إعتراضات على الحركة الشعبية قطاع الشمال (1)

بقلم: مكي المغربيلم أختر مصطلح "إنتقادات" إنما "إعتراضات" لأن الإنتقاد يوحي بأن القضية ما زالت في الإطار النظري بينما حاليا هي في السياق العملي وفي حيز التنفيذ إما أن تؤدي إلى سلام السودان وتحول ديموقراطي راشد ووطني وإما أن يستمر الوضع على ما هو عليه.
لقد مزجت هذه الإعتراضات بما استجد من تطورات في مسارات التفاوض والحوار الداخلي والخارجي وما ورد من تصريحات في وسائل الإعلام حتى تكون أقرب للواقع الذي نعايشه ولا تتحول إلى مجرد تحليق فكري فوق القضايا الكلية.
الإعتراضات ... ست نقاط تأتي تباعاً:
1/ في آخر الحوارات مع الأمين العام لقطاع الشمال – الحركة الشعبية الأستاذ ياسر عرمان وفي سؤال عن إمكانية الوصول الى سلام دائم ينهي الحرب في ربوع السودان؟ قال: نعم يمكن ذلك وسيجنب بلادنا شرور كثيرة والوصول الى انهاء الحرب عبر بوابة الحل الشامل من مصلحة السودان ومن مصلحة قوى المعارضة ومن مصلحة المؤتمر الوطني نفسه وهو افضل الخيارات ويخطئ المؤتمر الوطني اذا أوصد هذا الباب فالحركة الاسلامية بجميع تياراتها بعد ما اقترفته يداها الاثامات في حق الشعب السوداني هي صاحبة المصلحة الاولى في الانتقال السلمي والمصالحة القائمة على احقاق الحق وفق ترتيبات انتقالية حقيقية مرض عنها من شعب السودان وعلى راسها انهاء الحرب.
لقد أقحم الأستاذ ياسر عرمان الحديث عن الحركة الإسلامية (بجميع تياراتها!) وعن الأيادي الآثمة وقصد التعميم وتجديد اللغة العدوانية ضد الإسلاميين وهذا ما يدلل على أن الإستثناءات التي يقدمها ياسر في التعامل الإيجابي مع بعض التيارات والقيادات الإسلامية مجرد تكتيتكات مؤقتة للغاية وأن الموقف الأصلي هو إستئصال الطرح الإسلامي جملة وتفصيلا وإختزال مشاكل السودان فيه وهذا ما يشكك في مقدرة ياسر على أن يكون طرفا في  إبرام صفقة وطنية سياسية تشبه "التجربة التونسية". هذا الموقف المتصلب من ياسر يعزز إحدى إتهامين دائما ما يثاران في مواجهته الأول هو إرتهان إرادته لدوائر تختار إستئصال الطرح الإسلامي وليس التعايش معه. والثاني هو تأثر ياسر بمجموعات الناشطين واليساريين والمتساقطين من الحزب الشيوعي السوداني التي تناصره سياسيا وإعلاميا وتنتقده في أي بادرة للتعامل بإيجابية أو حتى بواقعية مع أي تيار إسلامي ولو كان خارج السلطة. وطالما أن ياسر إسير وحبيس لهذه الدوائر أو تلك المجموعات فإنه حديثه عن تحرير السودان لا قيمة له إذ أن فاقد الشيء لا يعطيه.
2/ لم تقدم الحركة الشعبية مشروعا سياسيا جديدا للسودان بعد إنفصال الجنوب ولم تقم بشيء سوى حذف مفردة (قطاع) لتكتفي بمسمى (الحركة الشعبية – الشمال). السودان وجنوب السودان الآن دولتان مستقلتان تتشابهان في بعض المشاكل وتختلفان في بعضها. ومشروع السودان الجديد كان مصمما للسودان الكبير ويحمل تصورا محددا لتوحيده. فشل المشروع في توحيد السودان ولم يتطور قطاع الشمال ليطرح مشروعا وطنيا جديدا. بإستثناء فكرة "الإتحاد السوداني" التي يطرحها الأمين العام ياسر عرمان بوصفه مثقف وسياسي سوداني ويتفادى نسبتها لقطاع الشمال. ولا بد من تنبيه هنا، وهو أن الكفاية بالإطار الفكري النظري لمشروع السودان الجديد (الذي بات مشروعا قديما) وترديد عمومياته لا يعتبر طرحا جديدا.
قطاع الشمال لا يعيش حاليا في العام 2014 إنما في 2010 قبل إنطلاق حملة التصويت للإنفصال بقيادة سدنة وزعماء مشروع السودان الجديد أنفسهم وقبل إنفصال الجنوب وإندلاع الصراعات الإثنية فيه. يعيش على تاريخ مضى وسلف ولا يرغب في التعامل مع الواقع الجديد بطرح جديد ومواقف سياسية جديدة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة