خطاب رئيس

بقلم: يوسف عبد المنان 
تنتهي حملات المؤتمر الوطني الانتخابية اليوم بلقاء ينتظر أن يخاطبه مرشحه للرئاسة "عمر حسن أحمد البشير" باستاد  الخرطوم كأخر ولاية بعد جولات بدأت منذ شهر، طاف خلالها الرئيس ولايات السودان البالغ عددها (15) ولاية، تحدث فيها جميعاً  عن المستقبل والحاضر وكيف كان السودان وإلي ماذا صار.. ما هي أسباب نمو الاقتصاد وما هي خطط الحكومة للنهوض بالبلاد!!.
ربما أحصي المقربون  من إعلان القصر عدد الساعات التي تحدث فيها الرئيس، أو ينبغي لهم ذلك وإعداد حزمة الالتزامات التي جاءت علي لسن "البشير" في الولايات، وهي  التزامات سياسية وليست وعوداً  انتخابية جوفاء علي طريقة (سنبني لكم).. وبالنظر إلي مضمون خطابات الرئيس  في كل ولاية، نجده قد تحدث مطولاً في الجزيرة عن المشروع وكيفية النهوض به وخطط  الحكومة للارتقاء بالزراعة في السنوات القادمة.. ولم يغمض "البشير" عينيه عن حقائق الواقع في مشروع الجزيرة، لكنه جهر بكلمة الحق حينما اعترف بتدني  الإنتاج وتدهور اقتصاديات الجزيرة.. وتواجه حكومة ما بعد  الانتخابات التزامات كبيرة نحو مشروع الجزيرة وتوطين القمح والألبان.. والاستفادة من المياه التي وفرتها تعلية خزان الروصيرص بشق ترعتي الرهد وكنانة.. وترتبط قضايا الجزيرة بالزراعة في ولاية كسلا التي كان ينتظر مساهمة سد أعالي نهر عطبرة في زيادة المساحات المزروعة فيها.
وفي حديث  الرئيس بالمنطقتين الملتهبتين بالحرب والصراعات، تعهد بتحقيق السلام في هذا العام حرباً أو سلماً، ولكن خيار الرئيس الشخصي أن يتم السلام من خلال التفاوض لإنهاء معاناة سكان الولايتين النيل الأزرق وجنوب كردفان. 
وبعث خطاب الرئيس الأمل في النفوس بأن معاناة الأهالي التي استمرت لسنوات طويلة في طريقها  للنهاية، وأن حمامات الدم وسنوات النزوح والدموع والأحزان قد غربت شمسها. والحرب لن تؤدي للاستقرار، لكن التفاوض والحل  السياسي هو الطريق الذي ينبغي أن تسلكه الحكومة.. وحري بالمسؤولين في الحكومة وأهالي المنطقتين التمسك بما جاء علي لسان "البشير".
وفي الشمالية ونهر النيل كان خطاب الرئيس ملامساً لقضايا الناس وأشواقهم في زيادة  الإنتاج  الزراعي والحيواني بعد أن وضعت الحكومة (لبنة) النهوض الاقتصادي بتشييد سد مروي الذي جعل كل أراضي الولاية الشمالية في دائرة الأرض المروية..لكن حتي اليوم  الاستفادة من تلك الأراضي قليل جداً والبنية التحتية في الولايتين الشماليتين من طرق ومطارات واستقرار أمني وسياسي يجعل مستقبل الزراعة وسد حاجة السودان من القمح رهيناً بالشمالية ونهر النيل.
وفي دارفور تغيرت لهجة الخطاب السياسي للمؤتمر الوطني وأخذ الرئيس عهداً بتنفيذ (اتفاق الدوحة) الموقع مع الحركات المتمردة، وقال إن ذات الاتفاق  أي (الدوحة) مفتوح  لاستيعاب ما تبقي من الحركات التي تحمل السلاح، وبما أن عمر (اتفاقية الدوحة) قد شارف علي الانتهاء  بحلول يوليو القادم ويفترض إجراء استفتاء لأهل دارفور لتخييرهم ما بين نظام الولايات المتعددة أو الإقليم الواحد، فإن الرئيس بدأ واثقاً جداً من أن السنوات القادمة ستشهد تطوراً كبيراً علي صعيد إنهاء النزاعات القبلية.. والتوصل لاتفاق مع الحركات المتمردة المتبقية... وفي ذات الوقت إعادة دارفور إلي ما كانت عليه قبل سنوات.
إذن نحن أمام فترة رئاسية جديدة، لها التزاماتها المختلفة من السنوات الماضية.. وتعد خطابات الرئيس في الولايات الخمس عشرة لمثابة برنامج للمؤتمر الوطني ينتظر التفعيل ثم التنفيذ الصارم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة