الدوحة والخرطوم!!

بقلم: يوسف عبد المنان
في عتمة ليالي السياسة الخانقة وفجيعة السودان في العرب لم تتخل قطر يوماً عن الخرطوم لا خوفاً من الغرب ولا شحاً بمال دنيا!! وربما لذلك السبب ولطموح القيادة القطرية في الريادة وقيادة المنطقة قد غضب العرب الخليجيون من الدوحة وقيادتها الشابة التي تسمنت الإمارة من خلال عملية سياسية راشدة.. اثبت فيها الأمير حمد زهداً ونقاء وبعد نظر وسعة افق وبصيرة.. حينما انتقلت الإمارة للأمير تميم الذي سار علي درب سلفه!!
وقفت القيادة القطرية مع السودان حينما أعلن مدعي المحكمة الجنائية في لاهاي إصدار مذكرة لتوقيف الرئيس البشير وتسلل الشك حتي لبعض السودانيين ان البشير لن يستطيع مغادرة الخرطوم لأية عاصمة خارجية.. فكانت الدوحة أولي المحطات وبعدها خرج لأركان الدنيا حيت أوروبا وكسرت الدوحة بذلك القيد الوهمي المفروض علي السودان ورئيسه وولجت ساحة المشكلات السودانية باكراً سعت لرتق الجرح والفتق وانشطار التيار الإسلامي حاولت تقريب المسافات بين الترابي والبشير وأصابت شيئاً من النجاح وأخفقت في إعادة لحمة التنظيم المنشطر الي نصفين!!
ثم استضافت في صبر مثل سيدنا أيوب المفاوضات بين الحكومة ومتمردي دارفور ليتمخض جهد ثلاث سنوات من الحوار عن السلطة القائمة الآن.. فأنفقت قطر علي دارفور ضعف ما أنفقه جميع العرب والأعاجم ولا تزال تنفق وتسعي لضم حاملي السلاح من حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان لاتفاق الدوحة الذي خاطب القضية الدارفورية وقدم وصفة علاجية لها ومهما اختلف الناس يتفقون علي ان الدوحة تمثل حلا موضوعياً لمرونة الاتفاق وشموليته !!
ولا تحصي أفعال قطر في زاوية محدودة الكلمات ويكفي مشروعات التنمية الاقتصادية والاستثمارات القطرية في البلاد والسند المعنوي والسياسي الذي حظي به السودان من قبل أشقائه في قطر.
زيارة الأمير تميم لـ "الخرطوم"أمس الأربعاء ولقائه الرئيس عمر البشير جاءت في ظروف بالغة الدقة علي الصعيدين القطري والسوداني فالأشقاء هناك يتعرضون لضغوط كثيفة من بعض دول مجلس التعاون التي أصابتها الغيرة مما تفعل قطر دولياً واقيليماً حيث شجعت الدوحة الشعوب الحرة للانتفاضة علي الأنظمة القديمة ووقفت مع رغبات الجماهير وأشواقها في التغيير لان قطر أول دولة عربية تجدد حكمها بالرضا والقناعة بلا دماء وسجون ودموع وأحزان انتقال للسلطة فيه كل سمات الدولة الحضارية ثم الدور الإقليمي والدولي للدوحة كدولة مفتاحية في المنطقة تحتضن القمم وموعودة بقيام مونديال كرة القدم في ملاعبها مما جلب لها غيرة أبناء العمومة وحسد الأقربين قبل الأبعدين وما سحب السعودية والإمارات لسفرائها من الدوحة الا مظهر لازمة مكتومة في الخليج وحينما يزور الأمير تميم الخرطوم فإن جهات عديدة تتوجس من الزيارة وتعتبر قطر تلعب في ملاعب سياسية غير مسموح لها حتي بالفرجة علي ما يجري في عشبها السياسي ولكن ماذا يفعل هؤلاء إزاء إرادة شعب يقف مع قيادة دولة تحترم خيارات شعوب المنطقة.
شكراً الأمير تميم شرفتنا بـ"الخرطوم" رغم قصر الإقامة ولكن العبرة بالمقاصد والمعاني !!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة