في بيان طريف.. المهدي وعقار يقرران القيام بإنتفاضة سلمية!

قالت إنها تستلهم ذكرى انتفاضة ابريل 1985 توعدت ما يسمى بقوى نداء السودان في بيان حديث صادر عنها الأسبوع الماضي بانتفاضة شعبية عارمة تطيح بنظام الإنقاذ من السلطة. 
البيان الذي بدت فيه بصمات السيد الصادق المهدي وطريقة تعبيره المعروفة واضحة قال إن رفض الحكومة المشاركة في الملتقى التحضيري في أديس أبابا وإصرارها على إقامة الانتخابات العامة لم يترك خيار أمام المعارضة إلا خيار المواجهة عن طريق الانتفاضة السلمية! 
ولا شك عزيزنا القارئ أن هذه السطور التي حملها البيان أثارت دهشتك ولا تود القول أنها تمزج بين الدهشة والكوميديا بحيث تجبرك على الابتسام وهز الرأس استغراباً وأسفاً! فالبيان يلقي باللائمة على الحكومة حيال أمرين: الأمر الأول غيابها عن الملتقى التحضيري في أديس الذي انعقد قبل أيام بإشراف الرئيس أمبيكي. والأمر الثاني الإصرار على إقامة الانتخابات العامة في موعدها! ويؤسس البيان بناء على هذين الأمرين عقوبة رادعة على الحكومة تتمثل في المواجهة عن طريق انتفاضة سلمية! وربما نسيت قوى المعارضة أن الملتقي التحضيري الذي تذرف الدموع لفشله، سبقته جلسات الحوار الوطني والمائدة المستديرة في العاصمة الخرطوم، ففي مائدة الحوار التي انطلقت في ذات المناسبة (السادس من ابريل 2014) كان متاحاً للمهدي وبقية رفاقه طرح رؤاهم والتفاكر في كل شيء، ولكن المهدي -مدفوعاً بمراراته الخاصة- فضل المواجهة من الخارج واختار لنفسه العاصمة المصرية القاهرة ليدير منها انتفاضته السلمية الخاصة. 
كيف لمن ترك مائدة الحوار داخل السودان أن يضع كل آماله وحساباته على مجرد ملتقى تحضيري في عاصمة خارجية؟ وكيف لمن عرف جيداً ذكاء ومهارة خصومه في الحكومة أن يتصور أنهم من الممكن أن يقعوا في شراك خداعية كهذه والعملية الانتخابية دخلت مراحلها الأخيرة الحرجة؟ إن احترمانا الموضوعي لذكاء السيد الصادق المهدي المعروف عنه كسياسي يقتضي منه هو الآخر احترام ذكاء خصومه في الوطني، فلو أن مستوى اللعب السياسي تدنى لهذا الدرك السحيق فإن على السياسة السودانية السلام. 
وبالمقابل أيضاً فإن ذكاء السيد الصادق المهدي كان من المؤمل أن يمنعه من أن يتوقع تأجيل طارئ للعملية الانتخابية لمجرد طلب قوى المعارضة في ملتقى خارجي برعاية الآلية الإفريقية! أما ثالثة الأثافي فهي تتمثل في توقيع كل من السيد الصادق المهدي وبجانبه مالك عقار على البيان! إذ أن الأمر المحير في هذا التوقيع المدهش أن عقار يترأس مجموعة مسلحة تقاتل الحكومة السودانية وشعب السودان منذ سنوات في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وما تزال المواجهة المسلحة حتى هذه اللحظة جارية سواء تمثلت في ما يسمى بالجبهة الثورية أو قطاع الشمال.
كيف يستقيم أن حاملاً للسلاح يتوعد بانتفاضة سلمية؟ من يريد أن يخدع السيد الصادق بأن عقار وهو يحمل السلاح يسعى لانجاز انتفاضة سلمية؟ كما أن السيد الصادق مطالب بالإجابة على سؤال حيوي هام، هل لو استجاب الوطني وحضرَ الملتقى التحضيري كانت ستسقط عنه عقوبة الانتفاضة الشعبية؟ إذن لماذا ترك المهدي مائدة الحوار منذ البداية؟
إن مثل هذه البيانات المضطربة هي أُس بلاء السياسة السودانية في حاضرها البائس؛ زعيم سياسي لحزب عريق يحاول إقناع شعب السودان انه ورفاقه في الحركات الحاملة للسلاح قرروا القيام بانتفاضة سلمية. وأنهم يستلهمون -في سعيهم هذا- ذكرى انتفاضة ابريل 1985م! 
ترى كم ذكرى لانتفاضة ابريل مرت منذ العام 1989 وحتى الآن؟ لماذا فات على المهدي ورفاقه استلهامها منذ سنوات؟ أما الأكثر مدعاة للسخرية والطرافة أن المهدي وعقار يناشدان الشعب السوداني الشروع في الانتفاضة؛ في مسلك شبيه بالمخرج السينمائي في أفلام الآكشن حين يطلب من الممثلين البدء في العمل عند إشارته!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة