أحزاب تعرقل الحوار الوطني!

قال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل إن معظم أحزاب تحالف المعارضة وافقت على الحوار الوطني ما عدا حزبا، الشيوعي والبعث العربي. وحتى هذين الحزين -بحسب الدكتور مصطفي- وردت اشارات ايجابية عديدة للوطني باستعدادهما للحوار غير أن هذه الاشارات لم ترد بعد موثقة ومكتوبة، لكن الوطني ماضٍ فى طريق اقناع هذين الحزبين بالانخراط فى الحوار.
د. مصطفي أورد هذه الاشارات فى معرض تبريره لتأخر عملية الحوار والتى يعتقد الكثير من المراقبين انها عملية شاقة وليست سهلة وتحتاج لكل ساعة ودقيقة، ولهذا فإن أي تأخير أو عراقيل ما تزال جاثمة أمام هذه العملية تعتبر بمثابة عوائق من الضروري التغلب عليها، فمن جانب أول فإن في ذلك دلالة على اهتمام الوطني -بصرف النظر عن أي شيء- بضرورة انخراط الجميع فى الحوار الوطني دون اقصاء أحد، أو التقليل من شأن احد إذ أن البعث والشيوعي ومهما كانت رؤاهما ومواقفهما هما حزبان سودانيان لكل منهما كامل الاحترام ويستحقان استصحابهما فى الحوار.
ومن جانب ثاني، فإن الموقف نفسه يكشف عن أمر قلناه مراراً وتكراراً من أن الحوار السياسي وتحديد رؤية كل حزب وأطروحاته هي قضايا ينفرد بها كل حزب على حدا، إذ من المستحيل ان تجتمع رؤى التحالف -بتطابق تام- فى مثل هذه القضايا لتقطع برأي واحد قاطع، وقد رأينا فى تجربة المصالحة الوطنية فى العام 1977 فى عهد الرئيس الأسبق النميري كيف تفرقت رؤى ومواقف ما كانت تعرف وقتها بالجبهة الوطنية التى كانت تضم أحزاب الامة القومي والاخوان المسلمين والاتحادي، فاقتصرت المصالحة والاستمرار فيها -حينها- على الاتجاه الاسلامي بزعامة الدكتور الترابي والذي اختلفت حركته مع بقية مكونات الجبهة الوطنية؛ هذه هي طبيعة الاشياء فى العمل السياسي، حيث لا وجود لتطابق فى الرؤى والمواقف والتقديرات السياسية مهما كان التحالف قوياً ومتيناً وقائماً على أسس قوية.
ومن جهة ثالثة، فإن أوزان الاحزاب المكونة للتحالف هي الاخرى تلعب دور مهم فى تحديد الرؤى والمواقف إذ ان حزب له ثقل جماهيري كبير، من الصعب أن يرضى بموقف حزب وزنه أقل منه إذ أن ما يعتقِد الحزب الكبير أنه سيخسره إذا ما لم يبادر بالانخراط فى الحوار، يعتقد الحزب الأصغر أنه ليس لديه ما يخسره، فهو أصلاً أقل حظاً ووزناً فما الذي يضيره؟
وهكذا فإن تحالف المعارضة فى الواقع -وبعكس ما قد يبدو على السطح- لم يعد بذات التماسك الذي كان عليه قبل طرح قضية الحوار الوطني، على الرغم من ان ذلك التماسك القديم هو نفسه لم يكن بالقدر المطلوب حيث ظلت الخلافات تضرب التحالف مراراً فى كل كبيرة وصغيرة. ومن ثم فإن حرص الوطني مع كل ذلك على انتزاع موافقة حزبا الشيوعي والبعث على الحوار ينبغي ألا يتعنت فيه هذين الحزبين وألا يتسببا فى إفساد هذا الحراك الكبير.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة