الشيوعي والبعث وأكذوبة الديمقراطية!

من الصعب أن يصدق عاقل -مهما بلغت درجة حسن نيته وطويته- ان أحزاب الشيوعي والبعث على وجه الخصوص من الممكن أن تعيش وتتنفس فى مناخ ديمقراطي أياً كانت مساحة الديمقراطية فيه. إذ أنه وعلاة على ان تجربة الحزبين سواء فى التاريخ الدولي المعاصر أو التاريخ العربي الاقليمي، أو حتى على المستوى المحلي الداخلي لم تكن بغير شوائب ومطاعن ومواقف مخزية، فإن طبيعة التركيبة الفكرية للحزبين تحول دون إمكانية (دمجهما فى المجتمع السياسي الديمقراطي)!
ففي النطاق الدولي يعلم الجميع كيف إنهارت التجربة الشيوعية فى الاتحاد السوفيتي رغم كل ما كانت تمثله هذه التجربة من أنموذج ومثال ظاهرياً؛ ولكن جاء الانهيار المؤلم والمباغت جراء اختلال معروف لا يتسع المجال لذكره فى طيات الفكرة نفسها وهي فكرة لا يختلف إثنان عليها أنها لا تمت بصلة الى الديمقراطية، إذ ان الديمقراطية المتعارف عليها فى العلوم السياسية لا تتفرع الى ديمقراطية مركزية أو دكتاتورية الطبقة العاملة وغيرها من السياقات الفكرية التى تقشعر منها الديمقراطية.
ولم ينس أحد وليس بوسع المخيلة السياسية السودانية أن تنسى ممارسات الحزب الشيوعي السوداني فى مقتبل العهد المايوي فى ممارسات التطهير السياسي والعزل، وتجسيد الممارسة الديمقراطية فى ممارسات قمعية يصعب على الرفاق إنكارها. وكانت ذروة قسوة الحزب الشيوعي ومجافاته فكره وممارسته للديمقراطية مجازر بيت الضيافة الشهيرة حين تملك اليأس قادة انقلاب 1971 الذي وقف وراءه تخطيطاً وتنفيذاً الحزب الشيوعي السوداني، بعد أن ترنح الانقلاب وبات سقوطه محتماً.
قد يزعم الحزب الشيوعي وقد يتستر وراء ممارسات مماثلة لأحزاب وقوى سياسية أخرى ولكن طالما أن الامر كذلك و (الكل في الهوا سوا) كما يقولون فما هي السياقات الاخلاقية التى يستند عليها الحزب الشيوعي السوداني فى الحديث عن قوانين مقيدة للحريات وديمقراطية؟
أما بالنسبة لحزب البعث فإن تجربته فى العراق معروفة وليس بوسع أي منتمٍ لحزب البعث أن يزعم ولو في سياق مغالطات أن نظام الرئيس الراحل صدام حسين كان يمت الى الديمقراطية بصلة! وإذا ما تحجج قادة البعث بأن البعث فى العراق وسوريا شيء، وفى السودان شيء آخر فإن هناك (صلة سياسية وطيدة للغاية) بين البعث فى العراق وسوريا وفى أي قطر عربي لدرجة وجود (اعضاء قيادة قطرية) فى دول اخرى تجمعهم هذه القيادة برفاقهم فى ذينك البلدين! والبعث الآن فى سوريا حدِّث ولا حرج!
إذن من أين يستمد هؤلاء منطلقاتهم الاخلاقية التى تجعلهم بكل هذه (الطهارة السياسية) و (نظافة اليد) واتساع الافق السياسي ليصبحوا (حجر عثرة) أمام حراك السودان السياسي المفضي الى الديمقراطية؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة