التأكيد المغلظ الذي أطلقه الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) بعزمه علي محاربة الفساد والمفسدين، من شأنه أن يؤكد بدوره المسعى الذي ينشده في محاربة الفساد يقوده في ذلك شواهد عديدة حيث أنه كان سباقا في تقديم القضايا مكتملة الأدلة لأجهزة التحقيق والقضاء.وهذه الخطوة تأتي متزامنة مع أجواء الإصلاح الوطني الذي أطلقه الحزب منذ بدايات هذا العام فقد أعلن في البداية وثيقة الإصلاح السياسي وبعدها الحرب علي الفساد.
"يجب ألا نتستر على الفساد، فهو مرض لو تفشى ستكون النهاية، ولكن فى ذات الوقت يجب ألا نأخذ الناس بالشبهات وعلى كل من يدعي بوجود فساد أن يقدم بيناته على ذلك"، هكذا تحدث رئيس الجمهورية عمر البشيرفى لقاء بقطاع طلاب الحزب الحاكم بقاعة الشهيد الزبير، قبل أن يعلن عن إنشاء مفوضية قومية لمكافحة للفساد، معتبرا أن واحدة من المشكلات التى تعتري عمل الجهاز الإداري ما يتعلق بتجاوز اللوائح المحاسبية، ليشدد البشير حينها على ضرورة الالتزام بالإجراءات المتبعة في تسيير أموال الدولة، ومضى أيضا الى ضرورة المراجعة الداخلية داخل الوحدات الإدارية حتى يتم تقليل التجاوزات، لافتا فى ذات الوقت الى أن حوارا واسعا سيجري حول تشكيلها، مؤكدا على أن عضويتها ستكون قومية.
وعندما سئل الرئيس عن الفساد فى السودان وعن أن الإنقاذ لها أكثر من عشرين عاماً بالسلطة.. ولا يمكن أن يكون كل قياداتها أطهار لدرجة ألا يحاكم أحد من قادتها طوال هذه الفترة الطويلة، رد ساخراً:" طيب إذا ما في مفسدين كبار نحن نخلقهم؟!!"، وأضاف البشير فى سياق حديث سابق :أننا درجنا دائماً على اختيار خيار القيادات لذا فمصطلح مفسدين كبار ما بتلقاه، فالإنقاذ مبنية على قواعد وأخلاق الحركة الإسلامية ولها عدد كبير من الكوادر، ففي الموقع الواحد يكون مرشح قرابة ستين قيادي، فمن قبل ثبت أن أحد المحافظين أفسد، في نفس اليوم سحبت منه الحصانة وقدم للمحاكمة ومن ثم سجن فلا كبير على المحاكمة. وقال الرئيس البشير نحن نتحدى أن يكون هناك فساد في أي من مشروعاتنا الضخمة التي نفذناها في البترول واستخراجه ونقله وتصديره وتمريره، أو في مجال البنيات الأساسية من طرق وجسور وسد مروي وتعلية خزان الرصيرص، نتحدى أن يكون هناك موظف عام حصل على عمولة في هذه المشروعات.
وترى قيادات المؤتمر الوطني أن الحكومة فى أعلى مستوياتها لا تدخر جهدا لمكافحة الفساد، وأن الحديث عن الفساد لا يخرج فى كثير من الأحيان من باب الدعاية السياسية وتصفية الحسابات الشخصية.فمن أهم برامج الجمهورية الثانية مكافحة الفساد في البلاد ، ومع ذلك فليس هنالك فساد مؤسسي ،ومن لديه بينة أن يقدمها للرأي العام, وأشار الى أن وجود مفوضية خاصة بالفساد أمر غير مبرر في ظل قيام المراجع العام بدوره في التقصي عن الفساد ويحيل القضايا لوزارة العدل.
عموماً فإن الممطلوب الآن ضرورة محاربة الفساد بوجوهه المتعددة والمختلفة ووضع مزيد من الآليات التي تضبط ظاهرة الفساد بعد تحليل أسبابها ومسبباتها بحسبان أنَّ الفساد يؤثر على التنمية مباشرة فضلاً عن أنه أصبح ظاهرة عالمية وإقليمية لذا على السودان محاولة الإستفادة من بعض التجارب الإقليمية والدولية في محاربة الفساد داخل البلاد وطالب المتحدثون بضرورة توفير المعلومات اللازمة والشفافية الكاملة وتفعيل آليات القانون لكبح سلوك وتصرفات صغار النفوس سواءاً كان مؤسسات أو أفراد.وبحسب التأكيدات الرئاسية فإن المرحلة المقبلة ستشهد “محاربة الفساد وإعلاء مبدأ المحاسبة ضمن منظومة متكاملة من الأجهزة والتشريعات وتأهيل الإعلام لذلك مع توخي الصرامة في ضبط الشائعات”.
تعليقات
إرسال تعليق