والإعلامي لقادتهم وتسهيل تحركاتهم واستقبالهم في العواصم.
غالب الظن عندي أن الحكومة عندما يئست من أي دور يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي في لجم حركات التمرد الدارفورية، التي عطلت مسيرة إنفاذ وثيقة الدوحة لسلام دارفور، قررت أن تواجه المتمردين بذات الأسلوب القتالي الذي يستخدمونه، فأنشأت قوات الدعم السريع، ويبدو أن تلك القوات كانت سريعة جداً في الوصول لعدد من الأهداف العسكرية والسياسية، والله أعلم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة