الشيوعي.. لا يزال علي مقعد "ضابط الساوند"

بقلم: جمال علي حسن
هل يمكن اعتبار تصريحات الشفيع خضر القيادي باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني والسكرتير العام المتوقع للحزب، هل يمكن اعتبار تصريحاته أول أمس إقراراً صريحاً منه بافتقاد حزبه لعضوية ملتزمة تدفع اشتراكاتها بشكل منتظم لتغطية تكاليف نشاطات الحزب؟
إن الأحزاب السياسية في كل أنحاء الدنيا تعتمد بالأساس علي التمويل الذاتي لها، وبالتالي فإن أكثر الأحزاب قدرة علي تنفيذ برامجها ونشاطاتها بارتياح هي تلك الأحزاب ذات القاعدة الجماهيرية العريضة من العضوية الملتزمة تنظيمياً.
موضوع تعطل نشاطات الحزب في السنوات الماضية بسبب غياب الحريات من المفترض – وعلي العكس تماماً – أن لا يكون حجة تبريرية بل يكون قد جعل الأحزاب التي لم تكن تمارس نشاطاً بسبب المناخ العام هي أغني من تلك التي تستهلك رصيدها  المالي في برامج ونشاطات متواصلة باعتبار أن رسوم العضوية والاشتراكات محفوظة ومتراكمة بلا أي بنود صرف حقيقية لها.. هذا هو المنطق.
ولكن الواقع أن الحزب الشيوعي وبشهادة الشفيع خضر ليس حزباً جماهيرياً لكنه يعتبر أن الشعب السوداني هو الجمهور.. وهذه فكرة غريبة حقاً!!
الحزب الشيوعي  يجب أن يعيد البحث في أسباب بقائه فقط كعود كبريت له مهمة مؤقتة أو مثل (ساوند سيستم) يكبر الصوت للجماهير السودانية لكنه لا يمتلك لنفسه جماهير..!
حزب مثل ضابط (الساوند) في الحفلات لا يغني ويجب أن لا يغني لأن حدوده تتوقف ومهمته تنتهي عند ضبط الساوند وتعلية الصوت وتحريك (التراكات..).
الشفيع خضر قال أن حزبه شكل لجنة لجمع التبرعات من الشعب السوداني لتغطية تكلفة المؤتمر العام السادس للحزب...
لا أفهم كيف يعتمد الحزب علي الشعب السوداني ولا يعتمد علي جماهيره أو عضويته من الشعب السوداني.. هل نحن كلنا شيوعيون مثلاً..؟ لا أفهم بالضبط.. أن أننا ندفع لنحافظ علي المتعة مثل أن يقولوا لكم تبرعوا لنادي كرة قدم حتي يتواصل العطاء والمتعة..؟؟
هل الحزب الشيوعي السوداني صاحب التاريخ  النضالي الطويل يريد أن يقول الآن إنه يعرف موقعه وطبيعة مهمته كجسم  يمتع الجماهير بالهتافات والأشعار فقط وبالتالي يريد أن ندفع  له (شيرينغ) بلا عضوية ونتحمل نحن تكاليف (العداد)..!
لا تقل لي إن  جماهير الشعب السوداني هي جماهير الحزب الشيوعي.. فهذه (صعبة شوية) قل إن الحزب الشيوعي له جماهير تاريخية باقية منذ الأزل.. هذا مقبول ولكن دعني أهمس في أنك وأسألك هل تلك الجماهير ملتزمة تنظيمياً.. وإذا كانت الإجابة نعم فأين اشتراكاتها..؟ لا يدفعون.. لماذا..؟ لأنهم غير منظمين..!!.. هذه إجابات مرتبكة ومتناقضة لكنها هي الإجابة الوحيدة.
نرجو ونتمنى فعلاً أن يشهد المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوداني تعديلات في دستور الحزب وفي مرجعياته النظرية.. نرجو أن يقدم مثقفو الحزب الشيوعي مشروعاً إصلاحياً جريئاً يزيل الاستفهامات الفكرية والسياسية ويسهم في استيعاب الحزب الشيوعي في ساحة المجتمع السياسي السوداني بصفة أفضل من صفة ضابط (الساوند سيستم)..
نرجو ونتمنى أن يتواجه مفكرو الحزب مع واقع التناقضات بين الانتماء والقناعات الفكرية الحقيقية.. نرجو ونتوقع ن ينجح الحزب في تحميل (أب ديت) جديد يقدم بعده نسخة مواكبة فكرياً وسياسياً.
فالهتافات النضالية.. والوجود ضمن أوركسترا الثورات الشعبية ليست هي الغاية أو الفكرة أو الطرح أو المشروع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة