النشـــاط الســياســـي المفــتـوح.. امـتحــان الحريــات

الخرطوم:صلاح مختار:

«بعد أكثر من عشرين عاماً، الحزب الشيوعي السوداني يستطيع الخروج إلى العلن ويقيم ندواته في الهواء الطلق». هذا الحديث المستغرب لواحد من قيادات السياسيين، ليس إنكاراً لقيمة الحرية بقدر ما هو حالة جديدة من الوعي الإنساني لجهة أن الحريات قيمة إنسانية عليا، لا يستطيع أحد منعها للأبد أو رفضها أو حجبها عن الناس. وربما يقول أحد إن الحريات يجب أن تضبط بالقانون، وآخر مثل السلطات الأمنية تطالب بنص القانون والقرار الخاص بإطلاق الحريات السياسية، أن تلتزم الأحزاب بأخذ الإذن أو الإخطار دون الدخول إلى محتوى الحريات، وبالتالي قيمة الحرية في كيفية الممارسة وليس تطبيقها وإنزالها على الأرض وهو حق وليس منحة.
وربما كان ذلك مدخلاً لكثير من القوى السياسية، التي شاركت في ندوة المركز القومي للإنتاج الاعلإمي حول النشاط السياسي المفتوح، ودعم الحوار الوطني الحديث، عن أس القضية التي تبنى عليها الحريات، ويرى القيادي بالاتحادي الأصل محمد المعتصم حاكم، أن دعوة الرئيس مرحب بها، غير أنه أشار إلى أجندة مطروحة لابد من الاتفاق عليها، منها قضية إيقاف الحرب، والاقتصاد، ويرى أن هناك قوة سياسية معتبرة خارج حلبة الحوار لابد من الاتفاق معها أولاً . ويبدو أن كثيراً من القوى السياسية والأحزاب رغم ما أعلنه الرئيس من إطلاق للحريات، تستخدم نظرية البحر « هل من مزيد» وربما يرى أن المدخل إلى تلك القضايا والحلقة المفقودة، الثقة بينها والمؤتمر الوطني. ولذلك يدعو حاكم إلى الجدية في طرح القضايا بشفافية وبحسب وجهة نظره يقول إن هناك «75 » حزباً سياسياً في السودان، صنعها الوطني والشعبي في ظل وجود قوى سياسية حقيقية، وهي الجبهة القومية والأمة القومي والاتحادي الأصل، واعتبر بقية الأحزاب ممولة تمويلاً مباشراً من الوطني قائلاً « بعده ما عايزين أحزاب فكة ». ولكن المؤتمر الوطني في ذلك الاتهام يرى أن الحرية التي أُتيحت للقوى السياسية في إقامة مؤتمراتها وندواتها عقب قرار الرئيس، كفيلة بأن تزيل مع علق من عدم الثقة، والتوجه نحو المشاركة في الحوار. ويقول الناطق الرسمي باسم الحزب ياسر يوسف، إن الحراك السياسي للقوى السياسية ويعني بالتحديد القوى المعارضة للحوار في الفترة الماضية، كاف بأن توضح موقفها في المشاركة في الحوار.  ولكن يعيب جماعة أنصار السنة، حديث الآخرين والتباكي على الديمقراطيات السابقة ويقول محمد أبو زيد مصطفى، النمط الذي عشناه وليد استعماري. وأضاف أن الأحزاب أيام الاستعمار كان همها الأول إخراج المستعمر، ويضيف رغم ما ورثوه من مشاريع كبرى وديمقراطية لم نأت بالبديل حينما رحل الاستعمار عن البلاد. ولذلك يرى في دعوة الرئيس للحوار الوطني مخرجاً من النفق المظلم، واعتبر أول ميزة للحوار الوطني، هو إخراج الهواء الساخن للأحزاب. ودعا في ذلك إلى ضرورة التصالح مع العالم الخارجي، بخصوص الاقتصاد والتبادل التجاري. ودعا الحكومة إلى وقف الحرب، لجهة أن «80 % » من موارد البلاد تذهب هدراً إلى الحرب. بالتالي يرى من الضروري وقف الحرب وعلى الأحزاب أن تمارس الضغط على الحركات المسلحة، لوقف الاقتتال ويرى أن جلوس السودانيين لوحدهم، كفيل بحسم جميع المشاكل. ثمة خيط رفيع بين الحرية والفوضى ورغم ما أحيطت به الحرية من قيمة قدسية إلا أن الإسلام وضع من الضوابط، ما يكفل بممارسة آمنة للحريات، ويرى كثير من الخبراء أن الالتزام بالممارسة السياسية الآمنة، يحتاج إلى ضوابط للحد من تفلت الآخرين، والاعتداء على حرمات الآخرين، الذي يؤدي للوقوع أمام طاولة القانون، ولأن الشرطة هي الجهة الوحيدة المخول لها تطبيق القانون، يقول الناطق الرسمي باسمها اللواء السر عمر أحمد، إن الشرطة تعمل وفق الدستور والقانون، وتعمل بحيادية وأن مهمتها أن لا تقع الجريمة، وتوفير الأمن والاستقرار في المجتمع. ولذلك بدون تدخل الشرطة ستقع المشاكل، ولعل دور الشرطة في المرحلة المقبلة بعد إطلاق الحريات في كيفية تطبيق القانون من خلال النشاط السياسي. ويؤكد السر أن الشرطة بالخرطوم لديها خطط إطارية تتناغم مع الدستور، تتعامل مع أي مهدد أمني، حيث تتعامل مع القرار بحيادية مع كل القوى السياسية، ودعا الأحزاب إلى احترام القانون والسلوك الحضاري في المممارسة السياسية. ودعا كذلك الأحزاب للحصول على الموافقة المسبقة من الشرطة، لمزاولة النشاط السياسي وذلك قبل «48» ساعة أو الإحاطة، مبيناً أن الشرطة تعمل على تأمين وحماية الندوات .
إذاً ما يراه بعض الناس بأنه تقييد للحريات، يراه آخرون أنه ضرورة للحفاظ على الحرية، والكلمة على إطلاقها تحدها حدود وأي أمر يتجاوز الحدود، يعني انتهاك حريات الآخرين، ومثلما لك الحق للآخرين كذلك وبنفس المستوى .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة