الترابي.. و دور الوسيط بين سلفا ومشار

الخرطوم: فتحية موسى السيد

فشلت كافة المحاولات الدولية والإقليمية، في تقريب وجهات النظر بين طرفي الصراع بدولة جنوب السودان منذ بداية الأزمة. وبالرغم من الجهود الإقليمية المكثفة خاصة من دول الجوار، و خاصة السودان الذي سعى إلى التوسط بينهما، لكن هذه الجهود لم تثمر بنتائج ملموسة فضلاً عن التداعيات الميدانية التي تتكبدها دول الجوار سيما السودان، جرّاء استمرارالمواجهات العسكرية بين مشار وسلفاكير. وفي حديث سابق لدكتور حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي قال إن أحداث جوبا ستلقي بظلاها على الخرطوم قريباً. وأضاف إن الأوضاع في جوبا ستؤثر سلباً على الخرطوم باعتبار أن الجنوب موصول بالشمال، ولا يمكن أن ينفصل اجتماعياً وأمنياً واقتصادياً. دوران رحى الحرب والاقتتال بالجنوب، حدا بالترابي لإجراء اتصال هاتفي برئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت، ونائبه المتمرد رياك مشار وقيادات جنوبية، بغرض رأب الصدع بينهما و إيجاد تسوية سياسية للمشكلة الجنوبية، التي أدت إلى اندلاع الحرب في الدولة الوليدة. هذه المبادرة الهاتفية تطرح تساؤلات مهمة حول إماكنية إجراء مصالحة بين الرجلين ؟ وما مدى قبول شخصية د. الترابي في الجنوب، مع الأخذ في الاعتبار أن الترابي الأب الروحي للمجاهدين، الذين دفع بهم الترابي نفسه في الجنوب قبل المفاصلة؟. في الوقت نفسه السودان يضج بمشاكل وأزمات داخلية لا حصر لها، إذاً من الأجدى للترابي ترتيب البيت الداخلي أولاً، ومن ثم التوجه للخارج، هذا الحال جعل الخبير الإستراتيجي عمر فقيري يُشير، أن الترابي ليس لديه أي قبول في الجنوب إطلاقاً، وذهب فقيري إلى أكثر من ذلك قائلاً لـ«الإنتباهة» بأن الترابي، اتهم الحكومة بسرقة إرادة الشعب كله من خلال تزوير الانتخابات و استفتاء الجنوب. وأكد أن الشريعة تعني العدالة وتوقع أن يصوت مسلمو جنوب السودان لاستقلال الجنوب، لأنهم لو صوتوا للوحدة فهذا يعني أنهم عملاء للشمال، مشيراً إلى«الهوية الاستقلالية لدى الجنوبيين» في الوقت الذي حرّض الترابي الجنوبيين للانفصال، كما أنه توقع إعلان الحكومة في الشمال حرباً على الجنوب بعد الانفصال، و حدوث فتن على الحدود الممتدة من خلال إرسال السلاح وإزكاء صراعات قبلية قديمة.
القيادي بالمؤتمر الوطني د. ربيع عبد العاطي، وصف مساعي الترابي للمصالحة بين طرفي النزاع في دولة الجنوب وطي الخلاف، بأنه يعتبر محمدة لأن كل من يسعى إلى الصلح فهو خير، وتمنى أن يوفق في ذلك، خاصة أن د. الترابي من خلال خبراته التراكمية والفكرية في شتى المجالات، خاصة المجال السياسي قادر على ذلك، وبالرغم من المفاصلة التي حدثت في السابق، إلا أن الترابي يتميز بحنكة وبُعد سياسي ثاقب، وذلك من خلال نظرته لمجريات الأحداث بالساحة السياسية بمنظار له أبعاد عميقة المدى. وأشار عبد العاطي لـ«الإنتباهة»، أن قبول الترابي الجلوس في المائدة المستديرة واستجابته بقبول دعوة الحوار الوطني، يشي أن الرجل أدرك الخطر القادم والمحدق بالبلاد، بالإضافة إلى أن الجنوب ليس بمعزل عن الشمال، وكونه أراد الوفاق بين الفرقاء، ليس في الأمر غضاضة، و ربما قد ينجح فيما فشل فيه الآخرون. مبيناً دائماً وفي أغلب الأحيان تتحول العداوة إلى حميمية والخلفيات السابقة قد يمحوها التاريخ، خاصة إذا كانت النية صادقة وخالصة لله. وليس بالضرورة نجاح د. الترابي في لملمة الشأن الداخلي ومن ثم ينطلق إلى الخارج، ربما ينجح فيما فشل فيه الآخرون. ويجب أن نتفاءل بتلك المبادرة و الخطوة التي خطاها الترابي، والتي حملت في ثناياها الوفاق و وقف الاقتتال، الذي أرهق الجنوب ردحاً من الزمن ودفع المواطن الجنوبي ثمنه باهظاً. في ذات السياق أفاد القيادي بالمؤتمر الشعبي الأستاذ محمد الأمين خليفة لـ«الإنتباهة» قائلاً لا شك أن د. الترابي له الإماكنية في الصلح بين الرجلين، خاصة النظرية التي تشير إلى أنه ليس  في السياسة خصومة دائمة ولا صداقة دائمة، بينما هناك شيء واحد هو المصالح المشتركة، وهذا ما سعى له الترابي من خلال المبادرة خاصة مع الهزات التي تحدث في الجنوب. أما عن المجاهدين الذين دفع بهم، فهو عنصر إيجابي وليس سالباً، أما شخصية الترابي فهو مقبول بين الطرفين سلفا ومشار معاً وهو يعتبر من المحايدين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة